الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر ( الزفت ) في زيورخ

نادر قريط

2007 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تزامنا مع قمة العربان في مضارب آل سعود، عقد في زيورخ مؤتمر حقوق أقليات الشرق الأوسط، وذلك بمبادرة وتمويل من منظمة أقباط متحدون( والله أعلم ) وكما ذكر أحد الكتاب، كان الدافع وراء المؤتمر، مقولة شاعرية، قطفها من فم عدلي أبادير، (الأب الروحي للمؤتمر)، الذي قال: نحن هنا كي لاننام على الإسفلت مرة ثانية؟؟ الدافع إذاً هو ( الزفت) أو الوضع العربي الأزفت؟
في الحقيقة لا أنوي التهكم، بقدر ما أريد فتح بوابة النقد، والدخول وطرح المزيد من الأسئلة، فما سمعت وما قرأت من مداخلات وكلمات، أثار شهوة الكتابة، والإستطراد والإسترسال، والسؤال عن البيضة ومن باضها... رغم أن القضية بسيطة، ولاتحتاج إلى تأويل وتطبيل وتهويل وملخصها ..، أن مليونيرا مصريا، (أنعم الله عليه، بوافر فرنكاته) قام بدعوة كوكبة من الكتاب والصحفيين وبعض طويلي اللسان( معظمهم يعيش في الغرب ) لشتم الحالة العربية، والبصاق عليها ما أمكن..وبرأيي ..فالقضية لا تخرج عن كونها معاناة من آثار احتباس ( كلامي) سببته الأنظمة العربية القمعية، لكنه في جوهره نتاج لحضارة الرقميات، التي دفعت الكثيرين للعيش في عوالم افتراضية هلوسية، وبنفس الوقت القبول بحياة طفيلية هامشية في الغرب، مع شعور بالإحباط وعدم القدرة على الإندماج الحقيقي في مجتمعاته !! ومنعا للإلتباس، ارتأيت أن أقدم بعض التصورات، عن مفاهيم الأقلية والهوية والدين وعلاقة ذلك بالتداعيات السياسية الراهنة، وبما يتناسب مع هذه السطور المقتضبة..
من ملاحظتي لأسماء الشخصيات الثقافية المشاركة، لاحظت أن جل الحضور ينتمي (بالضرورة) للأكثرية الناطقة بالعربية، وهذا يستحق التوقف قليلا ، لأهميته القصوى ودلالاته، فالانتماء إلى فضاء لغوي( معرفي وميثولوجي ) مشترك، يعني أيضا انتماء إلى شخصية تاريخية، وأطر مشتركة للهوية ..والأهم برأيي المتواضع، دور اللغة الأم، بإعتبارها الآلة المتيسّرة الوحيدة للتفكير والحرث المعرفي وصياغة الوجدان لأية جماعة الإنسانية. لهذا أجد صعوبة منهجية في تحديد معنى (( أٌقلية )) خصوصا لناطقي العربية من مسيحيي مصر والمشرق العربي والصابئة.. أو حتى أمازيغ المغرب وأكراد العالم العربي، الذين يعتمدون العربية كأداة لتشكيل خطابهم المعرفي ..فكل هؤلاء، هم مكونات جوهرية، لمركب الثقافة العربية ( بالمفهوم الأنطولوجي)..لابل إني أجازف وأقول : بأن الإسلام( التاريخي) ليس نتاج تأملات مجردة لغار مكّة، أو تداعيات لوحي يثرب، بل هو خلاصة لتمظهر وتجليّ تلك الثقافات القبل إسلامية... فالإسلام لم يخترع عقيدته في الربع الخالي؟ ويغزو العالم القديم، ويفرض بداوته ووحشيته بالسيف؟؟ فهو صيرورة، نمت وترعرت على تراث من الطغيان والإستبداد والعبودية السائدة آنذاك، وعلى أدبيات يوشعية توراتية، أمرت باقتحام أرض الآخر، وسفك دمه وقتل كل نفس حيّة( بما فيها البهائم) وسبيّ النساء والأطفال، وإحراق المدن وإبادتها عن بكرة أبيها. ولا بد من التذكير بأن الفاتحين البيض لأمريكا، استمروا في حمل تلك التصورات الدينية اليوشيعية، التي سببت إبادة معظم السكان الأصليين في العالم الجديد.. لذا فمن المفيد جداً أن نفهم روح العصر، الذي نتحدث عنه. مع تقديري أن مجمل التراث الديني، ينتمي إلى عصور أسطورية، اعتمدت الرواية الشفهية، والفانتازيا وما يلهب الخيال، ولم يكن ليحدث خارج مخيّلة الكهنة والكتبة، لكن هذا التراث يعكس بشخوصه الأدبية الملحمية، منظومة القيّم والمعرفة والمعايير التي سادت وقتئذ..
أقصد مما سلف الإشارة إلى بعض متحدثي المؤتمر، الذين أغمضوا عيونهم عن ويلات الحاضر والغزو والقنابل الفوسفورية وترويع الشعوب وتدمير المدن!! ولم يفطنوا إلا لغزوات محمد وأتباعه واستباحتهم( بلاد القبط والسريان والأمازيغ) قبل أربعة عشر قرنا!! والوقوف حدادا على أرواح ( يهود بني قريضة )...هؤلاء الأنفار، ربما تركوا بصمة مهمة في المؤتمر، مع أنهم لاينتمون إلى بيئة الثقافة بإعتبارها إضافة إنسانية إلى الطبيعة البكماء.. هم بسطاء وحمقى وفي أحسن الأحوال من عصابيي الإنترنت، الذين (يفكرون أنهم يفكرون).. فتراهم يرددون نفس (اللا) منطق السلفي الأصولي، الذي يحتكم وينقاد كالأعمى وراء مدوّنات أسطورية وعصور متخيّلة، اعتمدت الميتاتاريخ، وتسليم العقول إلى أحداث متخيّلة، ثم النقل عنها حرفيا، كما لوأنها حقيقة وقعت فعلا؟؟

أما الدلالات والمعطيات السياسية، فقد أثارت بدورها المزيد من الشكوك، والتوجسات، وفضحت كثيرا من النوايا المتلبسة..فوجود العنصري الصهيوني مردخاي نسيم( الذي يطالب بطرد الفلسطينين من الضفة والقطاع) وردود الفعل التي أثارها، وبرغم إحتجاج الكاتب ( أحمد أبو مطر ) وآخرين.وسحب كلمته من البروتوكول، إلا أن تبرير وجوده في المؤتمر( تحت ذريعة إبلاغه رسالة رفض للسياسات الإسرائيلية) هي لطمة كبيرة، لنضال ( الأقليات ) التاريخي ودورها الرائد، في مرحلة التنوير والحداثة العربية، وتلويث سمعتها بألصاق تهمة العمالة والسفالة بها...لأن نفس الذريعة يمكن استخدامها، في دعوة الظواهري أو ملا عمر، أوغيرهم من العاهات البشرية... وربما يكون الدور الذي لعبه الكاتب شاكر النابلسي (مقرر المؤتمر) ، الدور المهم في إختناق المشهد العام للمؤتمر، لكونه أحد المثقفين (الوطنيين)، الذين يدينون بالولاء المطلق، لوطنه الجديد أمريكا، ولسياساتها العدوانية، وتحقيق مصالحها القومية، وهذا ليس سرا، إذ يمكن قراءة ذلك في معظم مقالاته، التي يبثها في فضاء الإنترنت!! وربما تكون التجربة العراقية، بعيد الإحتلال، والتي نقلت عددا غفيرا من عاهات مقاهي لندن، وصعاليك المنفى، إلى سدة الحكم.. قد فتحت شهية الكثيرين وأسالت لعابهم، للسير على خطى الربيعي والجلبي وصولاغ وغيرهم، من أبطال إمارات الخراب والجثث المجهولة الهوية..
ملاحظة :عندما يتلفظ المرء في أوروبا بكلمة (أقلية)يتبادر إلى الذهن فورا، الملونين والمهاجرين ( عرب أتراك...) لذا استغرب أن يجتمع مؤتمر الأقليات في زيورخ دون دعوة الأقليات (الحقيقية)، وهي جيوش مليونية من الخادمات والعمال الآسيويين، الذين يعانون أشد أنواع التمييز العرقي والديني، وأحيانا يرزحون( في دول عربية عديدة) تحت نير الرق والاستعباد القروسطي...فإلى هؤلاء، أخوتي في الإنسانية..أقول سلاما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ