الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافة العالم المسطح.

أمياي عبد المجيد

2007 / 4 / 23
العولمة وتطورات العالم المعاصر


كل شيء ينهار أمام الكونية وما لم يتحقق للفقراء اليوم أصبح بامكانهم تحقيقه ويستطيعون أن يمتلكوا أجهزة التلفاز وبرادات وهواتف نقالة . إنها الكونية أفسحوا لها المجال لتدخل عليكم بالسرور وتخلصكم من بلوى الفقر المدقع أيها الكادحون .
هذا الخطاب قريب جدا من الخطاب الذي يفرضه دعاة الكونية واللاحدود والعالم المسطح. كيف يفتعلون كل هذه المسميات ، ولماذا ؟
بريق زائف
إننا نحن المستهلكون ننساق أحينا إلى فهم طلاسم وسياسة بعض الشركات الخيرة التي على الأقل نعتبرها كذلك، أو حسب التداول اليومي استنتجنا أنها جيدة ونفهم أنها شركات تختار لنا الأجود وترغب في كسب تعاطفنا معها لتشكل منظومة استهلاكية تؤدي بالمؤشر إلى خدمة الاقتصاديات الوطنية .
قطعا ليس هذا هو الهدف ، فهذه الشركات العملاقة عندما تعجز على بلوغ سقف معين من التحصيل ألمعلوماتي تلجأ إلى أساليب البريق، والتمييع، هذه النقطة الرمزية في التعامل عن بعد مع المستهلك هي اشد فتكا بالقدرات المالية لهذا الأخير ، وان كان الخلاف بيننا في التأثير الهستيري ونسبه لتقنيات الصورة فالواقع اثبت أن معظم اللذين استسقوا أفكارهم الغليظة جرت صياغتها انطلاقا من مشاهدتهم للإشهار .
إن الزعم بأن الإشهار بحد ذاته وتسويق المنتج بإثارة واضحة هي الأسباب وحدها التي تحكم السيطرة على المستهلك، أمر فيه بعض المبالغة . يجب أن نغلب منطق العقل في هذه الحالة فلا يعقل أن تكون هذه الشركات العملاقة بهذه الضخامة وهذا الاحتكار الواضح لوسائل الإعلان دون أن ننساق بتلقائية إلى أن الهاجس الأكبر الذي يحكم تصورات هذه المؤسسات قبل الرضا العام للجمهور عن الأداء نفسه ، هو بلوغ حتمية اقتصادية تعنى باختراع أسلوب كذب يسهل بمكان دمجه في الحقيقة ويصبح جزءا من الواقع الذي يدخل في تشكيل الرؤية لدى المستهلك، ونحن دائما في إطار الاستهلاك لا يمكن أن نضمن الشفافية إذا ما كلفت جماعة تمثلنا تطالب هذه الشركات بكشف حساباتها ، وقد تحصل على كشوفا مزورة وأحيانا أو دعونا نقول دائما تكون الأنظمة السياسية القائمة ، الحديقة الخلفية لمثل هذه الشركات .
دعوة مشبوهة للكونية
بعد انتهاء الصدامات العالمية العسكرية المباشرة للقوى الكبرى واهتمامها برعاية اقتصادياتها جرت الصدفة أو ربما بالإلهام الذي كان على الدوام محض احترام العقل الغربيين الذي تمكن بعد صراع كبير فيما بينه إلى رسم استراتيجية أكثر عدالة في اعتقاده.
وربما سيتضح لنا أن فكرة العدالة هذه هي التي انبثقت عنها الدعوة اللامتناهية لفتح الأسواق أو ما يسمى بالكونية المطلقة . ولا يجوز أن نسلم بمبدأ انتهاء الصراع العالمي، وقصدي في انتهاء الصراع العسكري العالمي أي أن هناك أسلوب جديد للصدامات التي تفرض حتمية الدخول في الصراعات الإقليمية كما يحدث اليوم في العراق ، وكيف أن الصراع العالمي الذي تحول إلى حرب الشركات التي تتنازع ميدانيا في العراق حتى تكون الثروة الهائلة بما يسمى الشركات المتعددة الجنسية .
حواجز التاريخ ،والحضارة ، والدين ،والعرق، كل شيء من هذا القبيل ينهار أمام أيديولوجية الكونية ، هذا المبدأ الذي لا يمكن التنازل عنه في خدمة كونية الاقتصاد وكسر الحواجز التي تعيق الإنتاج، والصراع الدائم الذي كان يشوب كل شيء في زمن الثنائية القطبية. يحاول زعماء القطب الواحد أن يروجوا لسياسة المنفعة الكونية لكن هي في الأصل صراع قطبي واحد يغطي على رغبة السيطرة على كل شيء .
إن الحديث عن الصيغة الحالية للعالمية، هو تحديد يشير أكبر عدد من الشكوك في صيغة أسئلة جديرة بالطرح ، هل واقع الحال يعكس تماما التنافسية المفتوحة ؟ وهل هذه المشاكل التي تتخبط فيها اقتصاديات العالم الثالث هي نتيجة لهذه الكونية ؟ أم أن إدراك سقف النمو يفرض إعادة الهيكلة كما يروج زعماء العولمة ؟ في الحقيقة هي أسئلة كثيرة وتحتاج إلى أجوبة مقنعة، وأنا لا أرى بدا من تجاوز ثلاثة حقائق تلخص باجاز ما آلت إليه الدعوة المشبوهة للكونية :
الأولى،أن التشكيل الجيو-سياسي لم يتغير بقدر ما كان دعاة الكونية يدّعون ، وبات الارتباط الذي حققته بلدان العالم الثالث هو ارتباط في صيغة رمزية أكثر منها صيغة تفاعلية لتقويم الاقتصاديات المحلية ، ويمكن أن نكتشف هذا الأمر بجلاء في اقتصاديات الدول التي تحمست إلى هذا الانفتاح كالمغرب مثلا فنحن نعلم جيدا أن الاقتصاد المغربي يعاني مشاكل جمة وندرك التزايد المهول للديون الداخلية وعدم الاستقرار بحسب الإمكانيات في الموازنات .
الثانية ، الخوصصة اللامشروطة، والمشوبة أحيانا برائحة الفساد أفضت إلى تكون قاعدة كبيرة من الشركات ذات الأجندة السياسية وبات القرار السياسي لهذه الدول محكوم بالارتباطية الاقتصادية مع خلفيات الشركات المسيطرة وبالتالي تحكم سيطرة التبعية .
الثالثة ،بروز أنماط جديدة للعيش والتعامل اليومي، تهدد بشكل رئيسي صياغة الهوية الوطنية والحفاظ عليها وتخييرها بين الارتباط بالكونية التي لا تعترف بالهويات أو الانغلاق على الهوية الوطنية بل الأكثر من ذلك تقوم بمحاربة كل من يكن احتراما لهويته .
خدعة اللاحدود
اللاحدود وجه أخر من وجوه النظرية التي تدعي التسطح للعالم وتبرز أشكال التأثير وتتعدد الأنساق ولعل هذه التأثيرات تتمظهر في بعض القطاعات المهمة .
بقدر ما نحن منبهرين بوسائل الاتصال الحديثة بقدر ما هي وسائل لخدعتنا حتى نكون مستعدين لركوب قطار الكونية . فعندما تبهرنا شركات الاتصالات بخدماتها الخيالية ، وتقول بان ذلك بفضل اللاحدود فنحن نلوم أنفسنا ونتساءل عن السبب الذي جعلنا لم نركب قطار الكونية ، ولكن قلّ فينا من يسال لماذا تقوم هذه الشركات بهذه السياسة ؟ وما الدافع الذي يجعل شركات معينة في بداية القرن العشرين تفرض رسوما كبيرة لإجراء مكالمة هاتفية، واليوم يمكن لأي واحد منا أن يجري مكالمة عبر الانترنت بالمجان ؟! هل هذه الشركات تفعل ذلك لأنها تحبنا ؟! طبعا لا هي تحب شيئا واحدا اسمه المال . يجب أن نربط هذه الوقائع بالتطور الأيديولوجي لسياسة السيطرة فالأمر أشبه بتقديم لعبة لطفل صغير تكسب وده ثم تربطه عندك بالإغراءات .
إن رفع شعار اللاحدود هو انطواء على مبدأ أخر يقوم على رفض التعامل باللغة، أو أن تكون اللغة عائقا، وكل هذا يجب أن نفهمه انطلاقا من زاوية استماتة الزبون . ولكننا إذا كنا حقا قد أسلمنا بمبدأ الكونية واللاحدود ، فماذا حققه هذان المفهومان ؟ بل على العكس تماما الاستخدامات الالكترونية بالخصوص اليوم أصبحت محكومة بمجموعة من الازدواجيات والمتناقضات، ففي حين يرفع دعاة اللاحدود شعارهم هذا نجدهم هم السباقون إلى فرض الرقابة على الانترنت ويتنصتون على المكالمات الهاتفية الخاصة دون أوامر قضائية ، فكيف نفهم هذه السياسة دون أن نقول بان هذا أمر ينطوي على الخداع من اجل إحكام المزيد من السيطرة .
* كاتب مغربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طائرات بوينغ: لماذا هذه السلسلة من الحوادث؟ • فرانس 24 / FRA


.. رفح.. موجات نزوح جديدة وتحذيرات من توقف المساعدات | #غرفة_ال




.. جدل الرصيف الأميركي العائم في غزة | #غرفة_الأخبار


.. طلاب فرنسيون يطالبون بالإفراج عن زميلهم الذي اعتقلته الشرطة




.. كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية