الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا . . . أيها الطائر الجنوبي الجريح - كمال سبتي

أحمد الشحماني

2007 / 4 / 15
الادب والفن


هكذا هي الكلمات تقف عاجزة في رثاءك . . . ماذا تقول فيك وكيف ترثيك؟!!
عذراَ فالكلمات ما عادت تليق برثاء الفرسان , ومثلها تخرس الشفاه خجلاً وتتلاشى من قاموس الذاكرة كل المفردات , فيتشظى القلب في لواعجه لوعة وحنين كأنه بركان تناثرت من اعماقه آلاف الأموات .
ها نحن مثلك مقيدون بالأوجاع والآهات , وها هو رماد العمر المتبقي ينبش فينا كل الذكريات , فماذا يغني المغني وقد ملأ الدمع كل الدواة . . .

رحيلك كان بداية لنهاية . . . رحيل مهاجر لم يذق في حياته الا طعم السفر وكأساَ من الآلام . . . لم ينم على وسادة الا وكان العراق جرحاَ يرديه ثملاَ بالأحزان , لم تغفو في عينيه ألا فراشات الأهل والأصدقاء , لم يتناول شيئاَ من الطعام الا وجوع العراق يقطع اوصاله بسكاكين الحسرة. . . لم يتأمل لوحة الا وكان العراق مشهده الأول . . .
لم يكتب شيئاَ ألا وكان الوطن قصديته الكبرى الحبلى بالآهات والزفرات ودمعه الساخن الذي طالما انشد له عصارة فكره وتوجه في كل المحافل .

رحيلك يا كمال . . . رحيل مهاجر بكته مدن الغربة قبل أن تبكيه مدن العراق , وتحسست عذاباته وهواجسه وأمنياته محطات المنفى قبل محطات الوطن الجريح .

رحيلك يا كمال . . . يذّكرنا جميعاَ بيوم سفرك المفاجيء الى بلاد المنفى , دون وداع ولا أستئذان ولا حتى قبلة على الخد . . . انه رحيل النوارس الى شواطيء أخرى , الى مدن أخرى , الى قارة أخرى بحثا عن مسطحات من المياه الصافية والهادئه , بعيدا عن عبث الصيادين . . .

رحيلك يا كمال . . . بداية انكسار , فكم كنا نحلم ان تعود الى شواطيء الوطن , الى سومرية الجنوب , الى مدينة صباك وعشقك الاول (الناصرية) لتعانق اوتار قصائدك الحان هواها وتستفيء بعطر ظفائرها , ولكن ابت السماء أن لا تتم حلمنا الا بأنكسار وتشظي ونزيف وبكاء. . .
هكذا ياكمال زحفت جيوش القدر لتسرقك وأنت في المنفى فلم تجدي نفعا جيوش قصاءدك ولم تصمد ابدا بوجه جيوش القدر . . .

هاهي طيور روحك المتعبة تهاجر معك لستريح من دورانها ومن رحلة العذاب في فضاء الغربة بعدما انهكها السفر وهي تبحث عن أيكة تستفيء بها.

وها هي قصائدك واوراقك وكتبك وملفاتك الشخصية تقيم لك حفلا تأبينياَ وتدعو بهذه المناسبة كل عشاق الكلمة الصادقة وكل المغتربين في بلاد المنفى المشاركة في التأبين.

وداعا وداعا أيها الطائر الجنوبي الجريح . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك