الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-أم الهياكل- بين المعيار المهني والأكاديمي

أحمد زكارنه

2007 / 4 / 14
الصحافة والاعلام


بعد مخاض عسير استغرق سنوات طوال خرجت إلى النور هيكلية هيئة إذاعة وتلفزيون فلسطين.. فمنذ ثلاثة عشر عاما هي عمر السلطة الوطنية الفلسطينية والموظفون ينتظرون على أحر من الجمر هيكلية تنصفهم كعاملين في الحقل الإعلامي، إذ أنهم كانوا ومازالوا يعاملون كموظفين إداريين أسوة بالعاملين في أي وزارة أخرى علما بان طبيعة عملهم تختلف تماما من حيث الشكل والمضمون عن تلك الوظائف العمومية المتعارف عليها، إلا أن الهيكلية وبعد هذه الحقبة أو النقمة الزمنية الطويلة جاءت مجافية لمتطلبات وتطلعات العاملين في حقل الإعلام بكل ما يمثله من خصوصية تميزه عن المهن الأخرى.

المفارقة هنا أن ثمة خلطا حدث وبدا واضحا في إيضاح مفهوم المؤسسات المهنية والأكاديمية ما أوقع القائمين على الهيكلية في شرك التوجه نحو صياغة الهيكلية استنادا إلى معايير تبدو للوهلة الأولى منصفة ومنطقية إلا أنها بالمضمون مجحفة وتبعد كل البعد عن المنطق ربما لبعض العاملين منذ العهد الأول لهذه المؤسسة بكل نجاحاتها وإخفاقاتها، حيث اعتمد المؤهل العلمي كمعيار وظيفي في مؤسسة مهنية بالدرجة الأولى دون النظر إلى عوامل الكفاءة والموهبة والخبرة ما خلق حالة من الضغينة بين زملاء المهنة الواحدة والمنافسة غير الشريفة عبر طرق ملتوية للوصول إلى ما يسمى ﺒ "الدرجة الوظيفية"، عوضا عن المنافسة المهنية.

كان بإمكان القائمين على الهيكلية الصمود على موقفهم المبدئي لتحصيل حقوق كافة العاملين في الحقل الإعلامي على اعتبار أنهم كوارد مهنية لا أكاديمية لتحاشي الدخول في تفصيلات قد تغرق المؤسسة في تنافسات أشبه ما تكون بحلبة المصارعة على تربة رخوة.. عوضا عن بتوجههم نحو تحصيل أكبر قدر ممكن من الترقيات التي أنصفت البعض وأجحفت بآخرين.. وهنا قد يقول قائل إن تمييز العاملين في الإعلام كحالات نادرة بحاجة إلى قرار تشريعي.. نقول حسنا ولكن ما الضير في ذلك؟ انه قد يأخذ وقتا أطول!! نعم ولكن سيكون هو المعيار الأفضل لإنصاف الجميع بلا استثناء، وبما أننا نعمل في ذلك الحقل المؤثر في القرار والمحرك للرأي العام، فبالإمكان لعب الدور اللازم والضاغط حتى يوضع القانون موضع النقاش والإقرار.

ليس في طلب الخصوصية ما يوحي بالخروج عن نص القانون المعمول به في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وعليه يجب علينا عدم النظر للقضية باستحياء، فها هم العاملون في المجال الصحي يطبق عليهم ما تطلق عليه "علاوة المخاطرة" أي أننا لا نطالب بعلاوة تم اختراعها إعلاميا فهذا استحقاق معمول به في كثير من الدول.

هنا تجدر الإشارة إلى أن العمل في الحقل الإعلامي لا يتطلب تخصصا علميا بقدر ما يتطلب كفاءة وخبرة وموهبة عملية إذ أن قيمة الإعلامي لا تقاس بحجم ودرجة شهادته قدر ما تقاس بما يستطيع تقديمه بمهارة وكفاءة.. وهناك ثمة قرائن عدة على مهنية المؤسسات الإعلامية لا على اكاديمتها، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى دون تغييب دور وأهمية المؤهل العلمي الذي إن وجد إلى جانب الموهبة والكفاءة والخبرة يصبح هو المعيار الأفضل.

وحتى يوضع حافز التقدم والإبداع موضع الفعل، فانه يتوجب على هيئة إذاعة وتلفزيون فلسطين و"جريدة الحياة الجديدة" التي ينسحب عليها الحال نفسه والمقاييس ذاتها، التعامل مع قضية الهيكلية وفق مبدأ تحصيل الحقوق المهنية أولا قبل الولوج إلى الترقيات الوظيفية.. فعند حصول الموظف على حقوقه المهنية فانه لن يتنازع المتنازعون على الترقيات الوظيفية بل أكاد أجزم أن الأغلبية ربما لن تنزعج حين يتبوأ من يستحق المنصب الإداري الفعلي وليس الشكلي وهنا بيت القصيد.

اليوم وقد أقرت الهيكلية ومن ثم جمدت لاعتراض البعض ويجري البحث لتفعيلها لاعتراض البعض الآخر المنصف هل سيعمل المسؤولون لتصحيح الأوضاع ورأب الصدع كما وصل إلى مسامعنا، أم سيبقى الوضع على ما هو عليه ليصبح التنافس علي الدرجة هو سمة هذه المؤسسة الرائدة عوضا عن التنافس على الإبداع؟؟؟.. أخيرا أقول إن ما بين المعيار المهني والأكاديمي لأم الهياكل جدير بنا ونحن قادة رأي ألا نكون كمن لا يكرم إلا نفسه ولا يهوى غير ذاته ولا يرجو إلا أمانيه.

بقلم: أحمد زكارنه
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح