الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك حرية تعبير في العراق الجديد اذا تعلق الرأي برفض الاستفتاء على كركوك!!!

ثائر كريم

2007 / 4 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


من الصعب ان يجيب بنعم المتتبع لتطورات الاحداث في العراق وخصوصا ما يتعلق بموضوع الساعة الساخن تطبيق المادة الدستورية 140 حول مدينة كركوك العراقية.

ما ان تم اطلاق حملة باسم الموقعين من خلال موقع الحوار المتمدن من اجل انسانية مدينة كركوك وتقرير مصيرها بطريقة حضارية بما يعني رفض الاستفتاء المقبل انطلقت الابواق لوقف هذه الحملة.. وقد تمادت اطراف معينة في وصف الحملة ونصها والموقعين عليها باطلاق مختلف النعوت التي تذكر باساليب اعلام النظام البعثي المقبور وطبخات مخابراته القميئة. ومما يندى له الجبين، جبين كل عراقي شريف, اقلاما تدعي الثقافة تبيح لنفسها استخدام سلسلة لا تنتهي من الالفاظ النابية ليس لها اي صلة بالثقافة أو رابط بالحضارة. ومما يثير التساؤل عن مدى مصداقية اي جهة تدعي الديمقراطية اذا كانت تطالب بوقف هذه الحملة لانها لا توافق افكارها.

ان الجهات التي ترفع شعار الديمقراطية من الاحزاب السياسية والمجموعات الثقافية العراقية لاسيما بعض القوى الكردية لصلتها بالموضوع المطروح اذا جردت هذه الديمقراطية التي تدعيها من حرية التعبير عن الرأي فماذا يبقى من ديمقراطيتها؟ مافرق ديمقراطية هذه الجهات، اذن، عن ديمقراطية نظام صدام حسين؟ وما فرق مثقفي العراق الجديد من امثال حملة تلك الاقلام عن ادعياء الثقافة في النظام الديكتاتوري؟ المقارنة البسيطة تؤشر، للاسف، على وجود ذات الاساليب بين بعض ساسة العراق الجديد ومثقفيه وسياسات النظام السابق المنبوذة.

يجب ان تتلاقح الاراء حول موضوع كركوك. وهذا لصالح العراقيين جميعا بدون استثناء. يجب السماح لكل الاراء المتعلقة بمصير العراق والعراقيين ان تطرح بحرية تامة. منها الرأي القائل ان بنود المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بالاستفتاء على مصير مدينة كركوك العراقية وهوية انتماءها وماهية مستقبلها واخراج الوافدين اليها ابان عهد نظام صدام حسين الاستبدادي هي بنود عنصرية لاتمت للديمقراطية اوالعدالة بصلة ويجب على البرلمان العراقي الغاءها كليا.

تنص بعض بنود المادة 140، التي يتوهم واضعوها انها ستؤدي الى تطبيع الحياة في كركوك، على اخراج سكانها من الوافدين الى المدينة ابان النظام البعثي واعادتهم الى مناطق نزوحهم الاصلية. يعقب ذلك اجراء احصاء سكاني ينتهي باستفتاء عام في نهاية سنة 2007 لتحديد مايريده السكان من كركوك من حيث الانتماء الى اقليم كردستان او بقاءها عراقية الهوية والمصير.

من حيث الاصل، تم نقل المادة 140، فضلا على عدد مهم من المواد الدستورية التي صاغتها مجموعة دستورية تمثل بعض اهم القوى السياسية في العراق والتي صوت عليها قبولا الشعب العراقي عام 2005، من متن قانون ادارة الدولة المؤقت نقلا تعسفيا. فهذا القانون ذاته جاء نتيجة مفاوضات هذه القوى (جلها من قوى المعارضة السابقة للنظام الصدامي) تحت اشراف الاحتلال الامريكي وبقيادة الحاكم الامريكي بول بريمر. وبالتالي فقد عكست المادة اصلا موازين بعض القوى السياسية الكردية وغيرها التي حسبت ان تطبيق هذه المواد سيتيح رسميا ضم بعض المناطق المهمة وخصوصا مدينة كركوك الغنية بالنفط ووضعها تحت سيطرتها مباشرة لاسباب مختلفة. وحين نقلت تلك الفقرات من قانون ادراة الدولة المؤقت الى مسودة الدستور الجديد تم اهمال وحذف الفقرة ج القائلة ان كركوك تبقى حالة عراقية خاصة مثل بغداد. لعل حذف هذه الفقرة ذات الدلالة العميقة على واقع حال كركوك من متن الفقرة خطوة ضيقة الافق ربما تؤشر على سياسات التنافس الطائفي والاستحواذ القومي التي تسعى اليها بعض القوى.

يرفض هذه المادة معظم سكان مدينة كركوك العرب والتركمان وجل الكلدواشوريين والشبك وحتى عدد مهم من الكورد من الذين يعون المخاطر الكارثية لحصر هوية المدينة كرديا وعزلها رسميا عن اطارها العراقي الطبيعي. كما ان معظم المواطنين من سكان المدينة، كردا وعربا وتركمان وكلدواشوريين وشبك ويزيديين، مسلمين ومسيحيين وصائبة وملحدين لا يريدون حسم هويات او اخراج ناس او تغيير خارطة. أبدا. هؤلاء الناس لا يفكرون يوميا الا بكيفيات تدبير المعيشة ورفع مستوى الحال وتحسين الحياة الانسانية. فالناس يدركون كل الادراك انه لا التعريب الذي مارسه نظام صدام حسين الاجرامي، ولا التكريد الذي تعتقد بعض القوى السياسية والثقافية انها لها الحق في ممارسته ردا على ممارسات باطلة سابقة ولا التتريك الذي تأمل ان تحققه بعض القوى تعكس حلولا مستديمة او لها حظ على البقاء لمدينتهم البائسة الان. على العكس من ذلك تماما.

ليس من المعلوم ان القوى التي تريد تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي من كل بد تعي النتائج الكارثية المحتملة التي ستترتب على سكان المناطق المختلطة في كل العراق بما فيها كركوك من قبيل احتمال تأجيج صراعات دموية قد تستمر عقودا حول هوية المدينة. أو يفكرون بحقيقة تكريس هويات طائفية في مدينة تتسم بالتنوع من كل النواحي. أو يتوقعون كيف يمكن ان تحذو مدن ومناطق اخرى حذو كركوك في خلق استفتاءات على الهوية تنتهي باقصاءات ومنافع واقطاعات وتؤثر على الاكراد قبل غيرهم. الاستفتاء على الهوية ليس عملية ديمقراطية الا شكلا ومظهرا.

ثمة امكانية حقيقية ان تحقق القوى المحبة للخير والداعية للتعايش السلمي بين كل مكونات المجتمع العراقي الغاء هذه المادة بلا رجعة. وسيكون هذا الالغاء بلا مواربة صوتا مدويا من اصوات العقلانية العراقية الرافضة لفتح ابواب جديدة للنزاعات الطائفية والاثنية والمذهبية. وسيؤشر هذا الالغاء على نشوء معلم بارز من معالم الاستقرار السياسي والتعايش الحر والتنوع الايجابي.

كل العقلاء من مختلف مكونات الشعب العراقي يدركون ان المعنى الحقيقي الوحيد لتطبيع الحياة في مدينة كركوك ومنطق مصيرها هو الاقرار التام بانتماءها، بالضبط مثل باقي المدن، الى دولة قانون ديمقراطية وليس الى اقليم معين وحصرها بهوية واحدة وحيدة. هذا الاقرار هو اقرار باحقية كل الناس في العيش فيها. وهو اقرار بتعددية الهوية الثقافية للمدينة وتنوع نسيجها الاجتماعي. وحدها دولة القانون القائمة عضويا على قواعد الديمقراطية ومبادىء حقوق الانسان وقيم المساواة والتضامن الانساني- وليس اي اثنية او هوية او طائفة او قومية بمفردها فقط – هو ما يشكل عماد هوية كركوك.

يعرف ملايين العراقين الذين اجبرتهم مأسي العراق على ترك اهاليهم وديارهم وخصوصا اولئك الذي وجدوا طريقهم الى بلاد الغرب ومنا البلدان الاسكندنافية ان الدعوة الى اخراج مجاميع سكانية معينة من منطقة معينة جريمة عنصرية يحاسب عليها القانون وتدينها بشدة كل القوى السياسية في هذه البلاد عدا القوى اليمينية الفاشية. يعرف العراقيين ان اخراج الناس، عنوة او بالترغيب، ممارسة عنصرية معادية للبشرية ولا تمت للقيم الانسانية بصلة.

من هنا فان مواد المادة 140 المتعلقة بالاستفتاء على هوية مدينة كركوك واخراج الوافدين اليها تستوجب الالغاء الان لانها، اولا، بنود عنصرية غير ديمقراطية تعيد تكرار مأسي الاستبداد الصدامي القائم على احتكار الموارد السياسية والمالية للدولة لصالح مجموعة معينة بالاساس. وثانيا، بالتالي، لانها بنود تفتح الابواب على مصاريعها لمساعي السيطرة الطائفية او القومجية لمجموعة على حساب مجموعة او مجاميع اخرى. ولانها ثالثا، بنود نزاعية تؤجج مباشرة مشاعر التهيج والحنق بين العراقيين وتجعل حالة القلق والتربص ظاهرة ثابتة في العلاقات بين مكوناتهم الاجتماعية وخصوصا في المدن الاكثر اختلاطا لاسيما بغداد والموصل.

ان جل الشعب الكردي والكثير من قواه السياسية والثقافية كانوا من ضحايا النظام البعثي الاستبدادي سوية مع جل مكونات الشعب العراقي الاخرى. هذا ما طرحه مرارا وتكرار الزعماء الاكراد انفسهم مؤكدين على تاريخ المعاناة المشتركة بين الجميع. تاريخ معاناة سببها نظام استبداد لم يشأ ان يسمع الصوت ألاخر. نظام ارتأى قتل الصوت الاخر. فما كان مصير ذاك النظام؟ والان تعيد بعض القوى السياسية العراقية الجديدة امجاد الدكتاتورية. صار ضحايا الامس سادة الواقع الراهن المحكوم بالاحتلال والارهاب والطائفية والمعاناة الشعبية الدامية. اذا كانت هذه القوى المسيطرة لا تريد مجرد سماع الراي القائل ان الاستقتاء على هوية كركوك سيخلق اخطر مصادر الارهاب واقسى الوان المعاناة للعراقيين كلهم بما فيهم الاكراد فما معنى الحرية ومنطق الديمقرطية اصلا؟
ما مصير هذه القوى، اذن؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء تقارب السودان وروسيا؟


.. الاحتجاجات الداعمة لغزة: رئيسة جامعة كولومبيا تهدد بفصل طلاب




.. بلينكن: أمام حماس عرض -سخي- من قبل إسرائيل.. ماذا قال مصدر ل


.. الانتخابات الأميركية.. شعبية بايدن | #الظهيرة




.. ملك بريطانيا تشارلز يستأنف مهامه العامة | #عاجل