الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سي السيد...كاتبا

زياد أبوالهيجاء

2007 / 4 / 13
الصحافة والاعلام


وهل هناك أشهر من سي السيد .... بطل ثلاثية نجيب محفوظ , وهو ليس من اختراع الاْديب الكبير , فكل مافعله المبدع أن اكتشف الشخصية , فوضعها تحت المجهر , ثم عرضها فصارت المرآة – الصدمة , لعقود طويلة , يرى فيها العربي ذاته التائهة بين مثاليات سامية و واقع مهشم , فسي السيد , في الرواية وفي الواقع , هو الاْب العربي , وقد منح لمظهره وحركاته وكلامه ومايظهر من سلوكه , كل معاني التدين والاْخلاق الحميدة والاستقامة , بينما وجد مساحة ضيقة لايطالها النظر , ليمارس فيها حقيقة ما ينهش قلبه وعقله .

لابد من الاشارة , بسرور طبعا , الى أن سي السيد في طريقه الى الرحيل عن عالمنا , ليس فقط بشاربيه – الرمز , بل وأيضا بعقلييته ذات الاداء المزدوج , وبانفصامه المريع , مفسحا المجال لشخصية وسيطة , قبل أن تطغى الشخصية المتعولمة , الشفافة , والديمقراطية . الشخصية التي ستظهر في النهاية على أنقاض كم هائل من الرياء والزيف والنفاق الاجتماعي والبلاهة السياسية , وكل مظاهر عصر الانحطاط العربي الذي نعيش , والحمدلله , سنواته الاْخيرة , تفاؤل..؟
نعم , تفاؤل , ليس بحسن النوايا , ولكن بسنن التغيير الطبيعي في الكون , وبثورة الاتصالات التي ستخطف من بيننا شخصية سي السيد , غير المأسوف عليها .
وسي السيد , ليس " العمدة" فقط ..وليس الاْب الحازم , بل انه أيضا , يمارس ,أعمالامختلفة , من ضمنها الكتابة...يكتب المقالات ويزور مواقع الانترنت , ويرتعد اذا انتقده أحد خارج النص... انه يقدم للقراء نصه الرصين , الحريص على أنبل المعاني السياسية والاْخلاقية , فهو مع الوحدة الوطنية والقومية وعابرة القارات ,,,وهو مع الاسلام الذي لايثير نقمة أحد, ومع الثورية التي يتقبلها أكثر الناس خوفا , وهو مع الطهارة والصلاح والاصلاح , يقدم نصا جاهزا للاشتباك , بدون تبعات تذكر , أما ان أشرت الى نفاقه , وفساده ,وعدم انسجام مايكتب مع ماتعرف عنه , فانه يثور طبعا , لاْنك ببساطة , تقول له : قف ياسي السيد !
سي السيد الكاتب , لايرغب في أن يرى أي تعليق أو رد على مايكتب , وهو طامع دائما بثناء قراء لايعرفون سوى نص يرضيهم, وهو يتقن هذه اللعبة , فان كتب لاسلاميين , يبالغ في الصلاة على النبي وفي تعزيز رأيه بماتيسر من الذكر الحكيم , وان كتب لقوميين , فلابأس من ادعاء صلة تاريخية بالفكر القومي والترحم على جمال عبد الناصر وميشيل عفلق , وان كتب ليساريين , نحت ما طاب له من خشب اللغة السوفياتية البائدة ,وبذلك فهو يتميز عن سي السيد في الثلاثية , بقدرته على تقمص أكثر من شخصية وقورة, فهو اسلامي متنور , وقومي معتدل , ويساري بانسانية عالية , وعلماني لايتنكر للدين .
وهو في كل شخصياته التي يعرضها , مترفع عن الصغائر , كبير على جروح اليوم , عصي على اغضاب الاخرين, هو نص وقور فحسب , نص لايرغب من ربطه بغير اسمه , منفصل تماما عن سلوكه , ونفسيته , وأفكاره الحقيقية .
وسي السيد الكاتب في حقيقته , ليس وطنيا , ولاقوميا ولامتدينا ولايساريا , وهو لايوالي ولا يعارض الابقدر مصلحته الشخصية جدا , وهو وان ادعى الزهد في نصوصه , فانما للتغطية على نهم بكل مافي الدنيا من متع لم يهذبها العصر الصناعي , فظلت حبيسة الزراعة البدائية , والتقاليد الحيوانية .
سي السيد الكاتب , ليس شخصا واحدا , وليس نموذجا منعزلا , ولو حدق مئات الكتاب العرب في مرآة الضمير , لوجدوا سي السيد متمددا على مساحتها بوضوح يزعجهم .
سي السيد الكاتب , في طريقه الى الرحيل أيضا , مثل توأمه سي سيد الثلاثية , ذلك أن القراء العرب , يهرولون اليوم بعزم , الى محاسبة من اعتقدوا أنهم الطليعة...والقراء العرب اليوم يقتربون أكثر من دور جديد : انهم كتاب أيضا , بتعليقاتهم القصيرة , وبملاحظتهم , وقد قرأت تعليقا لقارىْ عربي يعلق فيه على مقال لكاتب مشهور , فرأيت في سطوره القليلة جمالا وصدقا , فكأن تعليقه هو المقال ..بل فصل المقال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟