الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إن لم تستح . . .

احمد حسين

2007 / 4 / 19
حقوق الانسان


الخجل صفة لونت وجه الإنسان منذ أن اكتملت ملامحه الآدمية ورافقت أجياله الموغلة في القدم حتى أتمت نضوجها قبل أن تنضج فكرة المدينة والحضارة والأخلاق في العقل الإنساني . ويقال أن بعض المخلوقات شاركت الإنسان هذه الصفة دون أن تترجمها بدرجات لونية تنعكس ببراءة فطرية على وجوهها .
هذه المفردة الإنسانية لفظها مجلس النواب من نظامه الداخلي كما لفظ غيرها من المفردات المجدفة ، وهي صفة مبتدعة لم تراود العقل البرلماني وتلوث إيمانه العميق حين تقدمت حفنة من النواب بمشروع قانون طاهر مطهر من الخجل يمنح النواب حقوقا وامتيازات هم بأمسّ الحاجة لها لتوازي كفتهم كفة الجماهير المسحوقة ترفا .
طالب النواب بامتيازات ومخصصات رئيس الوزراء لهم ولرئيسهم ونائبيه مخصصات مجلس رئاسة الجمهورية وتركوا لمن انتخبوهم خرط القتاد ، وعللوا ذلك بأسباب يرونها موجبة طبقا لما نصت عليه لوائح وقواعد النظام الداخلي لمجلسهم والمادة الدستورية ( 63 ) الفقرة ( أولا ) فيما اقترح خبراء التغذية في المجلس ( تعديل بعض ) الفقرات كوصفة طبية لمعالجة التخمة البرلمانية ، ورغم الموافقة التي حظيت بها هذه الوصفة الصحية جدا نجد في هذا المشروع عدة رسائل تلزمنا بإعادة النظر ومراجعة ما اقترفناه بحق أنفسنا من جريمة دونها التاريخ بمداد أحمر .
المثير للسخرية أن أعضاء مجلس النواب ومجلس الوزراء ومجلس الرئاسة والحكومة لا يتداولون المواد الدستورية والقانونية إلا حين تندبهم المصالح الشخصية وتستنهض ذاكرتهم النفعية ليستلوا من الدستور والأنظمة الداخلية ما شاءوا من مواد وفقرات تتناسب مع احتياجاتهم ومقاسات الخصور المترهلة . لم يتذكر نواب الحقوق والامتيازات غير المواد الدستورية ومواد نظامهم الداخلي التي تمنحهم حق الابتزاز والاستفزاز متجاهلين تماما المادة ( 18/ الفقرة أولا ) من الفصل الثالث في نظامهم التي تنص على - نشر حضور وغياب أعضاء المجلس في نشرة المجلس الاعتيادية وإحدى الصحف - والمادة الدستورية ( 19/ الفقرة تاسعا ) التي تمنع سن وتشريع أي قانون أو قرار بأثر رجعي وغيرها من المواد التي حولت أوراق الدستور والنظام الداخلي إلى مناديل ورقية يلقيها المنتخبون في سلال القمامة بعد أن يلمعوا بها أحذيتهم . أن المواد الخمسة التي تضمنها مشروع القانون جاءت جميعها بأثر رجعي وكأن من كتبه يدعونا إلى كرنفال نيروزيّ نحرق فيه الدستور الذي كلفنا غاليا ونرقص حول ناره جذلين امتنانا واستحسانا لتجليات الجشع .
مقترحات التعديل والتهذيب لا تفي لرأب الصدع المتسع بين من تم استغفالهم بمهارة شيطانية منذ ما يزيد على السنة وبين محترفي الاستغفال الغارقين في ملذاتهم تحت ظلال القبة الخضراء ورفض مناقشة المشروع المقدم ليس مكرمة يتصدق بها النواب على جيش البطالة والعوز ، كل ذلك سوليفان براق يغطي الوقاحة الفجة التي يتمتع بها من تقدم بهذا المشروع ومن رضي لنفسه أن يقترح التعديل قبل المناقشة . أن حجم الإهانة الموجهة لنا لا يمكن السكوت عنها وتمريرها ، واللا مبالاة تجاه ذلك هي أشبه بالدعوة المفتوحة لعودة المافيا الصدامية التي استأثرت بالحقوق والمخصصات ومن ثم الثروات والحريات والأرواح والتاريخ والعراق بأسره ، هكذا بدأ النظام المقبور سُلمه البغيض صعودا إلى عرش الدمار الذي نلهم رماده الآن .
أن النائب الذي يسمح لنفسه بصياغة هكذا حقوق وامتيازات لا يفرق شيئا عن أي بعوضة زيتونية اللون اعتاشت على دمائنا فيما مضى والسماح ببقاء هكذا نائب يرتع في فردوسه الأعلى هو بمثابة الضوء الأخضر لسماحات كثيرة تعود بنا إلى الدرك الأسفل من جحيم الماضي . هذا القانون مرآة شديدة النقاء نرى فيها من يحدث خلف الجدران الكونكريتية وبإمكاننا أن نميز بوضوح صور عدة أهمها أن من انتخبناهم حريصين أشد الحرص عل تطبيق المقولة الصدامية ( يكفيني من العراقيين خمسة ملايين نسمة )، رقم معقول جدا لتقاسم الكعكة بالتساوي بين الأنظمة الكثيرة المستنسخة بعد السقوط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط