الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنتماء الى الماضي الجميل

رشيد كرمه

2007 / 4 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يزخر أدبنا الإنساني ( الأممي ) بمبادئ أخلاقية سامية ’منها ما تعزز في البشر حب التضحية من أجل الآخر , ومنها ما تحث وتشجع على العمل بنكران ذات دون إنتظار لمنفعة شخصية ويكاد االتطوع أو المبادرة (( المحض شخصية )) هي السمة الغالبة للكثير من الناس ’ذكوراَوإناثا ً’ومن مختلف الأديان والقوميات وهؤلاء يعدون بحق جنوداًمجهولين ’أثرو مجتمعاتنا بعدد غير قليل من المعاني كالتسامح والإخلاص وحفظ الأمانة والتعاون والتواضع والنخوة وشد الأزر وكتمان السر والوفاء والصدق والكرم والوقفة الجادة أيام المحن ( الفزعة ) باللهجة الدارجة عند أهلنا ’[ وعند الشدائد تعرف الإخوان ] ولعل من أنبل القيم وأسماها والتي ورثناها هي حب الجار ’ ولطالما دخل الجيران في صلب أمثالنا الشعبية ( الجار قبل الدار ) ( جارك ثم جارك ثم جارك ثم أخاك ) ..
وفي حديث إسلامي نبوي : مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه .
وهناك مثل شائع في عموم المنطقة العربية ( على قدر الجار يكون ثمن الدار ) و ( الجار الصالح من السعادة ) وفي صحيح مسلم حديث للنبي محمد بن عبد الله مؤسس الإسلام يقول ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن جاره ) وفي البخاري ( فليكرم جاره ) وجاء في دستور المسلمين القرآن [ وبالوالدين إحسانا ً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب ....النساء :36 ]
لقد إستغرقت ُ متأملا ً في فكرةٍ خطرت لي عن كتابة مقارنة بين فترتين زمنيتين إحداهما كانت ( خالية ) من صدام حسين وممارساته التي عممها على حزبه وبالتالي فرضها على الشعب بالقوة والرشوة ’من خلال أساليب وإجراءات متعددة وغاية في الدناءة ’ هذه الممارسات التي جاءت على خلفية طفولة مشوهة تستـهـوي ( العنف ) الرعب والأفكار العدوانية ومن ثم القتل ولقد ترجم صدام حسين عدوانيته وسلوكه الى واقع ( مخزي ) عبر كم غير قليل من الناس ومن جميع مكونات الشعب ومن مختلف الأديان والمذاهب هؤلاء مكَنوا ـ بتشديد الكاف ـالطاغية صدام من بسط سلطته في كثير من المجالات’ وما من شك في ان المجتمع العراقي ظل لفترة طويلة يئن تحت هذا الوابل من القوانين والفرمانات الجائرة التي عصفت في البنى الإخلاقية التي لم يألفها ...
ولابد من معالجة جادة ودراسة ميدانية لهذا الجانب ’ إذ ان جزءً كبيرا من اهلنا كان قد ولد ونمى على مدى 35 عاما في ظل تشوهات تربوية خطيرة تعتمد العنف والكراهية وتعمد أذى الآخر كالغيبة والنميمة والبهتان وما إلى ذلك ( كتابة التقارير ) والتجسس على الآخر ومراقبة الجميع بما فيهم ( أهل البيت الأب ’ الأم ’ الأخت , الأخ ) فما بالك بالجار ؟؟؟؟؟؟؟ا
لقد صاغ العراقيون القدماء نظامهم الإجتماعي من تعاليم وأديان سماوية ومذاهب مختلفة تؤكد على اللاعنف في العلاقات العامة مع المجتمع المحيط وكانت الناس تلجأ الى ما يوحي بالطمأنينة لدى الآخر ويحدث ان يتشاجر الصبية أثناء لهوهم مع أقرانهم في الحارة ويتدخل الأهل و يعمد كل طرف الى توبيخ إبنه أمام الجار كعربون محبة وبمثابة الأعتذار ....
لقد إتسمت سياسة الود (( اللآعنف )) في العراق بإتساع الوعي المعرفي الفطري لدى الغالبية ولم يكن العراقي أيام زمان يسأل عن دين الجار او مذهبه وكان يراعي حقوق الجيرة قبل ان تظهر القوانين المكتوبة والملزمة في القوانين المدنية الحديثة التي تختص بهذا الجانب
يعرف العالم بتريم سوروكن ظاهرة اللاعنف في كتابه الموسوم (( علم اجتماع الثورة )) بالقول أن ظاهرة اللاعنف هي عبارة عن سلوك مسالم وهاديء يجنح نحو التفاهم والود والانسجام مع الآخرين ويتجنب القوة
أما تعريف الفيلسوف البريطاني بيرتناند رسل للاعنف فينص على أن اللاعنف هو سلوك عقلاني وحصيف يهدف الى تفادي الصراع والخصام مع طرف معين أو أطراف محددة بغية إحلال السلام والوئام والانسجام مع الجهات التي قد تكون سبباً من أسباب التوتر والقلق ودفع الآخرين الى الذهاب لحلبة النزاع والاقتتال وقدح شرارة الحرب والدمار التي لا يمكن وضع نهاية لها إلا بعد تقديم الخسائر المادية والبشرية الغالية الثمن.

أما غاندي فيعرف اللاعنف بأنه سلوك لا ينطوي على حب من يحبوننا فقط بل يذهب الى أبعد من ذلك حيث أن اللاعنف يبدأ من اللحظة التي نشرع فيها بحب من يكرهوننا . غير أن وصية الحب أي حب الآخرين هي من أصعب الوصايا التي تكلف بها غير أن أصعب الوصايا التي نكلف بها هي حب وتقدير أعدائنا *، وحب أعدائنا يفتح أمامنا آفاقاً واسعة تستطيع من خلالها تخطي كل الصعاب التي تقف أمامنا. هذا هو مفهوم غاندي للاعنف حيث أن اللاعنف يمكن اعتماده عندما نبدأ بحب أعدائنا وخصومنا .

أما تعريف اللاعنف عند جان ماري مولر المفكر الفرنسي الكبير فهو ضرب من ضروب الوعي الاجتماعي والثقافي الذي يجعل الفرد يعترف بحقه وحق الآخرين عليه . ومثل هذا الاعتراف هو الذي يقدح شرارة اللاعنف التي تضع حداً للاستغلال والاحتكار والنزاع والاقتتال والحرب. وهنا لا بد أن يحل السلام والاستقلال والهدوء محل الحرب والهيجان والعصيان . لذا فاللاعنف يبدأ منذ أن يبدأ الإنسان بالاعتراف بحقوقه وحقوق الآخرين . .
والحقيقة ان كلا من التعريفات المشار اليهما آنفاً لاتمت الى واقع العراق الحالي شعبا ًوأحزاب دينية ( إسلامية على وجه التحديد ) وتتشابه الى حد بعيد بالعنف الذي أوجده المقبور صدام حسين
ومن هنا سيستغرق الأمر طويلا لفض النزاع طالما خرج من قمقم العنف المتكأ على النصوص الدينينة التي تؤول في أغلب وأكثر الأحايين
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.." (التوبة: 5.
"وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة" (التوبة: 36
"انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله" (التوبة: 41).
"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (التوبة: 29.. ونصوص من هذا النوع كثيرة ومتعددة فلقد أستخدم السيف ابشع إستخدام إبان الدعوة الإسلامية ولم ينجو منها حتى من دخل بيت ابو سفيان طلبا ً للأمان
من الصعوبة بمكان ان يحدد المتخاصمون في العراق من هم المشركون ومن هم المجاهدون ومن هم المقاتلون
وبدل ان يحث رجال الدين على حب الجار يستعدوا عليه ليس جيران الحارة وانما جيران الدولة ؟؟؟؟؟
ولقد تفتق عقل الأمريكان مع نزعة الطائفيين الى عزل الجار عن جاره بجدار عازل فيالخزي التكفيريين والإسلام السياسي ويالخزي المنابر ان لم تساهم في تحابب الناس بدل الدعوة الى العنف والعنف المضاد التي خلا منها ماضينا الجميل قبل ان يدنسها العنيف المقبور صدام حسين ورهطه ...
رشيد كَرمة السويد 23 نيسان 2007










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟


.. مسؤولون أميركيون: إسرائيل عقبة أمام مستقبل المنطقة.. فهل تُغ




.. الردع النووي ضد روسيا والصين.. الناتو ينشر رؤوسا مدمرة | #مل


.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات وسط حر شديد | #رادار




.. شبكات | 20 لصا.. شاهد عملية سطو هوليوودية على محل مجوهرات في