الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لتتلاقح الافكار من اجل الغاء عقوبة الاعدام

بسام يوسف

2007 / 4 / 16
الغاء عقوبة الاعدام


الى وقت قريب لم تكن عقوبة الاعدام بالنسبة الي جريمة بقدر ما كانت عبارة تعني احقاق الحق وجزاء للظالم ونصرة للمظلوم وحياة القصاص لاولي الالباب..
لقد كبرت وانا القن بثقافة يحتل فيها العنف دور البطولة.. كان مشهد الموت يسيطر على مشهد الحياة.. كان مجتمع يجتزء النظريات والقوانين ويفسرها كما يشاء.. كان يردد البقاء للاقوى ويتناسى البقاء للاصلح.. من هنا سمعت لاول مرة بكلمة "الاعدام" ترافقها كلمات مثل "الخيانة" و"العمالة".. لم اكن حينها اعلم الكثير عن الاسباب او بالاحرى كان الكلام ممنوعا.. الحقيقة كان مجتمع فيه "الاصلح" معدوما.. للاسف كان اكتشافي متاخرا.. فبعد سقوط النظام الصدامي كنت مثقلا باسئلة وعلامات استفهام مللت ايوائها.. وقررت ان اتخلص منها.. ولكن من اين ستكون البداية فالقصص كثيرة ولوائح الاسماء في تزايد.. وبعد ان عصرت الاسفنجة حصلت على بطاقات للمرور احتوت على اسم علق في ذهني كثيرا لما سمعته عنه من تصدر لقوائم "الخونه والعملاء المعدومين" في زمن النظام البائد، حيث كان "الاصلح" يسمى خائنا. وقتها كنت على مشارف تحول فكري واجتماعي واخلاقي وعقائدي كبير من دون ان اعرف.. حملت كل ما امتلك من اسئلة وفضول وطرقت باب الحزب الشيوعي العراقي بعد سقوط النظام بـ15 عشر يوما.. كان مكان مكتظا بالاحياء والاموات معا.. فالقاعات ممتلئه بالاحياء والجدران ممتلئه بالمعدومين.. فادركت ان مطلبي موجود على الحائط .. لم انتظر كثيرا قبل ان اتوجه الى الجدران وانا اتامل في الصور بدهشة وبتمعن.. كم كنت اتمنى ان اجري لقاء مع احدهم حتى اساله عن جرمه.. ولحظاته الاخيرة.. وامنياته الاخيرة.. كنت احاول ان ارسم لهم صورا وهم على اعتاب المشنقة وفي كل مرة كان الخيال يستعصي ويأبى التجاوب مع اول دمعة تنزل من عيني.. كنت احاول ان اقنعه ان الدموع تعبير انساني اعتيادي، ولكن بدون جدوى.. ومن كثرة المحاولات ربطتني مع اولئك الاشخاص علاقة بدات تتوطد يوما بعد اخر.. لم يفارقوا ذهني ابدا.. كنت انطلق منهم في النقاش والحوار.. من هنا بدأت قصتي مع عقوبة الاعدام على الرغم من ان "ليس كل ما يلمع ذهبا".. فليس كل من اعدم كان "صالحا".. ولكني اعتقد ان الاعدام يجب ان يلغى لا من اجل المجرمين والسفاحين بل من اجل الذين اعدموا من اجل القضية.. والذين رسموا مستقبلا زاهرا لبلدانهم.. من اجل اولئك فقط.. لقد حزنت كثيرا يوم اعدام صدام.. لم احزن على شخص صدام ابدا.. ولكني حزنت لان الحكم كان يسمى"اعداما".. احسست ان كلمة الاعدام كان يجب ان تبقى حصرا على الابطال الذين قضوا في ايام الدكتاتورية حيث كانت تهمة الخيانة تطلق على من احب شعبه واعتلى المشنقة رافضا التخلي عن افكاره.. كان حكم الاعدام كثيرا على صدام .. كان المفروض ان يرمى في مزبلة خارج العراق.. لان ارض العراق سبق وان طهرت بجثامين الملايين ممن واراهم هو وازلامه في المقابر الجماعية..
في قضية اعدام صدام لم يكن هناك سبب واحد لعدم اعدامه.. ففي سبب اخر كان يمكن ان يحدث تطورا انسانيا واخلاقيا وسياسيا عاليا في نفسية المواطن التي استبدلت فيها قيم ومبادئ التسامح باخلاقيات العنف والقتل والتهجير والانتقام.. كنا في امس الحاجة لقرار حكيم وعقلاني يغلب، لاول مرة، الاحساس بمسؤولية القادم من المستقبل على لغة الخوف من شخص يبغضه العالم باسره وهواجس عودته من جديد.. كان حريا باصحاب القرار ان يبدوا اكثر ثقة في انفسهم وفي برامجهم المستقبلية.. من هنا كان المفروض ان ينطلق العراق الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو لمربية تصفع طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة.. يثير موجة


.. مدير مكتب الإعلام بالأونروا في غزة إيناس حمدان: غلق المعابر




.. الأمم المتحدة: إغلاق معبر رفح يؤثر على إمدادات الوقود والمسا


.. -اقطعوا العلاقات مع إسرائيل-.. طلاب يتظاهرون بجامعة غرناطة د




.. اليوم الجمعة.. دعم منتظر من الأمم المتحدة لمساعي فلسطين إلى