الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حواف الهاوية

جهاد الرنتيسي

2007 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لحاجة استحضار الاحتمالات ، واعادة النظر بالمعطيات ، وتبديل زوايا الرؤية قوة الالحاح حين يتعلق الامر بالتفاعلات الديناميكية المشوبة بالغموض كما هو حال تطورات الملف العراقي الموغل في التباساته .
ويزيد تقادم الازمات العراقية المتفاقمة للعام الرابع على التوالي ، واستفحالها ، وانفتاحها على المجهول من ضرورات تشريح خطاب الاطراف الاقليمية التي حولت العراق الى ساحة للمواجهة .
فمن ناحيتها لم تتوقف "طهران" اللاعب الاقليمي الاكثر حضورا في التفاصيل العراقية عن الدعوة الى انسحاب القوات الاميركية من العراق .
وتتكئ دعوات القادة الايرانيين على ارث من الشعارات يمتد الى قرابة ثلاثة عقود اعقبت وصول رجال الدين الى الحكم .
ولكن ارث الشعارات المتفرعة عن مقولة " الشيطان الاكبر " عجز في اكثر من منعطف عن ردم الهوة الشاسعة بين براغماتية الملالي التي وصلت حد ابرام صفقة " ايران ـ كونترا " وهتافات " الموت لامريكا " التي تدغدغ مشاعر العامة في مساجد طهران بعد صلاة الجمعة .
وبعد اربعة اعوام من الوجود الاميركي في العراق ، وما تخلل هذه الفترة من حروب بالوكالة ، وترقب وصول طهران وواشنطن الى صفقة لترتيب البيت العراقي استقرت ازمة مصداقية الخطاب السياسي الايراني في المربع الاول .
وتتمثل الازمة الراهنة للخطاب الايراني المتارجح بين قومية فارسية وميثولوجيا اسلاموية في تناقض المطالبة برحيل القوات الاميركية عن العراق مع المصلحة الايرانية في بقائها على المدى المنظور .
فالمصلحة الايرانية تقتضي ابقاء القوات الاميركية رهينة في العراق لضمان حالة التردد الاميركي في القيام بعمل عسكري ضد ايران .
ولا يخلو الامر من ادراك ايراني للضغط الداخلي الذي تواجهه الادارة الاميركية للانسحاب من العراق .
وحددت مصلحة طهران وفهمها لطبيعة "الصراع" و"الخصم" اتجاهات ووتيرة منحى التصعيد الايراني في العراق .
ففي استعراض واضح للقوة ادت انفجارات يوم واحد من العنف الاعمى الى سقوط المئات من القتلى والجرحى في مناطق مختلفة من بغداد .
وجاء هذا التصعيد الامني بعد هزة سياسية ـ تمثلت بانسحاب التيار الصدري من الائتلاف الحكومي ـ افقدت حكومة نوري المالكي توازنها وابقتها عرضة للانهيار .
وفي مؤشر آخر على نزوع ايران للمغامرة في هذه المرحلة لوحت طهران بامكانية مقاطعة مؤتمر شرم الشيخ التدويلي .
وساهمت الخطوات التصعيدية الايرانية في تقليص هامش مناورة حكومة المالكي التي تعتاش منذ تشكيلها على شعارات تفتقر لانجازات حقيقية .
فلم يعد بامكان الحكومة العراقية اشاعة اجواء احتفالية حول مؤتمرات المصالحة المعزولة عن الاطر الفاعلة في المجتمع العراقي .
وتحول الحديث عن تعديل وزاري ينقذ حكومة المالكي الى مثار تندر مع استقرار الائتلاف الشيعي على سكة التفكك وتلويح الكتل النيابية بالانسحاب من الحكومة انطلاقا من قناعة بتحولها الى عامل تأزيم .
وتصاعد العنف في بغداد لا يترك مجالا لتجاهله بالدفاع عن خطة امنية لا تاخذ المصالحة الوطنية الحقيقية بعين الاعتبار .
ولا شك في ان هذه المقدمات كانت كافيه لوضع حد للمرونة التي تتبعها واشنطن في تعاملها مع الاخفاقات المتتالية للسياسات التي تتبعها حكومة نوري المالكي منذ تشكيلها .
كما عبرت تحذيرات وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس خلال زيارته للعراق
ـ التي جاءت في هذا السياق ـ عن تراكم مؤشرات تحول العلاقة بين واشنطن وطهران .
ففي حملتها على افغانستان التقت واشنطن وطهران على عداء حركة طالبان ، وتكرر المشهد مع اختلاف بعض التفاصيل خلال الحرب التي شنتها الولايات المتحدة لاسقاط النظام العراقي السابق .
ولكن ارضية لقاء القطب الكوني الباحث عن مقومات دوام وحدانيته ، والقطب الشرق الاوسطي الطامح للهيمنة على المنطقة انطوت على ما يكفي لافساد شهر العسل بينهما ، والعودة الى خطوط المواجهة .
فمن الصعوبة ان تعمر العلاقة بين اندفاع ايراني للسيطرة على اهم مصادر الطاقة التي ستبقى لعقود مقبلة ـ على اقل تقدير ـ عصب الحياة في الولايات المتحدة والغرب ، وحرص اميركي على عدم الوقوع في مصيدة الابتزاز الايراني .
ويعبر تصاعد ازمة البرنامج النووي الايراني المرجح ان تنتهي بمواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران عن حدة تضارب المصالح.
فالتقديرات البعيدة عن التهويل تشير الى شوط طويل يتوجب على طهران قطعه قبل التحول الى دولة نووية .
ولكن ايران استمرأت تضخيم خطرها النووي، الذي يلبي حاجة الملالي الطامحين لتحشيد الايرانيين خلف سياساتهم ، ووجدت الولايات المتحدة في التركيز على هذه المسالة فرصتها لتسريع وتيرة الاصطفافات الاقليمية والدولية التي تسبق المواجهة العسكرية ،والتقط الجانب الاسرائيلي طرف خيط التصعيد الايراني ـ الاميركي لاستعادة دوره الاستراتيجي الذي فقده في حرب اسقاط نظام صدام حسين .
وبذلك تاخذ المواجهة الاميركية ـ الايرانية المقبلة ملامح خطوة جديدة لاعادة ترتيب المنطقة .
وتملي مثل هذه الخطوة على الاطراف العربية الاكثر حساسية تجاه الصراعات الاقليمية والدولية مثل العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية مزيدا من الحذر في التعاطي مع المرحلة المقبلة .
فالقوى الفلسطينية معنية باقصى درجات التماسك لادامة قضيتها الوطنية المرشحة للشطب ، وتنحية الاجندات الخارجية ضرورة ملحة لمنع انزلاق لبنان في دوامة دموية جديدة ، والقوى العراقية مطالبة اكثر من أي وقت مضى بوضع المصالحة الوطنية في واجهة اولوياتها ، والتخلي عن نهج تصفية الحسابات الذي يتبعه العديد من الاطراف وتحول الى سياسة حكومية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل