الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدران الانقسام الطائفي والكراهية

صباح سعيد الزبيدي

2007 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



هناك أسباب كثيرة تجعل الكثيرين منا يعربون عن مخاوفهم وشكوكهم من قيام قوات الاحتلال الامريكي بتشييد جدار الاعظيمة لان مثل هذا الاجراء سيعزز الانقسام الطائفي الذي يعمل الكثيرون من ابناء العراق الشرفاء على تطويقة ولكونه يعد مقدمات حقيقية لخفايا تدور وراء الكواليس لتقسيم بغداد او جعلها كانتونات طائفية تخضع لنفوذ وسيطرة الاحزاب الطائفية المتصارعة فيما بينها، ودليلا على فشل الاحتلال الامريكي و فضح أكاذيبه التى أوهم العالم بتحقيقها فى العراق عند بدء الاحتلال وهي نشر الديمقراطيه و العدل لان الجدار الذي يجري بناؤه لعزل حي الاعظمية عن الاحياء المجاورة من كونه جدارا طائفيا بامتياز، وسيؤدي الى زيادة التفرقة والحقد والطائفي وتحويل مناطق بغداد الى كانتونات طائفية معزولة وجعل الاتصال فيما بينها صعبا ومعقداً وبما يحول حياة اهلها اليومية الى جحيم غير محتمل وحبس الروح الانسانية الى الابد لان روح الانسان تتوق الى الحرية ولا تقبل العبودية.

ففي عصر العولمة والانفتاح، وفي عصر تم فيه تحطيم الحدود والجدران الاسمنتية يأتي تشييد جدار الاعظمية لندخل مرحلة تاريخية خطيرة مرحلة تكريس تقسيم بغداد من خلال هذا المخطط الاميركي وان ماجرى لجسر الصرافية من تدمير بطريقة مهنية علمية جاء ليكمل هذا المخطط لعزل منطقة الرصافة عن الكرخ وتحويل بغداد الى مناطق عازلة وكانتونات مذهبية مغلقة.

ومن الجدير بالذكر أن فكرة بناء الأسوار العازلة هي أساسا فكرة استعمارية وعنصرية نفذتها في التاريخ الحديث حكومة الأقلية العنصرية البيضاء في جنوب افريقيا عندما اقامت كانتونات لعزل الأغلبية الافريقية‏..‏ ولكن الكانتونات العنصرية تقوضت بانهيار حكم الأقلية العنصرية البيضاء‏..‏ وقد استعارت قوات الاحتلال الإسرائيلي هذه الفكرة العنصرية وطبقتها بإقامة جدار الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة‏.

وهناك الكثير من الاسوار والحصون والقلاع كالسور الذي يفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، او المغرب والمستعمرات الاسبانية في سبتة ومليلة، والآن سور اسرائيل العظيم ، والجدار الذي تزمع السعودية إنشاءه على حدودها مع العراق والباكستان مع افغانستان وهناك من يطالب ببناء جدار مماثل على طول الحدود مع سوريا وايران وغيرها من الافكار التي تؤمن بقوة الجدران والأسوار ولكن هناك حقيقة ثابته تؤكد على نتائج عصر العولمه الا وهي الاحتلال ثم التقسيم التعسفي للبلدان الضعيفه وليس على العالم أن يفعل شيئاً من أجل إدراك تلك السيناريوهات سوى الانتظار ومراقبة الوضع الحالي الذي يزداد فساداً وغرقاً في فوضى عارمة. ولقد شهد العالم سقوط نظام الصنم في ربيع 2003، والغزو الامريكي للعراق ولكنه لم يرى الاستقرار والديمقراطية تعم ربوعه وان فلسفة نشر الديمقراطية الامريكية ولدت حكومات محاصصة طائفية فاشلة، ونمو اقتصادي سلبي، وقيام جماعات إسلامية متطرفة، كما ولدت المزيد من حالات العنف الطائفي والهجمات الانتقامية والقتل على الهوية وسبب هذا القصور حالة من اليأس وتوق إلى العنف ، نتيجة لفشل الخطط الامنية لان تبني هذا الاسلوب في معالجة الوضع الراهن جاء نتيجة اذعان السلطات العراقية للاحتلال الاميركي الذي قام باثارة الضغائن بين ابناء مناطق بغداد المختلفة واليكم ماقاله الكابتن سكوت ماكليرن ضابط العمليات المساعد "يشن مسلحون شيعة هجمات على السنة، فينتقم السنة منهم في الشوارع".

ان بناء الاسوار والجدران وتحويل بغداد الى سجون سيتم تهديمها بعد ان تنهار الانظمة التي ربطت وجودها بوجود هذه السجون وان التاريخ سيشهد على ذلك كما ما لم يكن أحد يتوقع حدوثه قد حدث في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989 حين سقط جدار برلين وتعانق الناس من الشرق والغرب، وانهمرت دموع السعادة ، ذلك الجدار الذي سقوه الألمان بالدمع طوال 28 سنة من بقائه.. رافضين واقع المدينة المقسمة، وكان لهم في مقاومته أحداثاً مؤلمة.. لان بناء جدار برلين في عام 1961 كان فاصلا أيديولوجيا؛ وأيضا فاصلا للعائلات، للجيران وللأصدقاء. إن الكلمة الشهيرة للرئيس الامريكي جون ف. كيندي "أنا برلينيّ!" أعلنت تعاطف العالم الغربي مع مأساة برلين، وإقامة جدار برلين في 13 آب 1961 ذلك الجدار الذي أعتبره الألمان تعسف سافر في حق الأمة الألمانية.. وظل هذا الكابوس يؤرقهم حتى جاءت ساعة هدمه عام 1989 لتتوحد من جديد في 3 تموز 1990.

لذلك يجب إزالة الجدران والأسوار ومد جسور السلام والمحبة والتاخي بدلا منها .. لاننا بحاجة إلى بناء جسور الثقة والسلام والاخوة والرحمة ولسنا بحاجة إلى جدران واسوار فصل وكراهية والتعاون للقضاء على فرق الموت والميلشيات الطائفية ووقف دوامة العنف المذهبي وانهاء الاحتلال.

واخيرا يحكى أن: ذهب أحد الولاة للخليفة العادل عمر بن عبد العزيز يستأذنه في بناء جدار يحيط بمدينته للحد من عمليات النهب والسلب، رد عليه الخليفة، بأن حصن مدينتك بالعدل.



صـــــــباح ســـــــــعيد الزبيــــــــدي

بلغراد – صربيا

22/04/2007

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف