الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصب التحرير ......أول نصب عراقي بأيد عراقية

يحيى الشيخ زامل

2007 / 4 / 27
الادب والفن



يقول اودنيس : ( لا يوجد في بغداد متسع من الحرية إلا في نصب الحرية ) ، قالها في الزمن الغابر أيام السجون والإعدامات والحروب التي أكلت الأخضر واليابس .
نصب التحرير وجواد سليم تؤمان خالدان واحد في الأرض والثاني في السماء ، خلدا معاً أسطورة أبدية في باب ( كلواذا ـ الباب الشرقي ) واختزلا الهم العراقي وشعبه منذ آلاف السنين من أيام الألهة وكلكامش وأنكيدو وخمبابا وصراعهما السرمدي للفوز بالخلود ، لتأتي الأفعى بأخر السلاطين الجائرين ليحكم العراق في غابة الضياع .
أنجبت ساحة الفن التشكيلي العراقي العديد من الأسماء البارزة والتي استطاعت ان تحفر أسمها بنعومة في الساحة الفنية العراقية والعالمية لتترك إرثا كبيرا ترتوي منه الأجيال المتعاقبة ومن هذه الأسماء اللامعة الفنان العراقي جواد سليم..
حيث يعد من أهم رواد ألفن ألتشكيلي ألعراقي فتجربته الفنية الثرية لازالت معالمها تحضر معنا حين كرس يوميات الحياة العراقية بلوحاته ومنحوتاته فادخل قصص ألف ليله وليله والقصص الشعبية العراقية في إعماله مع وجود واضح للأقواس البغدادية والزخرفة الإسلامية ,وكان للفقراء والطبقة الكادحة حضورا واضحا في أعمال الفنان منها (الإنسان والارض1955).. (امرأة وثور)..(البناء 1944)..(الطفل الميت 1947)..وغيرها الكثير وتعتبر منحوتة البناء أولى أعماله الكبيرة حين خلد مهنه البناء في منحوتاته وكأنه يقول نحن شعب بناء منذ أقدم العصور ولو دقننا في العمل النحتي لوجدنا ان سليم قد اعطى أهمية لعامل البناء أكثر من العمال الباقين في المهن الأخرى الذين نحتهم في نفس العمل .
أما رسومه ولوحاته فهي (بغداد ولوري) ذات الألوان الزاهية المتراقصة تبين لنا مدى ضيق شوارع بغداد الداخلية وصعوبة دخول سيارة الحمل الكبيرة فيها وكتب على السيارة كلمه (يا حافظ) وهذا جزء من ثقافتنا نحن في الشرق ..ثم جسد الفنان الحياة العراقية في لوحات أخرى عديدة منها لوحه(الخياطة )..(قيلولة فتاة وطير)..(بائع الطيور)..(العرسان)..(بائع الشربت).
اما شعار الفرقة السيمفونية العراقية الذي اعتمد شعارا لها عام 1960 وهو مستوحى من القيثارة السومرية فهو بالأصل كان شعارا لفرقه بغداد للفيلاهارمونيك الذي صممه للفرقة جواد سليم حينما كان يعزف على اله الغيتار مع زوجته الرسامة وعازفه الكمان لورنا التي التقاها اول مره عام 1946 في لندن عندما عزف جواد سليم الغيتار بمصاحبه كمان لورنا بمناسبة خطوبة احد زملائهم وهنا بدأت نظرات الإعجاب بين ذلك الشاب القادم من الشرق وبنت مدينه شيلفد الانكليزية ,,كانت لورنا تصغر جواد سليم بتسع سنوات وقبلت في نفس الكلية التي يدرس بها جواد سليم كليه(سليد) للفنون الجميله وبعد 3 سنوات عاد جواد سليم الى بغداد وقلبه ما زال معلقاً بحب لورنا حيث لم يستطع الزواج منها كون ان قوانين البعثات تمنع زواج الطالب الا بعد انهاء جميع ارتباطاته بدائره البعثات العراقيه فلم يدم مكوثه في بغداد اكثر من عام حتى اتت اليه لورنا من لندن وتم عقد قرانهم في بغداد .
كان جواد سليم كما يقولون يحب الفكاهة والضحك ، كثير الابتسامة ، وكان حنوناً جدا على بناته (زينب و مريم ) اللتان تعيشان حاليا في لندن بعد ان مكثتا فتره طويلة في بغداد عقب وفاة والدهن برغبة من والدتهن ( لورنا ) التي أصبحت فيما بعد مدرسة في معهد الفنون الجميلة .
تقول ( لورنا) : بقينا في العراق حتى يعرفن بنات من هن فلو أخذتهن وهن صغار الى لندن لما عرفتا قيمه والدهن بشكل حقيقي , كانت زوجه جواد سليم وبناته شاهدتا على التفاصيل الأولية لنصب الحرية يوم كانوا في روما برفقه تلميذه محمد غني حكمت لكن المحزن هو رحيل الفنان بنهار الثالث والعشرين من كانون الثاني عام 1961 دون أن يرى النصب وهو مكتمل.
يقول النحات العراقي المعروف محمد غني حكمت : ( لقد كان لجواد سليم هاجس قديم قاله في مذكراته بأنه يحلم بوضع نصب كبير في إحدى ساحات بغداد يمر من تحته الناس ) ... وتحقق ذلك عندما طُلب منه عمل نصب الحرية ليوضع في بغداد , فقد كان متأزم الحركة قلق الحال لآن الحكومة العراقية استعجلته لإكمال النصب قبل ان تمر ذكرى ثوره 14 تموز 1958 ومن شده قلقه نقل إلى المستشفى وقال عبارته المعروفة : (هذا أول نصب عراقي بأيد عراقية بعد أخر نصب آشوري ) .
ويضيف محمد غني حكمت : عندما كان لديه ورشه في روما جاءه في احد الأيام جواد سليم لغرض إكمال النصب ولكن فوجيء بأنه أضاع التخطيطات الأولية للنصب وعندها ساءت حالته الصحية الا انه تذكر جزءا من النصب وهو (الجندي) الذي يتوسط النصب الرائع في يومنا هذا ليعود من جديد ليكمل بقيه النصب بمعاونه محمد غني حكمت ونفذ النصب بطريقه (الريلييف) النحت البارز ليعيد امجاد النحات البابلي والسومري والاشوري نحاتي البشريه الآوائل الذين ولدوا في ارض الرافدين .
يقول الفنان التشكيلي الراحل اسماعيل الشيخلي ,, التقيت في إحدى المرات الفنان العالمي ( بابلو بيكاسوـ 1881-1973) في باريس وحينها سألني ( بيكاسو) : من اي بلد انت فقلت انا من العراق فقال لي : (انتم اول الفنانيين ويفترض ان نذهب نحن لكم لكي نتعلم الفن لا أن تأتون انتم لنا ...... فإين نحن من فنون بابل وسومر وأشور) .
واستلهم جواد سليم في رائعته (نصب الحرية) أشكاله من حضارات وادي الرافدين والحدث الراهن ليعيد المشهد البانرومي للملحمة الى الاسلوب السومري في بناء الرؤية الفنية على الإناء النذري وأكد الفنان هنا فكره ودور المياه في تأسيس الحضارات بالاستعانة بنهري ( دجله والفرات ) موطن الحضارات على ضفافه واستلهم الفنان تعاقب الاشكال في الاناء النذري كما اشار اليه في شريط يمثل حقلا ثم شريط اخر قطعان من ماشيه وسنابل وقمح وابرز الفنان دور المرأه الفاعل فكانت منحوته ( الأمومة) التي عبر عنها الفنان بتطويع المادة الصلبة بانحناءات كشفت تناسق الجسد وهناك منحوته (المر أه النادبة)
أما الشهيد فتحيط به ثلاث نسوه وتجسد دور المرأه في المظاهرة او( رواد الثورة) فجعل عدد الرجال يوازي عدد النساء وفي منحوته دجله والفرات مثل النهرين بالرجل والمرأه فجعل منها عنصرا مهما في صنع الحياة الجديدة .
وفي لقاء غريب مع المنجم ثابت الآلوسي في فضائية الحرة العراقية بتاريخ 3 / 1/ 2007 وهي إعادة عن مقابلة جرت معه في نهاية عام 2006 وبعد حديث عن مهنته وأسئلة عن كيفية اكتشاف الغيب والمستور وطلب فجأة من المذيع السماح لطرح موضوع غريب جداً ( هل أستطيع التحدث بعض الشيء ؟ ) وعندما سمح له المذيع قال بالحرف الواحد مبتعداً عن الموضوع الذي كان يناقش فيه : ( هناك تمثال موجود في ساحة التحرير..... ثم صحح بان هناك نصب في ساحة التحرير فيه نقطة سوداء هي السحر الأسود ، ومنذ أن نصب في ساحة التحرير جلب الويلات والمآسي على العراق ........ الخ) ، لكن المذيع قاطعه لأنه أحس أن كلامه الخطر والتحريضي قد يخلق مشكلة جديدة لنصب الحرية المشهور ليس في العراق وحده وإنما في العالم والذي يجله ويحبه أكثرية العراقيين لأنه بالنسبة لهم يمثل تاريخ العراق بجميع طوائفه كما انه يُذكِر الأجيال بتاريخ نصبه وبخاصة بعد ثورة 14 تموز 1958 .
والآلوسي على ما يظهر كان هدفه التحريض ضد هذا النصب بشكل علني ويطالب برفعه أو بنسفه بواسطة التفجير مثلما حدث لغيره من التماثيل والنصب التاريخية، هذا التحريض ضد نصب الحرية للنحات والفنان العراقي والعالمي المرحوم جواد سليم وبهذه الطريقة العلنية يعني بدون لبس أو دوران عملية تحريضية كلف بها الآلوسي والله اعلم من يكون خلفها لكنني اعتقد أنها مقبوضة الثمن وهي تهديد حقيقي لتخريب وتدمير عمل فني رائع نال أعجاب واستحسان عشرات النحاتين والرسامين والفنانين العراقيين وغير العراقيين وهو دلالة عن عمل فني حضاري يدل على حضارة العراق ولم تستطع اعتى الأنظمة القمعية التي حكمت العراق من التحرش به ولم نسمع من أي شخص ومن أية جهة سياسية أو دينية تحرض ضد هذه اللوحة ، النصب القيم والمهم في حياة العراقيين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة