الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المأزق الأمريكي في العراق

منذر حسن أبودان

2007 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


العراق عاصرالاستعمار عقوداً عديدة ،وخضه معارك الحرية في صفوف أبناء شعبه من أجل تخليص وطنة من الهيمنة البريطانية ، وتحمله صنوفاً من القهر والسجون والتعذيب والتشرد في المنافي ،والغربة عن الوطن والأبناء , لينتهي به المطاف إلى الاحتلال الأمريكي ،الدولة العظمى في العالم وحليفتها بريطانيا .
لقد دعوت القوي السياسية المختلفة الولايات المتحدة وسائر الدول الكبرى المهيمنة على مجلس الأمن للضغط على جلاد العراق صدام حسين بتفعيل القرار رقم 688 ،وجعله تحت البند السابع من أجل إجبار الدكتاتور على تنفيذ بنود القرار المذكور ، والعمل على إجراء تحول سلمي للسلطة في البلاد ، وإزاحة الدكتاتورية ، وإقامة نظام حكم ديمقراطي عن طريق إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة ،وكان الشعب العراقي على ثقة كبيرة بأن النظام الصدامي لن يفوز في أية انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة ، بالنظر لجرائمه البشعة بحق أبناء الشعب العراقي ، والتي تكشفت لكل ذي بصر وبصيرة لهول بشاعتها التي يعجز القلم عن وصفها . وعندما بدأت تكشفت الخطط الأمريكية بشن الحرب على العراق وإسقاط النظام الصدامي ، وبدأت بالفعل بحشد جيوشها , بدأت القوي السياسية الفاعلة بدعوه عبر وسائل الإعلام المتاحة كافة إلى خروج صدام حسين وموالية من السلطة ومغادرة العراق ، وتسليم السلطة بصورة مؤقتة إلى الأمم المتحدة لكي تجري انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف المنظمة الدولية والأقليمية والعديد من الشخصيات العالمية المشهود لها بالنزاهة والأمانة ، وتجنيب العراق وشعبه من ويلات حرب مدمرة ، ومن مصائب الاحتلال .
لم يكن الشعب العراقي قادراً على إسقاط النظام الصدامي الفاشي ، المدعوم بأجهزته القمعية والأمنية والمخابراتية ، والغارق في الجرائم البشعة ، والمغتصب لحقوق وحريات وثروات الشعب ، والذي استخدم القتل وسيلة وحيدة لبقاء حكمه البشع ،بلا قانون ،ولا محاكم ،ولا دليل فيكفيه الشك ،أو تقريراً من أحد الحزبين أو أجهزته القمعية لقتل المواطنين..
ومن جهة أخرى لم يكن بمستطاع الدول الكبرى الأخرى ،ولا مجلس الأمن منع الولايات المتحدة عن مشروع الحرب على العراق ، فالشعب العراقي والحالة هذه لم يكن في مقدوره منع الحرب .
فبقاء صدام ونظامه الفاشي مصيبة ،والحرب والاحتلال وما يسببه من ويلات ومآسي وخراب ودمار مصيبة أخرى ، حيث أكد العديد من الكتاب والسياسيين على ضرورة رحيل صدام ونظامه عن الحكم , فكنت مدرك ما سوف يحل بالعراق من خراب ودمار ، وما سوف يعانيه هذا الشعب جراء الحرب .
لكن صدام أصم أذنيه عن سماع كل الدعوات ، ومن أطراف عديدة ، كان من بينها دعوة الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات العربية في الجامعة العربية ، وأصر على الإستأثار بالسلطة وهو يدرك كل الإدراك أن ليس بمقدور جيشه وفدائييه مقابلة الجيوش الأمريكية ، وأن أي جيش لا يملك غطاءاً جوياً ينتهي بدماره .
لقد أراد صدام تدمير حضارة العراق ، وتحطيم بنيته التحتية، ودفع العراق الي حرب أهلية دامية يخسر في العراق بكافة أطيافة السياسية والمذهبية دون نجات أحداً .
ووقعت الحرب في الرابع عشر من آذار 2004، وتهاوى جيش صدام واحتلت بغداد في التاسع من نيسان ، فلا الجيش دافع عن النظام البعثي ولا الشعب قاوم الاحتلال ، فقد كان يريد الخلاص من النظام الذي نكل به أبشع تنكيل ، وانتفاضة الأول من آذار 1991 خير دليل على عزلة وكراهية ذلك النظام .
ودخلت القوات الأمريكية والبريطانية مزهوة بالنصر وحصلت أمريكا قراراً من مجلس الأمن يعتبر قواتها قوة احتلال ، وعينت حاكماً أمريكياً هو السيد [ جي غارنر ] , حيث فشله في إدارة أزمات العراق استبدلته واشنطن بالسيد [ بول بريمر ] الذي اتخذ قرارات فيها الكثير من الاستعجال ، وأوقعته في أخطاء كبيرة كان أولها أسلوب حل الجيش ، والشرطة ،ووزارة الدفاع ووزارة الأعلام ، مما أوقع البلاد بفراغ أمني خطير فعملت الأيدي المجرمة نهباً وحرقاً وتخريباً وسرقة ،وكأنما هذه أملاك شخصية لصدام حسين وليست ملك الشعب ،وأن صدام وحكمه قد زال .
وفي بداية الأمر توارى أعوان صدام وكافة أجهزته الأمنية وفدائييه عن الأنظار،وما أن أعلن السيد بريمر إلغاء حكم الإعدام ،ووجدت هذا التراخي لملاحقة عصابة القتلة حتى أخرجت رؤوسها من جحورها ،وبدأت تعمل تخريباً وتدميراً ،وتشيع الفوضى في كل مكان ،وانعدم الأمن وانتشر الرعب والخوف بين الناس ،حيث لا وجود لقوات حفظ الأمن ،ومما زاد في الطين بله أن طاغية العراق كان قد وزع قبل نشوب الحرب 8 ملايين قطعة سلاح على أعوانه ممن يسمون بفدائيي صدام ، وجيش القدس ، والأجهزة الأمنية والحزبيين ، ناهيك عن الأسلحة التي تركها الجيش وهرب ، مما سهل على المجرمين امتلاك السلاح ، والتمادي في جرائمهم التي أخذت تتحول إلى مهاجمة قوات الاحتلال ، وتخريب البنية التحية للعراق.
واضطرت الولايات المتحدة بعد الضغوط التي مارستها القوي التي كانت في المعارضة على تكوين مجلس الحكم الذي ضم طيفاً من جميع القوميات والطوائف والأحزاب السياسية ذات التأثير في الساحة العراقية .
وولقد تم تشكيل مجلس يعتمد علي المحاصصة الطاتئفية ، لكن هذا المجلس ومجلس الوزراء لم يتم منحهما الصلاحيات اللازمة لإدارة شؤون البلاد ، وخاصة الشؤون الأمنية ، فالقوات الأمريكية والبريطانية وحلفائهما لا يدركون طبيعة وتركيبة الشعب العراقي ، وظروف البلاد ولغة أهلها، مما عمق في المشكلة الأمنية وتفاقمها ،حيث كان لها انعكاس سلبي على أحوال الشعب العراقي وتدهور أوضاعه الاقتصادية وفقدان شعوره بالأمن والثقة بمكوناتة المختلفة.
حيث زاد الأمر تعقيداً عندما حل الجيش بذلك الأسلوب الخاطئ وترك أكثر من نصف مليون منتسب ، ناهيك عن أفراد عوائلهم مما يرفع العدد إلى الملايين عاطلين عن العمل ، مما دفعهم إلى حمل السلاح والقيام بأعمال تخريبية بالإضافة إلى مهاجمة قوات الاحتلال .
أن هذه الظروف التي خلقها النظام البعثي ، وساعد في تفاقمها أسلوب الحاكم المدني الخاطئ في معالجة وإدارة مشاكل البلاد هي التي أوصلت البلاد إلى هذه الحال .
وما لم يتم معالجة الأمر عن طريق منح مجلس الحكم صلاحيات واسعة لإدارة شؤون البلاد ، وأخص بالذكر القضية الأمنية ،ومعالجة مسألة البطالة المخيفة ، فإن الأزمة العراقية سوف تتفاقم يوماً بعد يوم .
أن مجلس الحكم والحكومة العراقية ليسا قاصرين عن إدارة شؤون البلاد إذا ما أتيحت لهم الفرصة ،وتم منحهما الصلاحيات اللازمة لمعالجة المشاكل الملحة .
إن بالإمكان إعادة الجنود والعرفاء ونواب العرفاء وحتى الضباط من صغار الرتب من الجيش العراقي ـ عدا الحرس الجمهوري الخاص ، وإعادة تأهيلهم واستخدامهم في حفظ الأمن والنظام ،وحتى في جهاز الشرطة ، والعمل على تشكيل مليشيا تابعة لمجلس الحكم في كل مدينة وقضاء وناحية وقرية ومحلة هو السبيل لكشف وملاحقة وإلقاء القبض على القتلة والسراق والمخربين من أعوان النظام المقبور وتسليمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل والتخلص من شرورهم .
وعلى سلطة الاحتلال أن تعمل بكل جهد لوضع جدول زمني للإنسحاب من العراق وإجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة تدخل فيها كافة الأطياف السياسية والحزبية في العراق ، واعادة صياغة دستور جديد للبلاد يقوم علي أساس المساوه لكافة أطيافة ليس لحساب جه علي الأخري وسحب كافة القوات الأجنبية من البلاد بأقرب وقت ممكن .
إن إطالة فترة الاحتلال الأمريكي تحت ذرائع ومقاصد مختلفة لا يمكن أن يخدم الشعب العراقي ولا مصالح الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو بكل تأكيد سيعمق من الأزمة الراهنة ، ويطيل من معانات الشعب ،والحل الوحيد هو في الإسراع في تكوين الأجهزة الأمنية والجيش الجديد ومنح ،والعمل على معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية ومعالجة البطالة ،وتهيئة المناخ المناسب والآمن للاستثمارات الأجنبية من أجل إعادة بناء البنية التحتية للاقتصاد العراقي المنهار،وتأمين الحياة الكريمة للشعب الكريم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتلال يمتد لعام.. تسرب أبرز ملامح الخطة الإسرائيلية لإدارة


.. «يخطط للعودة».. مقتدى الصدر يربك المشهد السياسي العراقي




.. رغم الدعوات والتحذيرات الدولية.. إسرائيل توسع نطاق هجماتها ف


.. لماذا تصر تل أبيب على تصعيد عملياتها العسكرية في قطاع غزة رغ




.. عاجل | القسام: ننفذ عملية مركبة قرب موقع المبحوح شرق جباليا