الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمن في العراق : أزمة الأزمات

أمياي عبد المجيد

2007 / 4 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أخر ما كان يتوقعه المتابعون للشأن العراقي ، أن يخترق المسلحون المنطقة الخضراء المحصنة بإحكام والتي يتموقع فيها كل الثقل السياسي العراقي والأجنبي ، لكن الانفجار الأخير في البرلمان وقبله انفجار محيط انعقاد المؤتمر الصحفي بين بان كيي مون والمالكي أرخا لبداية مرحلة جديدة في الحياة الأمنية بالعراق ، وأكدت الجماعات المسلحة قدرتها على اختراق الأجهزة الأمنية وقوات الاحتلال .
في تقديري أن القوى الأمنية العراقية بعددها وعدتها وبمساعدة قوى الاحتلال هي قادرة على تحصين هذه المنطقة على الأقل، لان الأمر يتعلق برقعة جغرافية محددة ، ولكنني أعتقد أيضا أن الإخلال بميزان التمثيلية في هذه الأجهزة يمثل تحد كبير في طبيعة ممارسة هذه الأجهزة لمهامها من جهة ، ووجود ثغرات كبرى في هذه الأجهزة يتم عبرها خدمة جهات سياسية بعينها من جهة أخرى ،ونحن ندرك تماما طبيعة الصراع القائم على تصفية الحسابات بين الفرقاء السياسيين ،وبالتالي استفادة هذه القوى من النظام الأمني يتم بتشتيت جهودها لحساب أشخاص معينين .
إن الوضع الأمني في العراق يمس بالدرجة الأولى المواطن الأعزل ويصبح بالتالي هو الضحية الأولى من التناحر السياسي الذي بالضرورة يحتكم إلى التمثيلية الأمنية لتثبيت نفوذه . وأعتقد انه من دواعي فهم الفوضى الأمنية يجب تفصيل بعض الحالات :
أعداء في البساتين
كل يوم تقريبا نسمع عن عمليات قامت بها القوات العراقية والأمريكية في مناطق بغداد والبصرة والانبار ، لكن أكثر العمليات إثارة للسخرية والتهكم في نفس الوقت تلك التي تقودها هذه القوات ضد "المتمردين " في بساتين منطقة الدورة التي تبعد بأربع كيلومترات تقريبا عن محيط المنطقة الخضراء التي تستعمل فيها هذه القوات أسلحة جد متطورة . وحسب مجلة نيوزويك Newsweek عدد 27 مارس 2007 فان هذه العمليات بدأت في الأيام الأولى للغزو عندما عمدت قوات الاحتلال على قصف هذه المنطقة بقنابل تزن 2.000 رطل .
منذ تلك اللحظة التي أعلنت فيها الولايات المتحدة الأمريكية بداية حربها من هذه المنطقة ورغبتها الحثيثة على إنهائها فيها، تجري صياغة التدابير الأمنية بشكل مستمر وجرت فيها ترتيبات خاصة باعتبارها معقل المتمردين ، وحسب ما يقدمه العراقيون والأمريكيون على حد سواء لتبرير التعثر الحاصل في منطقة "البساتين" فان الأمر يتعلق بصعوبة تحديد نمط التعامل الذي ينهجه هؤلاء المتمردون" فأغلب عملياتهم تتم في الليل ويجري التخطيط لها بدقة حيث أن معظم الأهداف التي استهدفوها تمت إصابتها بشكل مباشر ويموت ما بين 3و4 جنود يوميا في هذه المواجهات .
ليس من الممكن الحديث عن مواجهة القوات العراقية لهذه التنظيمات في ظل الحالة الهشة التي تعيشها، وفي المقابل ضغوط الديموقراطيين على بوش تودي بخطة بغداد الأخيرة وتضعها على محك حقيقي أساسه إما الفشل، أو الانتصار . وحتى الجنرال بيترايوس الذي يعتبر عقلا حكيما في مثل هذه المواقف اقر بان قواته تواجه ضربات قاسية .
جيش المهدي
هو ليس بجيش طبعا ولكن طوال الأربع سنوات الأخيرة اعتبر زعيمه مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي ركيزة مهمة في الاستقرار الأمني وتعزى إليه مسؤوليات كثير عن أعمال تخريبية تمت في الخط الذي يشمل مدينة الصدر والبصرة وديالى .
في العام 2003 أسس مقتدى الصدر مليشيا سماها بجيش المهدي ، يقول الصدر بان هذا الجيش-المليشيا يهدف به إلى حراسة المراقد الإسلامية والأماكن المقدسة ، ولكن المبررات سرعان ما بددت عندما وجهت إليه أصابع الاتهام بخصوص مقتل الرجل الشيعي المهم عبد المجيد الخوئي سنة 2004 ليدخل في مواجهات مسلحة مع القوات الأمريكية ساندته حينها المليشيات السنية ، بيد أن حدث تفجير مرقد الإمام العسكري في سمراء كان له وقع خاص في تغيير منحى هذه المليشيا وتحولت من حراسة الأماكن المقدسة إلى قوة تبث الرعب في صفوف العراقيين السنة الذين قتلوا على أيدي عناصرها ليلا ونهارا لدواعي انتقامية .
تنظيم القاعدة
لا أحد يستطيع أن يثبت بالقطع أن كل العمليات التي تتم وسط المواطنين هي فعلا من تدبير القاعدة ، والتفصيل في هذا الأمر يجعلنا في البداية التعرف ما إذا كانت المنطقة سنية أو شيعية هذا تحديد لعامل السيطرة المحلية أي أن الحرب الطائفية تمثل نسبة مهمة من التصور الغالب على طبيعة تنفيذ الأعمال . وبالتالي تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين لا يمكن أن تعلق عليه كل الأعمال التي تنفذ وسط المدنيين .
لكن الوضع يتأزم عندما يتم التنصل من المسؤولية وعدم الإبانة عن الضعف ، وشرعنته بإلقاء المسؤولية على القاعدة ، وكلنا نعرف بان مواجهة القاعدة يشبه الصدام مع الأشباح ، فهل هذا مبرر واقعي لاستمرار الحرب ، وضمان سكينة الديموقراطيين ؟
فيلق بدر
فيلق بدر أو منظمة بدر تتعدد الأسماء والمهمة واحدة ، لن نعود إلى تاريخ هذه المنظمة المعروفة ولكن ما يهمنا هو تحديد مسؤولياتها الأمنية في الوضع الأمني .
بخصوص هذه المنظمة التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية فعناصرها يشبهون بحرس الثورة الإيراني، وليس هذا التشبيه ببعيد عن الحقيقة فمهمة هذه المنظمة تتعدى أن تكون أداة لتعبيد الطريق لسياسيي المجلس الأعلى بل تصل إلى تصدير الثورة الإيرانية كرد للجميل على ما أسدته إيران من خدمات إبان فترة حكم صدام .
إن دلائل وقرائن عديدة تتوفر لدى الخبراء تفيد أن فيلق بدر كان المدبر الرئيسي للتطهير العرقي وتعذيب بعض العراقيين بكل أنواع التعذيب بما فيها المثقاب الآلي ، وفي أواخر 2006 قام هذا التنظيم بترحيل 11 ألف عراقي سني من مناطق متعددة من بغداد خلال فترة لا تتجاوز الثلاثة اشهر .
مطلوب رئيس وزراء جديد
يقول بعض الخبراء الأمريكيين أن المالكي أصبح على كف عفريت وأمامه وقت محدود لإثبات قدرته على السيطرة وفي اعتقادي أن الخطة الأمنية الأخيرة التي يظهر فيها المالكي حازما ، وقاسيا يبين أن فعلا مصير هذه الشخصية السياسية مرهون بنجاح الخطة الأمنية .
وفي تصريح لرضا جواد تقي مسئول العلاقات السياسية في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية لصحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 04/03/2007 قال بأن " العراق ألان يسير بالاتجاه الصحيح ولكن تواجه هذا السير عقبات وعراقيل كثيرة وأولها الموضوع الأمني ، حيث الحكومة العراقية الحالية تنفذ خطة شاملة كاملة للسيطرة عليه في العاصمة العراقية بغداد إذ أصبح الوضع متأزم جدا والتدهور في أقصى حالاته"
هذا التصريح يحيلنا على التفكير بجدية إلى أن كل المؤشرات حتى من داخل المجلس الأعلى لثورة الإسلامية ستلقي بمسؤوليات الفشل على الحكومة العراقية الحالية . ولا يستبعد أن يكون عادل عبد المهدي بديلا مميزا للمالكي، خصوصا إذا علمنا أن المجلس قبل أن يطرح المالكي لمنصب رئيس الوزراء كان على نية مسبقة بتنصيب عادل عبد المهدي لكن الولايات المتحدة رفضته واختير المالكي .
بوش : الأمريكيون سئموا حرب العراق .
بوش كان جادا بالفعل هذه المرة عندما صرح في قاعدة فورت ايرون العسكرية منذ أسابيع أمام الجنود وعائلاتهم بان الأمريكيون سئموا الحرب في العراق وبالتحديد عندما يعلمون حجم القتلى من جنودهم " المكرمون" حسب تعبير جون ميشام .
إن بوش يواجه تحديا كبيرا بإقرار ميزانية تمول قواته في العراق ويخوض حربا ضارية ضد الديموقراطيين وهو ما فتأ يخيفهم بان العدو سيتبعهم إلى أمريكا إن هم أوقفوا الحرب في العراق .
الانسحاب هو الحل
ما يرفضه بوش جملتا وتفصيلا على الأقل في الوقت الراهن هو وضع جدول زمني لانسحاب قواته من العراق وهذه ليست رغبة بوش فقط، فحتى الحكومة العراقية تدعم استمرارية الاحتلال .
يقول بريجينسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس جمي كارتر في إحدى مقالاته " ثابر دون أن تفوز .. وتوقف دون أن تخسر " وهو ما معناه أن الإدارة الأمريكية التي تريد أن تحقق انتصارا كاسحا في العراف على قوى التمرد هو أمر مستحيل فطوال أربع سنوات والتمرد يسير في اتجاه تصاعدي وربما إذا أراد بوش أن يقضي على التمرد تلزمه قوة عسكرية تقدر بإضعاف ما لديه في العراق اليوم ، وهذا أمر غير ممكن إطلاقا .
باختصار الانسحاب الأمريكي من العراق سيمهد الحوار بين الأطراف العراقية المتناحرة ولن تكون هناك مبررات لحمل السلاح حينها ستتضح الأمور أكثر وإلاّ فاستمرار الاحتلال يعني بشكل بديهي تزايد العنف .

* كاتب مغربي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تنظر الحكومة الإسرائيلية لانتهاء مفاوضات القاهرة دون اتف


.. نتانياهو: إسرائيل مستعدة -للوقوف وحدها- بعد تعهد واشنطن وقف




.. إطلاق مشروع المدرسة الإلكترونية في العراق للتقليل من الاعتما


.. نتنياهو: خسرنا مئات الجنود بغزة.. وآمل تجاوز الخلاف مع بايدن




.. طلاب إسبان يدعمون غزة خلال مظاهرات في غرناطة