الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن التجليات التعبيرية في أعمال علي طالب في غاليري اتاسي

متعب أنزو

2007 / 4 / 21
الادب والفن


في العرض البصري الذي استضافته لاهاي والموسوم بالحب والموت , تفرد الأكاديمية والتشكيلية الهولندية أنغريد روليما أصابعها لتشير إلى مايشبه أو يقترب من العالم الموازي الذي تقترحه نعمة التشكيل في لحظة ما . ربما هي لحظة اليقين بمعنى من المعاني . عالم يكاد يكون محكوم بقدريات لا تحيد ولا تخطئ من شئنها أن تحيل كل الدفاعات الروحية والذهنية إلى لاشيء .
تقول أنغريد بفعل سطوة التشكيل " عندما يلعب علي بالحب بهذه الطريقة فإنه يخلق لدينا الشعور بأننا يمكن أن لا نموت , وبالنسبة لي شخصيا وبشكل حساس , فإن علي يلعب في مقولة أن الحب والموت لعبة متواصلة "
نوع من الرؤية, تحترفه الأكاديمية الهولندية إزاء رؤية مقابلة تتّعمد بها أبحاث التشكيلي العراقي علي طالب... أو اللغة التي تمنطق الأشياء بالدرجة التي تمنطق فيها أملاءات التصوير واللون وتشير بدورها إلى أن الموت يمكن أن يكون ممرا إلى حياة أخرى بقدريات أقل ...هي أيضا إخبار عن فعل تصويري عالي وسلوك بمسميات حرفية ماهرة تعرفها جيدا ميادين المعاصرة في التشكيل العراقي ويأخذنا بها علي عبر أعماله إلى مايسمى بلوحة النقض والاختلاف , ثم وعبر ذلك إلى حدود الرمز والذاكرة ونعمة البصر دون الوقوع " كليا أو جزئيا " في أسر إحدى هذه التوصيفات .
علي طالب, أحد المجددين في المفاهيم التي أخذت حضورها المعرفي من أبحاث المعلم جواد سليم, خمسينيات القرن الماضي. حركة ناشطة كان قد عرفها التشكيل العراقي في فترة ما وأخذت على عاتقها النهوض بالتركة الرؤيوية لسليم بموازاة الحضور الرمزي والفردي لأسماء من وزن ضياء العزاوي وشاكر حسن وفائق حسن ,وأسست فيما بعد لتجربة متأصلة في مقولة التشكيل العربي .
المعنى الذي يقود لإحداثيات بصرية أكيدة يقترحها غاليري أتاسي على الدوام للنخب المتابعة في دمشق ومنها أبحاث علي طالب في عرض أول ومؤجل لأعماله منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي . بعد حضور قاده إلى أماكن متعددة وانتهى به إلى لاهاي في هولندا ابتداء من العام 1998 .
يقول التشكيلي العراقي فيما يخص فكرة الرؤية وعلاقته بالشخوص والمثيولوجيا الغنية في بلاد الرافدين وتمارين البحث لدى جيله من المجددين , كذلك عن الكيمياء اللونية والتقنية في أعماله التي تعيد ترتيب الحدود الفاصلة والتقليدية فيما بين الواقعي والتجريدي , مع كل ما يمكن أن يمليه هذا السلوك من طاقة تعبيرية تكاد لا تنضب , يقول : في البدء كان جواد سليم بأبحاثه الغنية التي نقلت التشكيل العراقي إلى مقولات حضارية يشكل التجريب والمكان والتاريخ سياقها الفني والبصري , الأمر الذي هيأ بدوره لظهور حركة المجددين التي انتمي إليها وضمت أسماء تعتبر اليوم أشارات أساسية في تجربة التشكيل العراقي المعاصر. نوع من النهوض عرفه التشكيل العربي ككل في تلك الفترة وكانت أمثلته الموازية في دمشق تختصر أيضا بأسماء كالياس الزيات ونبعه وحماد والمدرس وشورى وغيرهم .
منذ ذلك التاريخ حتى اليوم عرفت مناسيب تجريبية مختلفة كان الفضل في مناخها التحريضي الأول يعود لفائق حسن , تجريب ضمن مفاهيم المعاصرة والحداثة وإخلاصها لمفردات المكان والتراث المثيولوجي العراقي لناحية الموضوع والتون اللوني وحتى هوية الشخوص , كانت هناك لي تجربة في الأقنعة أيضا عرضت في بغداد في العام 1976 ثم قادني التشكيل إلى القاهرة ,الأمر الذي حرك عندي أحاسيس جارفة للانحياز أكثر فأكثر للقيم الجمالية في اللون مع التأكيد على زوايا حادة في التجريب التقني .
بفعل كل هذا يمكن أن تتشكل مناخات الرؤية وافتراضات التشكيل النهائي والمشهد التعبيري على سطح اللوحة ودون ذلك يمكن أن يذهب العمل في اتجاهات مجانية غير منتجة لأثارها .
مغامرة شديدة التشعب تلك التي يتناولها علي طالب في أعماله ، معززاً حضورها بالصوت والرائحة وموسيقى الخطوط ونسيج تقني ماهر. تلك المفردات المستعارة من جموح مخيّال وبحث منهجي مستديم الخطى في تعبيراته الفنية ، تبرز فيه مقدرته على تحريك عناصره ومكوناته في مساحات البياض...كإيقاعات ضوئية مرصوفة بالأفكار ومسالك الجدل ، وحوار سردي بصري مفتوح على فضاء اللوحة وفق نصوص فنية تشكيلية قابلة للفهم والمجادلة وتنوع الرؤى والاستنتاجات .
في أعماله التي توزعت فضاء غاليري أتاسي ، والمنفذة بأمزجة لونية مختلفة وبمهارة فائقة وعين بصرية مقتدرة على التقاط "الرمزي والإيحائي" في ذاكرة ثرية تعود إلى العام 1964 . تاريخ لمعانها البصري والتصويري الأول , يتعمد طالب إعطاء الأشياء المصمتة والمهملة في حياتنا اليومية بعداً أجمالياً يدخل من نافذة الحساسية القابلة للتفاعل مع عقل المتلقي وعينه.
المعنى الذي يشكل حالة أشبه بالتناص البصري واستعارة مقصودة ، فيها المجاز والمتخيل والمقارن وأساليب التعبير المساعدة على التكييف مع مكونات الطبيعة وتكثيف المعاني والرموز الدلالية الموحية ، والمكانة التي تشغلها مثل هذه المفردات في الطقس الفني والتشكيلي لديه.
تجربة تؤكد بتأثيراتها أن خلاص الفن يكمن في حرفيته الذاتية ، فكلما كانت ذات المبدع شمولية من حيث الثقافة والمعرفة كانت أمامه مجالات عديدة للتعبير .
ولذلك تبدو التنويعات الخاصة التي يعمل عليها علي طاب قادرة على منح المتلقي أينما كان رؤى جديدة يزاوج من خلالها بين ما يناسب فكره وتاريخه وبين ما هو داخلي في ذاته وبين ما هو ثقافي وتجريبي.
مع كل التغيرات والتحولات التي طالت دور الفن في القرن الماضي وعن أهمية هذا الدور وفعاليته يبقى الفنان الأول المسؤول عما يقدمه للإنسانية من عطاء ونتاج يقرر موقفه من الحياة .
علي يقف وسط هذه المسؤولية بامتياز العارف و يعمد إلى تجيير كل سلوكه الفني لغايات الفن الممتلئ حتى أخره بالحوامل الحضارية المشرقية .مع ركونه إن صح التعبير إلى مصداقية عالية في البيان اللوني الذي يؤكد على الإمساك بالتراكم الحدسي للإنسان ، وتسجيل مكاشفه حسية وحقيقية لحياته وخيالاته المجنحة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي