الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بـراءة النص أم محاثات الجهات

عباس الحسيني
شاعر ومترجم وكاتب معرفي

(Abbas Alhusainy)

2003 / 8 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

في  الوقت الذي يشاطر فيه ، نقاد العالم اجمع ، بعضهم البعض من ان قيم النــص ، لا تحمل اي معطى للبــراءة الإنسانية الحقة ،وكما في البحوث التي نشرها رائد التحليل النفسي - سيغموند فرويــد – بناء على دراسات نصوص واعمــال فناني الإبداع المتقدمين ، وهي طبقا ، لتساؤلات الفرنسي الحاذق ، رولان بارت في مؤلفــه النقدي ، الكتابة في درجة الصفر ، أو كما هو متعارف عليه بين جمهرة القراء والنقاد بــ ( س _ ز )  وذلك التسليم الى الشفرة المفقودة ، للإستدلال على خاصية وإتجاهات نــصّ  ما ، فالشاعــر الذي يبدو بريئا في تجليات البيان الفكري ، وهو في أعلى مستويات النــزف الباطنــي ، لــما نطلق عليه - تراكمات معالجات الأنـــا الواعية - ، هو ذاته الذي يحرض على الثورة في موضع آخر ، وهو ذاته الذي يشــد من عزيمة الثوار ، ومجون العشاق ، وتهاويم المنظرين ، فهل ثمة براءة وعفوية ، حقيقيتين  في دواخل النص وبواطن العمل الإبداعي ، او لنقل في جوهر النص النبيل ، النص الخالص الذي كتب في قصـــي الأنــا المشظـّـاة ، وهــي تعـدو ما بين عالمين صاخبين ، عالم المثل والمباديء والصياغات الجامــدة والقوانين الصارمة ، ومــا بين عالم الرؤى والخيال الخصب فالتحليق الى آفاق أرواح يعدمها الزمن بحركات بشـــر خفية :
 
حين صافحني
صار كل إغـــترابي
هاجسا للجذور
                           -  سعدي يوسف -
 
ليست قوى النص غيبية ، كما يشير الناقد الدكــتور - على عباس علوان - الى ذلك ، انها واقعـيــة وصادقة ، ولكن بنــى المعرفة التي تــتشـــاكل وتتماهـــى مع الخبرات الجمالية لمبدع النص ، هي التي تمــوّه  وعلى الدوام روح المتابعة للمتلقــي ، داخل حركة جزيئات النص الأخاذة والمغرية ، وبما أراد لها الصانع الأمهــر كما يصف ذلك الشاعــــر-  ت. س اليــوت - في اهادءه براءة قصائده الـــى الشاعر المتقدم زمنا وتأثيرا –  ستيفن سبيندر  -
ان تكون  تلك الكف الكونية العطاء والمــلامسة ،  وهي التي تجعل من إغتراب -  سعدي يوسف - الإنسان المستعــذب في منفــاه ، خلية هاجس ، مجرد هاجس ـ ولعل القصد من الهاجس هنا ثمّــة ذلك التــأوه العميق  ، والإنغلاق على خرائط الأنفاس ، وهي تتــرى في إشارة الى الزمن وهو يمثل روحا سريعة الحركة والإنبثاق ،
 
لست اجــرء
 على قراءة الماضي ،
أو اللا زمان ،
ولست الحزين الأوحد
 في قصي
جهات الحكمة ،
-                                               لــويس دي بورغـــس –
-              
-              ان القـــدرة في ان تقرأ موهــوم ومكذوب الأحداث ، هي ذات القدرة التي نبــذلها في تصقح جريــدة مــا ، تتحدث عن معنــى إنساني ما ، او اللمســة البلســم لـجرح ما ، او قضية ما ، ولعل  - بورغيس الأعمى ماديا –  لفقدان القدرة على النظر المادي – هــو الأوفر حظا في  قراءة بواطن ليست بريئة أو أنها هويته تجاه شخوص نصوص القص ، كما في قصص الشبيــه ، الوشم ، ليلة الهبات ، انها الصورة الأكثر وضوحا للقاتل المنهــك والبطل الخــرافي المنهــزم الذي هو مجرد بطل للأحداث ، لا يمثل روح الأحداث ، ولا اخلاقيات الزمن المحيط  ومباديء التــندر الإنساني ،  ولا يطــرز نسيجهــا الــحي ، وإن أراد ، وكما في الوقوف المشرف  - لجعفر الجواهري -  قبالة الأخ الشاعـــر ، فهو على النقيض من القتلة وخونة الأوطان والشرف الرفيع حتى كان له هــذا اليقال :
 
تعلمت كيف تموت الرجال       وكيـــف يقــام لهم مأتـــــم
 
 ولذى عدت نصوص البعض على انها الحياة الكاملة لشـعــوبهم التي عاشوا بين ظهرانيها ، كمــا في اشعار لــوركــا وناظم حكمت ومحمود درويش ومحمد مهدي الجواهري وسعدي يوسف وعبد الوهاب البياتي ، وإذا كانت الأسماء في متوجها الشعري ، تمثل تراثا حقيقا ، على كل جهات اللا بــراءة في النضال الحق ، وهو ما كشفته وتكشفه على الدوام ، معرفيــة النصوص ،  وإيديولوجيا بــنــى محاثــّــات الوعي ، حيث الطفرات القومية التي جعلت من المتنبي شاعر رفض ، عبر اناه التي ان حلت الأجل ، وعبر المغري ، شاعر الوعي الكامن ، وفــي أنساق بــدر شاكر السياب ، حيث الغريب الذي ظل على الخليج ، طريد سلطات الخوف والترهيب ، فـــلا براءة اذن ولا إتفاق على مجمل حركات الكون والتأريخ ، فثمـّــة كائن خفي الإبداع ، وهناك عمل ما ، وقديس حكمــة  ما وشيطان فوادح  ما ، وهناك المحاثة التي تضرب وبقسوة التأريخ ، كل جذور الرجاء الإنساني وحرية الفجــر العظيم ........ .                 
 
 عباس الحسيني-  شاعرومترجم  – أميركا          
 [email protected]

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو