الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأيزيدية تزف مجموعة من الشهداء

زهير كاظم عبود

2007 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


وأذ تزف بعشيقة وبحزاني جثامين عدد من شهداء الأيزيدية ، وهم يتركون 23 عائلة بكامل شيوخها وأطفالها ونسائها دون معيل ، وأذ تزف بعشيقة وبحزاني التي اختنقت بدماء لوثت ترابها ، وسماء ملبدة بغيوم الأحقاد والكراهية التي ما طغت على ضمير وعقل الأيزيدية التي استلمت جثث اولادها ، وهذا العدد لن يكون الأخير في قافلة الشهداء أنما سيتم تسجيلهم عددا مضافا ضمن قوافل الشهداء الذين ذبحوا في سبيل ديانتهم .
بالرصاص أو بالحبال أو بالسكين ، ومع اختلاف الوسائل والطرق فأن الموت الذي يحيط بالأيزيدية من كل الجهات تعبير عن حقد الإنسان وانتشار الضمائر الميتة التي صارت اليوم مسترجلة وتقطع الطريق وتحيط بهم من كل الجهات .
حالمين بالخبز وبلقمة العيش الشريفة ، لايحملون معهم سوى عرقهم وتعبهم اليومي ، وحالمين بيوم بين اطفالهم ، وهم يرفعون الأكف نحو الله وبأتجاه الشمس ، أن يحفظ الناس وأن يكفهم شر الأشرار ، وان يعم الخير والآمان ، فيلتقيهم الأشرار وهم يتبرقعون بدين لايقره الناس ، وهم يرفعون أسلحتهم وأظافرهم ، فينهشون تلك الأجساد المتعبة ، ويطرزون تلك الأجساد بالرصاص ، ويشربون من دماء الأيزيدية دون إن يشبعوا ، ويلغون في دمهم لعلهم يكتفون بتلك الضحايا .
قوافل من الضحايا ، ولم يتوقف الموت ولاتأخرت المنايا التي تحيط بخاصرة المدن التي يسكنها الأيزيدية قبل إن يكون العراق ، جثث ورؤوس ودماء دون إن تنتهي ديانتهم ، وهم بشر مثلنا كرمهم الله ، وكيف للقتلة إن يفهموا أن الله كرم بني آدم على كثير من المخلوقات وفضلهم تفضيلا ، وكان لابد إن تظهر وحشيتهم في التصدي للعمال الفقراء ، وللبؤساء ممن يركضوا يومهم خلف رغيف الخبز الطاهر لعيالهم ، ممن قضوا نهاراتهم وراء مكائن الحلج ومعامل النسيج ، يتنفسون الخيوط والقطن المتطاير ، وتضيق صدورهم مع تيبس الشفاه ، لكنها الحياة وقدرهم في إن يكونوا عمالا مأجورين ، يقضون أيام شبابهم لأعالة أطفالهم وعوائلهم من أجور هذا العمل الشريف ، ومع فرحهم بعملهم وعودتهم كان لابد إن يتوقف العمل وتنتهي حياة العمال ، فقد كمنت الوحوش البرية في طريق الموصل – بعشيقة ، واستلت أنيابها تنهش اللحم البشري ، وتحقق حلم بدائي في أن تنشر المناحة داخل 23 عائلة أيزيدية ، وان تسمع نواح الثكالى ووجع الشيوخ وحرقة ارواح الطفولة اليتيمة في كل بيوت الأيزيدية .
23 شهيدا قضوا بصمت وبيسر ، كانوا في طريقهم يعودون في آمان الله ، وحين يسأل القتلة عن ديانة هؤلاء لايخفون تلك الحقيقة التي لم يخفها قبلهم الأجداد ، ولم تزل دمائهم جارية ، رغم ما يقوله الدستور عن مواطنتهم المثلومة ، وعن حقوقهم المكسورة .
وأذ يسجل التاريخ الحديث صفحات سوداء في قتل الأيزيدية المسالمين ، الذين لم يحملوا معهم عصا أو خنجر أو سلاح ، حتى لاترغمهم الظروف على إيذاء بشر ، حتى ولو كانوا من فصيلة القتلة ، الذين نامت عيونهم بعد إن ماتت ضمائرهم ، وهم يحققون النصر على 23 عامل أعزل يعود من معمله ، بجبن مشهود ينتصرون على تلك المجموعة التي ما تنكرت لديانتها ، وتباهت بعملها الشريف في معمل النسيج بالموصل ، وتلقوا الموت بصمت مهيب .
لن يكون عزاء ، ولن يتقبل اهاليهم التعازي وكلمات الحزن ، فمثل هؤلاء يبقون صرخة في الضمائر ، موتهم وطريقة قتلهم تطالب القيادات إن تقتص من القتلة الذين باتوا خطرا على الإنسان بشكل عام ، وعلى اهلهم بشكل خاص ، ولن تهدأ تلك الأرواح مالم تجد إن تطبيقا للعدالة سيتناسب مع الجريمة الشنعاء التي ارتكبتها العقول البدائية ، والضمائر الميتة التي تلبست في اجساد بشر هم جزء من بهائم تنتشر بين ازقتنا وطرقاتنا .
ومع كل ما حصل لم تزل اليزيدية لاتحمل الأسلحة ولاتخفي الخناجر تحت الملابس ، ولاتضمر الحقد على الناس ، ولاتجبر احدا على الدخول في ديانتها ، ولاتنتقم عشوائيا ، ولايظهر منها ما يشيع الجريمة ، ومع كل ما حصل للأيزيدية من مآس ونكبات لم تزل الأيزيدية تدعو الله إن يمنح الناس السلام وان يهدي الضمائر وتشيع المحبة .
23 عائلة فارقت اولادها واحبتها ، وتلك دلالة كبيرة على حجم الفجيعة والظلم الذي يحيط بالأيزيدية وهي تبحث عن أمانها في بيوتها وبلداتها البائسة والفقيرة ، ظلم متراكم وبلدات تفتقر للخدمات وحياة بائسة ، وقتل لم يتوقف ، غير إن كلمة المحبة ستنتصر ، وصلاة الانسان التي تدعو للسلام والمحبة ستنتصر على لغة الرصاص والخناجر ، والزمن كفيل بأن يبرهن على ذلك .
وضمن ركاب السيارة القادمة من الموصل خليط من الركاب من مختلف الأديان والمذاهب والملل ، غير إن القتلة سألوا عن الأيزيدية فلم يكذب احد ، ولم يخش احد ، ترجلوا من اماكنهم ليخلوا الطريق لبقية الركاب ، ووقفوا صفا واحدا ، لعلهم ينتظرون موتهم ، فهم يترقبون تلك الأفاعي في كل الطرق ، ويحذرون سمومها ، غير أنهم مؤمنين بقدرهم وديانتهم ، وقفوا متراصفين بأنتظار إن ينشب الأوغاد اظافرهم ، وبعد إن طرزوا بالرصاص تلك الأجساد تصارخوا فيما بينهم ابتهاجا بما تحقق لهم من انتصار على تلك الجثث البائسة ، والتي أضناها التعب والعمل ، فباتت مرهقة وجائعة لم تلحق إن تأكل لقمة مع اطفالها ، فرحلت عنا غير إن ارواحها بقيت هائمة تلاحق القتلة أينما رحلوا .
لا الدستور يحميهم ولا القوانين ، ولا السلطات تحميهم ولا احد يدافع عنهم ، وكانهم مطلوبين دائما ، وكانهم خارج الزمن ليتم تهميشهم ونسيانهم ، وتحثهم الاحداث ليحملوا السلاح ويحصنوا مدنهم ، وتستفزهم الجرائم ليكونوا غلاظ القلوب ، وتدفعهم افعال القتلة لحماية أنفسهم دفاعا شرعيا عن النفس ، وملاحم من التضحيات التي لم تدفعهم لكل هذا ، وصفحات من الغدر والأفعال البعيدة عن الرجولة تغتال شبابهم ، لكنهم يتمسكون بصلاتهم ودعائهم الأبدي ، إن يا الله انشر الخير والمحبة بين كل الناس ثم انشره على عوائلنا .
لن تكون تلك القافلة آخر القوافل ، ولن يتوقف الموت الذي يلاحق الأيزيدية ، مادامت البهائم تنتشر بيننا ، ومادامت العقول المتحجرة والبائدة هي التي تمسك بالزناد ، وتحمل على خواصرها الخناجر الحادة ، ومادام الغدر منهجا وعنوانا في الحياة .
لن تمسح كلمات الحزن تلك الدماء القانية ، ولن تلغي كلمات المواساة كل اركان الجريمة ، ولن تكون كلمات الرثاء والمواساة بحجم الجريمة الإنسانية التي ستهز اركان البلدة الطيبة ، ويقينا أنها ستزيد من احترام ومحبة الأيزيدية لكل الأديان التي تتعايش بأنسجام وسلام في منطقة بعشيقة وبحزاني ، لأن الأيزيدية يعرفون إن هذه البهائم التي قتلت اولادها لاتنتمي لدين بشري أبدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة