الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
جولة الى اكناف التفاريتي : ورشة لصنع السلام وقهر الطبيعة
السالك مفتاح
2007 / 4 / 24مواضيع وابحاث سياسية
تبدو التفاريتي واكنافها ورشة ليس للتحضير للمستقبل وصنع السلام، بل وايضا لكسب رهان الحاضر وتحدي سنوات الفرصة الضائعة وقهر الطبيعة وفرض الحقيقة بارادة الرجال وعرق المجدبين، وعهد المرابطين على اكناف الوطن وساحات المجد ..!!
التفاريتي تلك البلدة التي لم تترك منها سنوات الحرب سوى اطلال من مباني واثار حقبة مرت من هناك وسط الصمت .. قبلها مر الفرنسيون وهم الذين تكبدوا خسائر لاتزال تملا سمع الزمن في اكليب اخشاش الذي بات اليوم مقرا لاهم نواحي الجيش الصحراوي ، الذي يشكل واحدا من مفاخر الذاكرة الوطنية ، ان لم نقل ملهما لذاكرة وطنية تستعصى على النسيان وتتصدر واجهة التاريخ، تكتب اليوم صفحات و وتعيد رسم معالم ورصد مفاخر دونت على مشارف البلدة وفي اكنافها الممتدة وارضها المنبسطة ووهادها الكبيرة وديانها المتشعبة .. هناك يرقد ثراث انساني يحكي غابر الازمان والحقب تطل علينا من الركيز وفي اخشاش والحمرة (منطقة بئر لحلو) تحيل زائرها لحقب ما قبل الكمبري والعصر الطباشيري والفترة الرطبة وملايين السنين من تاريخ نجهله ونسعى لمعرفته .. في كل زاوية وتحت كل ردهة في صخرة طمرتها السنين ، تجد اثارا ولكل منها قصة وله اكثر من حكاية تروي تعاقب الحضارات وتواصل المد، تفك طلاسم حضارة شمال افريقيا من البر بر الى العرب مرورا بالفتوحات الاسلامية والدولة المرابطية ثم الحقبة الاستعمارية..!!
الزيارة للتفاريتي ، ليست فقط جولة في ربوع منتزعة وغنيمة من حرب التحرير ، بل جولة الى عمق زمور وروافد الساقية ، وقراءة جديدة لعبق التاريخ و واستحضار المقاومة و ملامسة ملاحم الامس و والتوقف على روائع اليوم، التي تتراي وتبرز هنا وناك تحت حراسة وفي احضان حاميها الاول (جيش التحرير الصحراوي ) وسط حضور دولي لافت (مراقبي بعثة المينورسو،منظمة landmineaction ) وغيرها من الهئيات الدولية التي بدأت تكتشف جوانب من الحقيقة التي لاتزال غائبة عن البعض بفعل التعتيم وعدم السماح للمراقبين الدوليين بولوج المنطقة وبعد القضية عن الاجندة الدولية ومصدر القرار بالنسبة للدولة المتحكمة في صناعة قرارات مجلس الامن ..!! ورغم كل ذلك فان اللافت لمن يزور التفاريتي وبقية الاكناف المحررة ، يلمس عودة الحياة وبدء تشكل دعائمها على الارض عبر التواجد الوطني الصحراوي وسط حضور دولي مافتئ يتسع ، و الذي نجده في الفركان (خيم )، المراسي ، الطرق العامرة بالسيارت القادمة من كل الجهات وبالحياة التي تدب رغم ان الموسم هذه المرة جاف والبراري مقفرة ، الا ان المواشي تترأي للعيان وتظهر هنا وهناك ، رغم نقص مصادر المياه وشحة الاكل لندرة لامطار، لكن ساكنة المنطقة فرضت وجودها واسست لحياة جديدة فوق ارضها وتحت حراسة البوليساريو التي تسيطر وتدير المنطقة ..
الملاحظ من الوهلة الاولى لمن يزور تلك الاكناف، انها تنطوي على اخطار كبيرة ، بالنسبة للعارفين بخبايا الامور والدارسين لظاهرة الالغام وانتشار القنابل العنقودية وغيرها من المتفجرات والاجسام الغريبة والسامة ، بل ان بعضها انتهت صلاحيته وبقى يشوه وجه الطبيعة وشكل حطرا داهما على حياة الانسان والحيوان ، في ارض اعتاد اهلها على الرحيل والترحال بحثا عن الكلا لمواشيهم .. لقد فرضت عليهم سنوات الجفاف التقرب حتى من الجدار الذي يمتد مثل الثعبان ويفصل المنطقة والذي تحفه كل اخطار الالغام والقذائف المتفجرة وغير المتفجرة والتي قال عنها البعض انها الموت الصامت الذي ينتظرنا ..!!
الصحراء التي ارتبطت بالذاكرة الدولية والتاريخية كونها الارض الجدباء، لكنها في هذه المناطق تبدو غير ذلك رغم صعوبة الظروف وخطورة المسالك ، اذ انها حسب العارفين بالتاريخ تجلس على مخزون هائل من الاثار التي تضاهي تلك الموجودة في اكبر المتاحف الدولية ، بل انها تضاهي تلك الموجودة في مصر وغيرها من البلدان العربية ، لكن لازالت الاخطار بها محدقة من كل حدب وصوب .. انه خطر الالغام ، والذخائر غير المتفجرة والاجسام الغريبة وافة بقايا معارك واقصاف صبت هناك ملايير المفرقات واحرقت الخضراء واليابسة وزرعت الموت وافنت حتى الطبيعة ..!! وهذا هو بيت القصيد في هذه القراءة لواقع التفاريتي التي تشكل فقط وجها يعكس واقعا على الارض الصحراوية 0..
الى ذلك تنشط في التفاريتي ، منظمات دولية ويتواجد متعاونون من الخبراء الذين يقدمون اسعافات في كيفية التعامل مع هذا الخطر ، يرومون مسح المنطقة ورصد مخاطرها وتحديث خرائط الالغام وغيرها من المتفجرات ، وامداد الامم المتحدة بحقائق الارض والتي تسجل وتصبح في متناول كل من بيده جهاز دليل الخرائط (GPS) ، لها فريق من الاخصائيين الدوليين في كيفية التعامل مع افة الالغام تقوم كذلك بتاهيل العنصر الصحراوي في الموضوع ، وتساهم في التحسيس في صفوف المواطنين بخطورة تلك الآفة ومظاهرها ، تمتلك ترسانة من التجهيزات المتقدمة من سيارات واجهزة، وهي تعمل على مجموعة من المصادر على الارض (بعثة المينورسو، البوليساريو ، السكان المحليين). وقد نوهت تلك المنظمة التي تعمل في المنطقة منذ غشت سنة 2006، بجهودها وتعاونها بعد او قعت نداء جنيف لحظر الالغام في حين ان المغرب لم يوقع معاهدة اوتوا لحظر هذا السلاح وتعمل منظمات دولية على الانخراط في منظمة دولية للتخلص من القنابل العنقودية بصفتها سلاحا يطاله الحظر ، و تهدف المنظمة البريطانية في مأموريتها الى المساهمة في تاهيل المنطقة لفترة ما بعد التسوية السياسية .. وتنشط الى جانب هؤلاء افواج من المتعاونين ومن الاخصائيين الصحراويين الذين ساهمت المنظمة البريطانية في تكوينهم طبقا للمعايير الدولية للتخلص من الذخائر وفي الافق توسيع العمل ليشمل كذلك نزع الالغام وتنقية المنطقة .
الى ذلك جرت منذ ايام تخرج اثنا عشر من المختصين في التخلص من الذخائر غير المتفجرة، ببلدة التفاريتي المحررة . وجرت مراسيم التخرج بحضور من رئيس البوليساريو، محمد عبد العزيز الذي كان يشارك في جلسة لهئية اركان الجيش الصحراوي ، كما حضر الحفل قائد قوات بعثة المينورسو، الجنيرال موسغار، وكذا مندوب عن دائرة الامم المتحدة لمكافحة الالغام .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا
.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟
.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •
.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟
.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا