الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلس الشعب في لافتات

ماجد رشيد العويد

2007 / 4 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يصدق المرشحون إلى انتخابات ما يسمى بمجلس الشعب أنهم ممثلون لهذا الأخير فاقد الحقوق والتائه بين سندان الفقر والجهل، وينسون، عن جهل على الأغلب، أنهم لا يمثلون حتى أنفسهم. وكي لا ننسى نقول إنهم جميعاً لا تتوافر فيهم الأهلية لتمثيل هذا الشعب، وحتى من ظهر منهم نظيف اليد وحسن السيرة، فإنه ملوث بحكم القبول بالترشيح إلى هكذا مؤسسة ظهرت في قصفها نائب رئيس الجمهورية السابق عبد الحليم خدام على نحو مأساوي يثر القرف. وربما من المشاهد التي تحمل المرء على التقيوء ما رأيته بأم العين من مرشح مستقل رقّي يتقدم بالتهاني من مرشح أحد أحزاب الجبهة في المدينة ذاتها لفوزه المسبق بالطبع بكرسي "النيابة". أقول "النيابة" تجاوزاً لأن هذه اللفظة تشير إلى مرحلة أصيلة من عمر البرلمان السوري يوم كان بكامل الأهلية والشرعية. أما "برلمان" هذه الأيام فإنه وجد لتبرير سياسات الحاكم، وتمريرها وسحق آمال الشعب الذي باسمه يحكمون بلداً نهبوه ودمّروه. ثم أصيب القائمون على أمر المؤسسة التشريعية بما يمكن لنا أن نسميه هنا بالجنون أو ببلوغهم حدّ الاستهتار الكامل بالناس فعقدوا العزم على صناعة "ممثلين للشعب" من فئات بشرية كاملة الأوصاف في التبعية فاختاروا نماذج لا تقدر على تمثيل الحجر فما بالك بالبشر.
فمن ملك بعضاً من الإحساس بالمسؤولية مع شيء من الكرامة لن يرضى أن يكون في المكان الذي يتنافس عليه اليوم ما يقرب من عشرة آلاف مرشح على 80 مقعد هي حصة من أُطلق عليهم المستقلون، وهؤلاء في العادة ليسوا مستقلين إلا بقدر ما هم مقالون من إنسانيتهم. ومما يلفت الانتباه أن كل "مستقل" يضع اسمه في قائمة ما يدعى بالجبهة الوطنية التقدمية في دورة نفاق مكتمل لا يجيده سوى الباحثين عن شهوة السلطة في بلد احتكره الجاهلون وقالوا موتاً، موتاً لهذا الشعب.
على أن اللافت أن الناس في عمومهم عازفون، نفسياً، عن هذه المهزلة وإن ذهب كثير منهم تحت وطأة الخوف وتحت وطأة انتماءات عشائرية وقبلية إلى التصويت على هذا المرشح أو ذاك. أيضاً من ينظر إلى اللافتات المعلقة على الجدران وإلى صور المرشحين يبصر بغير جدل كمية من الغباء تحملها عيون ذابلة ووجنات منتفخة تملأ الشوارع ووسائط الدعاية المنتشرة في ميادين المدن.
أيضاً وفي هذا الإطار فإن "كمية" المرشحين إلى الانتخابات من "المستقلين" والبعثيين والجبهويين، الرقة مثالاً، ليسوا ممن يأمل المرء منهم خيراً ذلك أن القاعدة التي يقوم عليها الذهاب إلى المجلس البعثي هي في أن تكون شيخ عشيرة وهذا في الغالب الأعم لا علاقة له بالاقتصاد ولا بالسياسة ولا يدري من أمر بلده سوى رغبة قبل شبابية تملأ أحشاءه فينتفخ ويهيم في الشوارع بها، ويدور على السرادقات المنصوبة لأجله. وأما من كان بعثياً فهو إما "مناضل" متقاعد من النضال في صفوف حزب البعث ورأى القائمون على البلاد والعباد تكريمه بكرسي في مجلس الردح السوري، وإما آخر اعتقد أن تبوّءه مقعداً في المجلس هو بعض حقه وجزاء له على نضاله.
ولو نظر السائر في شوارع الرقة لرآها قد تزينت بما يسمونه عرساً ديمقراطياً قوامه لافتات كتب عليها أسماء المرشحين إلى مجلس الردح، وبعضَ شعاراتهم ونماذجَ من برامجهم الانتخابية. ولو نظر السائر عينه إلى واحد منهم لرآه يمشي في الأرض مرحاً، من دون أن يسعفه عقله بعد أن الناس لا يقبلونه، وأنهم عنه وأمثاله منصرفون.
ولا يمكن للناس أن تنسى أن هذا المجلس الميت والذي لا يملك هذه الأيام أمره بنفسه ساهم في إذلالهم بقوانينه وتشريعاته. ومن طرائف أحد شيوخ العشائر المرشحين إلى الدور التشريعي الأخير أن برنامجه الانتخابي غصّ بما سيقوم به للناس ابتداء بسعيه إلى إقامة بنية تحتية تليق بمدينة منتجة للنفط وللحبوب وتقوم على تزويد الدولة ببعض طيّب من ميزانيتها، إلى القيام بواجبه نحو تقويم الوضع التعليمي في بلده، إلى الصناعة ومن قبلها إلى الزراعة، وليس آخرها سعيه الحثيث إلى إرسال جائزة مالية للمبدعين في حقول القصة والرواية وسائر فنون الكتابة. على أن هذا الشيخ الذي بدا كريماً على نحو ما، لا أظنه قادراً على الوقوف بوجه رئيس مجلسه إذا ما طلب إليه أن يصمت كما فعل "الراحل" عبد القادر قدورة يوم ألزم منذر موصلي بالصمت على رغم الظهور المسرحي لهذا الأخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي