الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا..و أحداث الحادي عشر من أكتوبر.!!

راني خوري

2007 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


"مهلا يا هذا!!! أنت تقصد الحادي عشر من سبتمبر؟!".. وهو ما قد يخطر على بال قارئ للمقال أو كاتب، فأرد وأقول بل إن هذا توقعي لما سيحدث في أمريكا (بل دول العالم أجمع) في المستقبل غير البعيد!! وهو الناتج الذي أراه وأقرؤه من التحرك السياسي الجديد للسياسة الأمريكية في المنطقة، أما لم الحادي عشر من أكتوبر؟ فهو خبط عشواء لا أهمية له بمكان ويمكن أن يكون غير ذلك (لا قدّر الله).

على أي أساس أبني افتراضي هذا؟ لنر سويا. أحداث الحادي من سبتمبر لم تكن وليدة الصدفة، بل هي أحداث لم يكن يتوقع عدم حدوثها إلا من لا علم له بالمجريات السياسية ومن لا يقرأ تاريخ المنطقة والعالم بشكل جيد، وفي واقع الحال فإن ما يتطلبه الأمر لتوقع هذه الأحداث هو قراءة بسيطة وليس عميقة للأحداث التي جرت وتعاقبت في منطقتنا والعالم. ولا أدعي هنا بأني أو غيري قد توقعنا حدوث الحادي عشر من سبتمبر على الشكل الذي حدثت به، وأقصد هنا استخدام الطائرات لضرب مبان هامة في الولايات المتحدة كالبرجين التوأمين ومبنى البنتاغون، ولكن التوقع العام كان بحدوث عمل إرهابي عال المستوى في الولايات المتحدة الأمريكية دون غيرها.

أحداث الحادي عشر من سبتمبر بدأت منذ أن قرر الرئيس الأمريكي الأسبق "رونالد ريغان" دعم من أسماهم بـ "المقاتلين من أجل الحرية" في بلدانهم لمواجهة الاتحاد السوفييتي والمد الشيوعي آنذاك في بلدان عديدة من العالم، ولذلك فقد تضمن قراره دعما قويا للقوى المناهضة للشيوعية في أوروبا وأضرب مثلا حركة التضامن في بولندا بقيادة "ليخ فاليسا"، وللقوى في أمريكا اللاتينية مثل متمردي الكونترا في نيكاراغوا، وللقوى في أفريقيا مثل حركة يونيتا في أنغولا وحكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا!؟، وأيضا المجاهدين المسلمين في أفغانستان (وهو الخيار الأغبى على مر العصور!!، وكان اعتبار الرئيس الأمريكي آنذاك لأولئك المقاتلين المناهضين للشيوعية أنهم مساوون أخلاقيا للآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية. وعلى العكس من ذلك، فقد تم تصنيف القوى الاشتراكية وقوى اليسار التي تقاتل ضد الأنظمة الديكتاتورية في كل من هندوراس والسلفادور، وأعداء الولايات المتحدة الأمريكية كحزب الله والحركات الفلسطينية في الضفة الغربية، على أنهم إرهابيون. وقد عرف هذا التصنيف بما يعرف بـ "مبدأ ريغان" في السياسة الخارجية.

السياسة الأمريكية آنذاك، وإضافة للدعم المالي واللوجستي للقوى المناهضة للشيوعية، تضمنت تدخلات عسكرية عدة من قبل الولايات المتحدة أو حلفائها، مثل الاحتلال الإسرائيلي للبنان في العام 1982والحصار الشهير لبيروت، والغزو العسكري الأمريكي لجزيرة غرينادا للإطاحة بـ"وينستون كورد" الموالي للاتحاد السوفييتي وزعيم الحركة الإنقلابية التي أطاحت برئيس الوزراء "موريس بيشوب". والأهم من ذلك كله هو الدعم الأمريكي للعراق ونظام صدام حسين إبان الحرب العراقية الإيرانية.

التاريخ يعيد نفسه!! فبعد الصفعة البدوية الإسلامية للولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي كان منفذوها حلفاء للولايات المتحدة في يوم من الأيام، و"مقاتلون من أجل الحرية" حسب التعبير الأمريكي - مع تمييزي للعقلاء من بين أولئك عن الجهلاء، أصبحوا إرهابيين، وأصبح التقسيم الجديد "معنا أو ضدنا"، وهو تقسيم لم يختلف عن سابقه في زمن "ريغان" إلا بالشكل. هؤلاء الإرهابيين كانوا صنيعة يد الولايات المتحدة، وقادمون من بلاد حكوماتها حليفة للولايات المتحدة، وأبناء هذه البلدان متغلغلون في المجتمع الأمريكي!! والبلد التي حررتها الولايات المتحدة من النفوذ السوفييتي أصبحت الحاضنة والمفرخة للإرهاب، فهل اتعظت الولايات المتحدة؟!

كلا!!؟؟ فالسياسة الأمريكية لم تبرح مكانها قيد أنملة، ولكنها أصبحت أشد عنفا واستهتارا، فالعلاقات توطدت مع المملكة العربية السعودية الراعي الرسمي للإرهاب، والبلد الحاضن والمفرخ والمغذي والممول له في دول العالم أجمع بلا استثناء، والنشط في إرهاب المجتمعات عبر الحركات الوهابية والسلفية، هذه الحركات الناشطة في سوريا ولبنان ومصر والعراق والأردن ودول المغرب العربي، وفي الهند وباكستان وإندونيسيا وأفغانستان وأيضا في روسيا في الشيشان. ودون الدخول في تفاصيل كون المملكة أحد أسوأ البلدان في مجال حقوق الإنسان والمرأة والأقليات والحريات (وهو ما يشبه دعم إدارة ريغان لنظام الفصل العنصري في بريتوريا. أما العلاقات مع مصر منبع الإخوان فحدث ولا حرج (والحكومة المصرية حليفة الإخوان شاء من شاء وأبى من أبى!!) وهي علاقة موطدة بمساعدات أمريكية سنوية لهذا البلد (وإن كانت تصب في النهاية في جيوب من هم في السلطة، أو في جيوب السعودية بمواسم الحج). وكذلك الشأن مع الأردن (حيث الإخوان حزب نظامي في البرلمان) والذي ما انفك يخرج دفعات متزايدة هو الآخر من الإنفجاريين المؤمنين بتفاهة قيمة الإنسان والوطن، أمام مصلحة شخصية في الآخرة. والعروة الوثقى القائمة بين الولايات المتحدة وقطر مشهود لها، حيث تعتبر قطر المحرك الأساسي في تنظيم الإخوان المسلمين في السنوات الأخيرة. ولا تتوقف هذه العلاقات على ما سبق ذكره بل تعداه مؤخرا إلى لقاءات بين أعضاء من الكونغرس الأمريكي و شخصيات من جماعة الإخوان المسلمين في مصر (ولو فعل ذلك أحد العلمانيين أو الليبراليين العرب لانهالت عليه سيول الشتائم وعبارات التخوين والعمالة لأمريكا، ولكن هنا الوضع مختلف، فاللقاء تم على سنة الله ورسوله!!) وذلك بعد زيارة بيلوسي حمامة السلام الجديدة للمنطقة وختام زيارتها التي افتتحتها بإسرائيل ثم لبنان وسورية، بالذهاب إلى قبلة السياسة العربية الجديدة، مملكة السلام الجديدة، العربية السعودية.

لقد نظر البعض إلى أحداث سبتمبر على أنها البداية لنهاية الأفكار الإرهابية، وأن الأنظمة الداعمة للإرهاب ستتعلم وتعيد النظر في سياساتها واستراتيجياتها، وتفاءل الكثيرون في بلداننا من أن سياسات الدول الكبرى (وهي الراعي الحقيقي للإرهاب حيث ترعاه في أراضيها وتعطيه حق المواطنة) ستتغير باتجاه دعم التيارات الديمقراطية والعلمانية والليبرالية والإصلاحية، وكان ما ساعدهم على هذا التخيل والحلم، ما تم إطلاقه من شعارات حول دعم الديمقراطيات الناشئة. ولكن حماقة غزو العراق، جعلت الإرهاب هو اللاعب الأساسي في سياسات المنطقة وأصبح اللاعب الأقوى هو الأكثر قدرة على رعاية الإرهاب، إما بحجة تمثيله لإسلام معتدل (لم نسمع به أو نعهده على مر التاريخ) يكبح جماح الإرهاب ويحافظ على استقرار المنطقة، وإما لاستخدامه كورقة ضغط أساسية يلوح بها في وجه السياسات العسكرية الأمريكية. فأصبحت وبحق جميع دول العالم – بلا استثناء – راعية للإرهاب لسبب أو لآخر.

أمريكا هي أمريكا، فعدوها الذي اعتادت مشاكسته ما زال هو من يلوح في مخيلتها دون أن ترى مكامن الخطر الحقيقي، فهي لم تتعلم من العبرة الأولي لغزوة مانهاتن، والشبيهة ببدر، بل حشدت طاقاتها كاملة لغزو أفغانستان والعراق، كما حدث في أحد، وكررت أخطاء أحد والخندق، ومانهاتن!! أمريكا – ولا استثني هنا باقي الدول المتقدمة – لم تتعلم من درسها السابق بأن دعمها لحكومات وحركات إرهابية هو ضار بمصالحها قبل أي شيء آخر، وأن التقسيم يجب أن يكون على أساس العقل لا المصلحة، فيكون عدوي العاقل صديقي، وصديقي الجاهل عدوي.

السياسات الأمريكية والأوروبية في دعم طرف من الإرهاب، والروسية والصينية في حماية طرف آخر من الإرهاب، سيجعل العالم يفيق يوما على أحداث أكتوبر ونوفمبر وديسمبر، ورمضان وشوال ومحرم وصفر، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في العالم أجمع.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم خاركيف.. الجيش الروسي يسيطر على 6 بلدات ويأسر 34 عسكريا


.. حضور للعلم الفلسطيني والكوفية في حفل تخرج جامعة أمريكية




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار الغارات الإسرائيلية على مناطق وسط قط


.. كتائب القسام تقصف قوات إسرائيلية بقذائف الهاون بمعارك حي الز




.. انفجار ودمار في منطقة الزيتون بمدينة غزة عقب استهداف مبان سك