الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد ..الى اين..

ليلي عادل

2007 / 4 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


فاجأتنا بعض وسائل الأعلام الدولية منذ 2003 بمصطلحات جديدة لم نكن نسمعها من قبل ..و هي تصف مناطق بغداد و محافظات العراق بأغلبياتها الطائفية ...و هكذا بعد ان كان وقع الوصف مفاجيء و غير مهم اصبح بالتكرار و التعود هو القاعدة و صبغت مناطق بغداد بلون الطائفة و بدأت وسائل الأعلام الأخرى بأستخدام الأسلوب ذاته عند نقل خبر عن حادث او انفجار في المنطقة هذه او تلك فلم يخلو اي خبر من وصف ..(ذات الأغلبية ال...) و هكذا عمق الأعلام و الذي لم يبتكر او يرتجل هذا الأسلوب بل بالتأكيد كان هناك اساس من سياسات دول و مصالح احزاب و شخصيات تقف خلف هذا الأسلوب ..و الذي رسم خارطة العراق من جديد و قسم بغداد حسب اغلبياتها ..وكان هذا مع سياسات الأغتيال على الهوية و التفجير على الهوية و القاء القبض و الأختطاف على الهوية ....هو ما عمق الأنقسامات بين العراقيين و كما هو واضح لم تكن تلك السياسات عشوائية و لا تعتمد الصدفة بل كان كل شيء مخطط و مرسوم له ..لتصل الأوضاع الى ما وصلت اليه اليوم ..من سيطرة اشخاص يرأسون عصابات تسمى احزاب و لهم مليشيات تنفذ كل ما هو مخالف للقانون ..يحملون مسميات حمايات خاصة او حتى حرس او شرطة ...و المجتمع خانع ضعيف منشغل في الدفاع عن حياته و متربص لأي خطر حقيقي او وهمي يمكن ان يفاجئه ..مع غرقه في هموم توفير ابسط متطلبات الحياة المادية و لن اقول المعنوية ..
ففي بغداد ما ان تركب سيارة اجرة حتى يسألك السائق ..( انت منين ....) و مثله صاحب المحل و الحلاق و القصاب ...و غيرهم من اصحاب المهن ..و بدأ الجار يجري بحوث و استقصاءات عن جيرانه الآخرين ليعرف ما هي اصولهم و انتماءاتهم ..و حتى في المدارس و الكليات بدأ الأساتذة فضلا عن الطلبة بالتحقق من اصول و انتماءات الغير , من زملائهم و على هذا الأساس تبنى اساليب التعامل مع الآخر ..كل هذه الممارسات جديدة على المجتمع العراقي و البغدادي بالأخص ...كنا في الجامعة مجموعة كبيرة من الأصدقاء ..لم نفكر يوما ولو للحظة في ان يسأل احدنا الآخر من اين انت و كان يكفينا اننا اصدقاء ..و كانت بغداد تلمنا و نحبها بكل مناطقها لم نكن نرى خارطتها التي رسمت اليوم كنا ننتمي لكل منطقة ندخلها و نتجول في شوارعها ..كانت بغداد كلها لنا ..بغدادنا ..
اليوم بغداد تتحول الى مناطق مسورة بالكونكريت و اهلها يتحولون الى معتقلين..داخل بيوتهم و داخل جدران تحيط بتلك البيوت...حيث يقوم الأمريكان بالتعاون و تحريظ من حكومة الميليشيات ببناء جدران لتعميق الفصل الطائفي ..و لتعميق الشعور بالعزلة و الأغتراب لدى اهالي تلك المناطق ....
قبل شهور سمعت ان المنطقة التي فيها بيتنا الذي هجرناه قد احيطت بجدار فصل..تألمت لأن بيتي صار حبيس الكونكريت و احسست ان العودة اليه باتت بعيدة المنال ان لم تكن مستحيلة ..و اليوم اراقب في الأخبار عملية البدء ببناء جدار يحيط بالأعظمية ....و انا واثقة ان هذه السياسة ستستمر و ان بغداد المدورة ..ستتحول الى اشلاء مقسمة مجزأة بجدران كونكريت بغيظة و ان البغداديون سيموتون قهرا على مدينتهم التي تغتال ببطء امام اعينهم و تتحول الى سجون تحتويهم.... .هنيئا لنزلاء المنطقة الخضراء...و كلهم غرباء..لا تعرفهم بغداد و لا هم يعرفوها...هنيئا .. لأنهم حققوا اهدافهم في طمس ملامح بغداد و قتل الروح البغدادية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا