الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة البحث عن رجل السلام.

أمياي عبد المجيد

2007 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


جرت العادة أن يتحمس العرب لأي مشروع أو تصور سياسي لقضية معينة ينبع من إجماعهم على ضرورة إنجازه وإخراجه إلى حيز الوجود ولعل مبادرة السلام التي أطلقت في قمة بيروت عام 2002 والتي أعادت قمة الرياض مؤخرا التأكيد عليها أكثر المشاريع العربية أو دعونا نقول أكثر الحلول التي حظيت بإجماع بشأن تقديمها لمعايير صريحة تمكن من فض الصراع العربي الإسرائيلي من جهة ،والإسرائيلي الفلسطيني من جهة أخرى .
يجب أن نكون صريحين فهذه المبادرة أخر شيء يمكن للعرب تقديمه ، ولا أعتقد أن هناك ما يستحق الانتظار من قبل الجانب الإسرائيلي لتعميق الرؤية، والدراسة اللازمتين للأخذ بهذه المبادرة وجعلها على الأقل أساس قاعدة للتفاوض ، ولكن هذا ما لم يحصل لحد الساعة بل على العكس ، تصريحات الحكومة الإسرائيلية ترفض هذه المبادرة وربما تنتظر من العرب الإتيان بغيرها تكون أكثر ملائمة مع التصور الإسرائيلي الذي أراه قائما على نقطتين:
- الأولى : تريد إسرائيل من المبادرة الحالية التي يظهر فيها العرب حازمين أن تروضها قدر الإمكان حتى ترى فيها خطة ممكنة كمشروع خريطة الطريق التي نعرف جميعا أن بموجبها تم فك الارتباط مع غزة ، لكن أيضا كانت مصدر الهام لشارون الذي وسع المستوطنات في الضفة .
- الثانية: إسرائيل اليوم تعلم جيدا أن أكبر تهديد تواجهه على المستوى الداخلي والفلسطيني هو النمو الديموغرافي الهائل للفلسطينيين، إن كان من فلسطيني 48، أو المتواجدون داخل الأراضي الفلسطينية، ومبادرة السلام العربية في جانب تعاملها مع فلسطيني الشتات ببند مطابق لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 ترى فيه زيادة الضغط السكاني لصالح الفلسطينيين ما تراه بالتالي إسرائيل استسلام ربما وتراجع أيضا على هدف إقامة الدولة اليهودية ذات الأغلبية السكانية اليهودية . بالتالي المراوغة الإسرائيلية بخصوص هذه المبادرة تصب في جانب الدفع بالعرب إلى تقديم مبادرات أخرى تتهاوى تدريجيا حتى تتغير المبادرة الأم .
والخطأ الذي ارتكبه العرب بخصوص هذه المبادرة أنهم شرعنوا ضعفهم بالتسابق والإلحاح والدعوة المتكررة للجانب الإسرائيلي على قبول المبادرة ، في حين أنهم كانوا يملكون إمكانية الرّجوع إلى الخيار الثابت الذي في اعتقادي يدفع الجانب الإسرائيلي نفسه إلى تقديم مبادرة يبين فيها النية الصادقة على تحقيق سلام شامل في المنطقة .
إن الحديث عن السلام هو بالضرورة حديث عن الرغبة ، وهنا يجب الإبانة عن المغمور لكشف نوايا إسرائيل التي في الحقيقة غير مستعدة لإجراء أي مفاوضات ما دام الجو العام للتعامل مع هذه المبادرة إن كان على المستوى الإقليمي أو الدولي لصالح العرب ، ولعل الحملة التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية في هذه الأيام ضد حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية لقطع الدعم عنها جزء مهم من هذه النوايا .
أين رجل السلام ؟
قبل أن يصاب شارون بمرضه كانت خطة فك الارتباط التي أبان فيها عن رغبة بتدشين مرحلة جديدة للمفاوضات ، وان كانت ظاهريا على الأقل تظهر كذلك ، أهم ما اكسب عند بعض العرب صفة رجل السلام ،لكننا اليوم أمام حكومة إسرائيلية ما فتأت تغني بالسير على خطى شارون لتحقيق السلام ، لكن الواقع وهو ميزان الحكم بين أن هذه الحكومة تريد إثبات شيء واحد للعيان ، وهو الوفاء لشارون كشخص لا يستطيع أن يتحمل النقد وهو طريح الفراش وهذا ما لا تسمح به الأخلاق اليهودية .
هل من رجل سلام أخر إذن ؟!
إن رجل السلام الذي أراه كما يراه الكثيرون لا يمكن أن يكون هذه المرة غير الرئيس السوري بشار الأسد هذا الرجل الذي كتب عنه شلومو بابيربلاط في يدعوت مقالا في أوج الحرب بين حزب الله وإسرائيل حين أشار إلى موقف الوزير الفرنسي السابق جاك لانغ الذي يرى في الأسد رجل سلام يمكن الأخذ به في تحقيق السلام المنشود في المنطقة .
بالرغم أن جاك لانغ يرى فيه البعض نموذج لقمع الحريات ورجل متعاطف مع الأنظمة" المارقة" إلا أن رأيه يمكن أن يؤخذ على محمل الجد ولما لا أن يكون حقا بشار الأسد رجل سلام ، وفي اعتقادي أن عنصرين أساسيين يحددان دور دمشق في تحقيق السلام الشامل :
- العنصر الأول : سوريا اليوم تطالب بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل بشان الجولان وهو مطلب إسرائيلي أيضا كما عبر عن ذلك تصريح شمعون بيريز غداة التأكيد على مبادرة السلام ، وفي حالة تحقيق السلام الكلي مع إسرائيل أن يفتح باب المفاوضات مع الأنظمة العربية الأخرى عبر وسيط عربي قومي يحفظ المصالح العربية .
- العنصر الثاني : سوريا لها دور جيو - سياسي مهم في المنطقة وتحمل جزئا كبيرا من المسؤولية بخصوص استقرار المنطقة ، ولها أيضا علاقات جيدة مع النظام الإيراني الذي ترى فيه إسرائيل التهديد رقم واحد والمعيق الأساسي للسلام الشامل، ومعنى كسب سوريا كطرف سلام هو ضمان لدرء الخطر النووي الإيراني .
يمكن القول بأن مبادرة السلام لا تحتاج إلى إعادة الصياغة ، لان هذا الموقف سيأزم الحالة الرسمية للدول العربية ويجعلها أكثر ضعفا ، وبالتالي سيبني الطرف الإسرائيلي موقفه انطلاقا من مبدأ القوة الذي منح له . بل أرى أن هذه المبادرة هي في حاجة ملحة إلى وسيط حقيقي يستطيع أن يعبدّها كأرضية لمفاوضات جدية .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح مستمر بعد التصعيد العسكري في رفح: أين نذهب الآن؟


.. مخاوف من تصعيد كبير في رفح وسط تعثر مفاوضات الهدنة | #غرفة_ا




.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان | #غرفة_الأخب


.. إسرائيل تقول إن أنقرة رفعت العديد من القيود التجارية وتركيا




.. الصين وهنغاريا تقرران الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى