الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن رؤيا القديس سبستيان ونساء غوغان ورموز أخرس

متعب أنزو

2007 / 4 / 17
الادب والفن


تتحدث نعمة الحداثة في التشكيل السوداني المعاصر عن أربع مرجعيات بصرية حرفت مساره باتجاه نسق التصوير البحثي الذي يختزل أو يكاد بمعنى ما مقولة ماهرة لما تعنيه حركة الفن في جزء عربي من أفريقيا ودخوله كعنصر أساسي ومكون للمحترف التشكيلي العربي ممثلا برموزه الحقيقية وهي على التوالي للراحل أحمد وقيع وأحمد عمر خليل وأحمد عبد العال وحسن موسى . وبينما يعمل ويقيم عبد العال في السودان , أختار عمر خليل ممارسة أبحاثه في أمريكا في الوقت الذي كانت فيه مونبيليه الفرنسية نوع من المنفى الاختياري للأخير . كذلك يمكن العودة للعام 1999 العام الذي تعرفت فيه النخب البصرية العربية – تحديدا في بيروت ودمشق – على مرور سريع ومؤثر لاثنتين من التجارب السابقة عبر العرض المتنقل والموسوم بمحترفات عربية . عرض تم توقيعه وقتها بالتزامن بين غاليري أتاسي وغاليري أجيال وتنقل في أماكن متعددة لمناسبة القمة الفرانكفونية في بيروت.
اليوم وبعد سبع سنوات يعود الغاليري الدمشقي من جديد إلى أستعادة حسن موسى من تجوال قاده إلى دول متعددة منها فرنسا وبلجيكا وإنكلترة والمجر وألمانيا وأسبانيا واليابان والسويد والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا ولبنان .في مجموعة من أبحاثه التصويرية التي تعقد نوعا من الصلة مع تأثره بابتكارات تجمع سوبور - سورفاس Support-Surface الذي ظهر في باريس إبان سبعينات القرن الماضي ، طارحاً علاقات جديدة بين المسند التصويري والأمكانيات النسيجية المؤسسة في القماش . هو أيضا نوع من مناورة الفهم التقليدي للتصوير الذي يقدم فيما يقدمه تلك الحساسية التي توحد بين الذهني والبصري وتاليا في افتراضات كل ذلك على السطح المتحرك غير المشدود .
يفعل التشكيلي السوداني ذلك ويفتعله تحت مسمى افتراضي هو اختراق الحدود الموروثة للفنون , والتي لا تزال "سيدة الساحة الفنية" في المدينة وبين معظم مثقفيها. غير انه يحافظ في الوقت عينه على علاقات انسيابية تربط نتاجه بتدخلات من النوع السياسي والديني والموروث البصري الغربي والتي تشكل بمجملها مواضيع لها ثقل رمزي كبير ..في أمثلة ذلك الأعمال التي قاربت فهم خاص للسيد المسيح وغيفارة والقديس سباستيان ونساء بول غوغان . سلوك يجيده موسى بحرفية عالية ويقترحه من داخل لعبة جمالية تستنهض التراث الإنساني المعنون بالقيم التي فقدت قداستها في العصر الحاضر. بينما يتراءى في منسوجة كتب على ظاهرها " فن الشفاء" تفصيلاً مكبراً لقدمي المسيح مستوحى من تصوير يعود إلى القرن الـــــسابع عشر، للدلالة على القوة الـــخارقة للقداسة وفيها الكثير من الإيهام الفانتازي لمناخ الغابة التي تتشابك غصونها وأوراقها لتنحسر في مكان ما بفعل سلطة اللون واحتكامات التشكيل النهائي .
لعل هذا الدمج بين الديني المقدس والتزييني المعاصر والحروفي العربي يحيل بمعنى ما إلى قراءة جديدة لأيديولوجيا الحاضر عن طريق العودة المجيدة إلى أرقى فنون الإنسانية الماضية. فالاستشهاد الذي كان من أكثر الموضوعات قداسة وتردداً في العين والذاكرة الفنية، انقلب حدثاً يومياً لعصب الحياة في حواضر بعض المدن العربية. فبعث النهضة الإيطالية من مراقدها المتحفية إلى يوميات الشارع العربي هو انبعاث نهضوي - محدث للقديس سباستيان، كي يكون نموذجاً لكل شهيد يسقط في الصراعات الدامية وميادين القتل والانفجارات. هكذا يتحدث الفنان حسن موسى عن عبثية الموت لا ليعبّر عن الغضب العربي بل لينقل وجع الإنسان بنبله وجماله القديم وجروحه. لعل هذه الإسقاطات غير المباشرة هي مجرد تأويلات، غير أنها محملة باستعارات شعرية لا تخفي تلميحاتها الساخرة والمبطّنة
ميزة يمكن القول أنها صنعت شهرة حسن موسى منذ عرضه الذي أقامه في لندن بعنوان «سبع قصص من الفن الأفريقي»،والذي أهّله فيما بعد للمشاركة في بينالي البندقية العام 1997، ليذهب بعد ذلك إلى عروض عالمية متنقلة .
في عرض أتاسي يوحد الأثر الفني بين البصمة الشخصية والطابع الجمعي، فيسقط من خصائص الطراز والقاعدة والأبعاد، ويأخذ منحنى إشكالي وفلسفي ليتمنطق داخل موقف الفنان.رغم ذلك تبدو وحدة الفنون التي يلقي بها التشكيلي السوداني وكأنها تعبر عن انصهار مع مادة الروح في عملية سيميائية مركبة ومعقدة في آن.
وحيث يقودنا هو وبفعل قراءاته المسننة والمشفرة إلى طرائق عمله التي يتماهى معها ضمن مفردات ميلودية صاخبة تراوحت بين مزاولات كثيرة للعبة التقنيات في التضمين والرمز والمجاز والتي تعلن عن تشكيل نسيجي متدفق يحترفه بامتياز.
عرض شكل في رأي الكثيرين ممن تابعوه تعزيزاً للحضور التشكيلي المعاصر ، وحسماً مطلقاً لصالح من يتجه بكليته إلى محيط الحداثة ومنجزها البصري، فيما يغير الزمن إيقاعه، ويستحيل الفن شيئاً فشيئاً ضمن هذا الموكب الاستعراضي من تقنيات بصرية متكاثرة بشكل متسارع إلى ممارسة خارقة في النقص والاختلاف،حيث تعلن فنون التصوير في أكثر من مكان,التخلي عن سيادتها الروحية لصالح المنجز التقني, المتصل بحدس اللحظة، دون استثمارها بشكل كلي، مع إفساح المجال لذائقة المتلقي باستكمال دائرة الإحساس الذي يغلف تأثيرية اللوحة.
"حسن موسى " عرف كيف يرتب بياناته اللونية المحررة في غاليري أتاسي وبذات الدرجة من المتعة المتأتية من حركة اللون و التقانة لديه. والذي يعلن عن روح صناعة عالية ويشي بعلو ريشته وسط هذا الركام الهائل من التجارب التشكيلية... وهو بذلك يقف في موقع متقدم من مشروعه الطويل ولغته اللونية المحكمة المضافة إلى نسق عروضه الأوربية السابقة وآنياً في العرض المميز لأعماله في دمشق.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي