الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من إنتاج الإغاثة الزراعية

ناجح شاهين

2007 / 4 / 13
القضية الفلسطينية


كان فيلما معدا للتصدير. فهو معد باللغة الإنجليزية. وقد شاهده الجمهور في فيلادلفيا دون أية صعوبات، فهو معد بكل المقاييس من أجلهم. ولذلك فلا بد من مشاركة عدد من الإسرائيليين في الفيلم، فهو ما يعطيه مصداقية ويجعله أكثر التصاقا بفكرة الفلسطيني الغلبان المشتاق للسلام والمحتاج للعطف. الوجوه الفلسطينية المشتركة في الفيلم لم تتجاوز مبدئيا وجوه حزب الشعب الذي أنتج الفيلم من ماله الخاص أو من مال الاتحاد الأوروبي لا فرق. كان هناك الدكتور غسان الخطيب الوزير السابق عن حزب الشعب. وكان هناك بشكل واضح اسماعيل دعيق مسؤول الإغاثة الزراعية. تحدثوا باللطف المعتاد عن رغبتهم في السلام وتعنت الإسرائيليين. هنالك شيء لا أعرفه يجعل الضعيف أقل قدرة من القوي على تمثيل دور الضحية. في كل الأحوال كان حضور عكيفا الدار الصحفي بهآرتس وآخرين من "الجانب " الآسرائيلي مفيدا بالفعل في التغطية على الهنات الفلسطينية. لسبب ما كان المواطن الإسرائيلي العادي أكثر تأثرا وأصدق في لهجتها – فهي مستوطنة في إحدى مستوطنات القدس- من الفلسطينيين في وصف معاناة الفلسطيني بالذات. الثورة فن في آخر المطاف وليست لعبة سهلة. الفلسطيني عموما حتى اللحظة لا يستطيع أن يكون طبيعيا امام الكاميرا أو على الأقل لا يستطيع أن يتظاهر بأنه طبيعي. حتى في بيوتنا وفي مناسباتنا الاجتماعية عندما نتصور فنحن في الحقيقة نبتسم على نحو معين ويستطيع عابر الطريق أن يحزر ان هذه ابتسامة مجهزة للتصوير. للأسف ذلك ينطبق حتى على الأشخاص الذين اعتادوا التصوير من شاكلة الدكتور الخطيب والمهندس دعيق.
ما زاد الطين بلة هو أن المشهد الوحيد للآحتجاج كان فيه صحفيون أكثر من المحتجين الذين بدا أنهم كانوا أربعة-صاحب البستان وابنه وشخصان آخران- بعد عمل المنشار لوقت يعلمه الله في قص الأشجار هجم الابن على عمال النشر وهو يقول زيتوني يابا زيتوني يابا. أنقذ الجنود الموقف بحركة غبية حيث ألقوا الشاب أرضا وكبلوه. لولا هذه الحركة لكان الموقف ميلودراما فاشلة مائة بالمائة. عكيفا الدار أسهم جزئيا في انقاذ الموقف بإحالته على مثال جنوب أفريقيا سيء الصيت. ما عدا ذلك الفيلم كان سيئا حتى أنه غير قادر من حيث المبدأ على إثارة عطف أصحاب القضية أعني الفلسطينين.
عندما انتهى العرض كان علي أن أواجه مصيري الرهيب. فقد كان مطلوبا مني ان أدير النقاش وأجيب على أسئلة السادة سواح المعمورة. وقد كانوا بالفعل جمهورا مشاغبا ولا يعجبه العجب.
مستر هل تعتقد أن الجمهور الفلسطيني فقد اهتمامه بالصراع لسبب أو لآخر وأنه أصبح مثل الجمهور الأمريكي جمهورا غير مسيس؟ ماذا أقول لهذا العجوز المشاغب؟ أأقول له إن التبرعات التي ستقدمونها الآن هي السبب وأن آلاف المنظمات الأهلية تتسابق على تعليب الحدث وإرساله إلى الشمال باعتبار أن مركز القرار هو الشمال وأن ما علينا فعله هو إقناع الناس في الشمال بأننا اليهود الجدد وأننا الضحية؟ أليس هذا ما يتم تعبئة رأس المواطن الفلسطيني به طوال الوقت: أن اليهود مثلوا دور الضحية فنالوا الحب والعطف والدولة. إذن علينا إعادة تمثيل المسرحية. ليس هناك من أحد قال للناس إن اليهود كان في معازلهم قرون طويلة لم يحزن عليهم أحد. ليس هنالك من يقول للناس إن الرجل الأبيض لا يفكر في المآسي إلا بقدر ما تؤثر على مصالحه سلبا. كنت على وشك أن أبكي حالة الاستجداء التي ملها الجمهور القليل المتعاطف معنا وتثير سخرية وقرف الجمهور الذي لا يعبأ بنا وتثلج فؤاد الفئات التي لا تريد لنا خيرا.
حاولت أن أقول شيئا معقولا ودخلت ريشل كوري المشهد لتوضيح كيف أن المقاومة المدنية موت مجاني كما يبرهن الاسرائيليون الذين تمر جرائمهم دون تغطية إعلامية-كنت أفكر ولكن أبو اغريب بكل وحشيتها غطيت فماذا كانت النتيجة ؟ وقف جندية عن الخدمة و..- أنقذتني امرأة تمتلئ عيونها بالدموع كأنها ملاك هبط علي من السماء وقالت: هل تعتقد أن مصيركم يمكن أن يصل إلى مستوى مصير سكان هذه البلاد الأصليين – الهنود الحمر- فلمعت قصيدة درويش المأساوية "خطبة الهندي الأحمر ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض في خاطري، وقلت بسرعة فاجأتني قبل أن تفاجئ الجمهور: كلا لا أعتقد ذلك. أظن أن الصحيح أن الأمور وصلت القاع – أم تراني مخطئا؟- بالنسبة للحالة العربية، ولذلك فإن أفضل شيء تعمله اسرائيل من أجلها لا من أجلنا هو أن تصل إلى تسوية في هذه الظروف الممالئة لها بشكل لا مثيل له. غدا، بعد عشرين سنة، ثلاثين سنة لا أعلم قد لا يقبل العرب والفلسطينون ما يقبلونه اليوم. المرأة الحزينة قامت وقبلتني وقالت اسمي "لورا" وأنا أرغب في أن تخبر الناس في فلسطين أنني شخصيا مستعدة لعمل أي شيء من أجل أن لا يصبحوا هنود القرن الجديد.
انهالت على الأسئلة التي لها علاقة بالفيلم والتي ليس لها علاقة به. هل ستنشب حرب أهلية في فلسطين ومن تعتبره مسؤولا عن حالة التوتر بين الفلسطينيين – وكأنما الرجل ملدوغ من تكرار حجة اسرائيل- وأرجوك لا تقل لي إنها اسرائيل و... إذ أنني أفهم وأتفهم أن تريد اسرائيل ذلك وعلي ان أكون مجنونا لأصدق بيرس وهو يتباكي على الصراع الفلسطيني.
آه يا إخوتي في البلاد الصغيرة التي يفصلني عنها بحار ومحيطات، من المسؤول عن ذلك دون ميلودراما ولا رومانسيات؟ لماذا فشلت وتفشل حركة التحرر الوطني الفلسطيني على مدار تاريخها في التوصل إلى ثوابت؟ لماذا كانت الثوابت –حين تكون – مجرد أوراق للمساومة؟
تذكرت الراحل ناجي العلي: إننا شعب الله المحتار يا سيدي. لكن لن أقول لك إن قضيتنا اصعب وان عدونا أقوى وان ظروفنا ليستا ظروف فيتنام فحتى هذه البضاعة التي روجناها زمنا طويلا سحبها من تحت أقدامنا "حزب الله" بمقاومته التي أذهلت العدو قبل الصديق. كلا ليس عندي إجابات لاستعصاء الظرف الذاتي الفلسطيني ربما لدي بعض الكلام عن شراسة الهجمة وقسوة الواقع أما دورنا في اللعبة فليس لدي جواب جاهز عليه ولا بد أننا حقا في حاجة إلى وقفة نظرية بالفعل مع هذا الواقع. أعني أن عملا أكاديميا جادا يجب ان يوجه بذلك الاتجاه وإلا فما نفع دوائر العلوم السياسية من النجاح مرورا ببيرزيت وصولا الي غزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب الجمعية الوطنية الفرنسية.. مفاوضات مرحلة ما بعد الانتخا


.. ما ردود الفعل في أوروبا على نتائج الانتخابات التشريعية في فر




.. حماس تتخلى عن مطلب وقف إطلاق نار دائم كشرط مسبق للتفاوض للإف


.. صور حصرية لحرق مستوطنين شاحنات بضائع ومساعدات في طريقها إلى




.. بسبب القصف الروسي.. دمار كبير في مستشفى الأطفال ومبان سكنية