الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آمال لن تندثر

تقي الوزان

2007 / 4 / 26
حقوق الانسان


يردد البعض أن العراقيين أخذوا يرفضون الحياة تحت ظل الطائفية , وما تبعها من محاصصة حكومية فشلت في تنظيم حياتهم , وجلب الأمن لهم . ولو جرت انتخابات مبكرة لفشلت هذه الأحزاب في تحقيق النتائج التي وضعت كل هذه الساطة بيديها . والسؤال هو : من الذي سيفشل هذه الأحزاب ؟ ...الشعب . ومن هو البديل ؟ الجواب : لايوجد لحد الآن . والبديل ليس علبة طعام معلبة تفتحها متى تشاء . أنها عملية صراع قد تطول , وفي ثناياها سترتكب الجرائم – رغم موافقة الذين شاركوا في العملية السياسية على مبدء تداول السلطة سلمياً- كلنا نذكر الأنتخابات الأخيرة , وما رافقها من تزوير , والتي سقط فيها الشهداء , وحرقت المقرات للأطراف الأخرى . فالذين مسكوا بالسلطة لن يتركوها بسهولة .
ففي الدائرة السنية والتي حاولت أغلب أحزابها – وهي داخل العملية السياسية – أن تحصل على الصفة الطائفية , وتهدف جميعها للأنفراد بصوت تمثيل السنة , بعد أن يأست من عودة الوضع السابق , والأنفراد مرتاً أخرى بالسلطة . وهذا ما دفع " القاعدة" والقتلة من البعثيين للدخول في صراع دموي مع هذه الأطراف.
فالقتلة من البعثيين لايقبلون بأي مشاركة للسلطة من الآخرين مهما صغرت هذه المشاركة , لأنها ستعرضهم للمحاسبة عن جرائمهم التي أرتكبوها في العهد المقبور ولحد الآن . و "القاعدة" لن تتمكن أيضاً من العيش خارج تكفيرها للآخرين , وتمثل وجود أمارة سنية , والأدعاء ببناء هيكل تنظيمي لهذه الأمارة , والتصعيد لوحشية الجرائم التي ترتكبها بحق حلفاء الأمس وباقي المواطنين , مؤشرات حقيقية تؤكد سرعة أندفاع الصراع الى نهايته المحتومة . وهذا الشرخ هو الأهم للتعجيل بنهاية هؤلاء القتلة .
الشرخ الآخر في الجانب الشيعي , والذي تمثل بتفجير الصراع في وحدة الأنتماء الطائفي , كونه " لايمثل الطريق الصحيح للنهوض بالعراق " كما صرح الدكتور الجابري رئيس حزب "الفضيلة" عندما ترك حزبه قائمة "الائتلاف" قبل اسابيع . والأهم هو الأستدراك الذي يجري في ساحة أحزاب "الائتلاف" للتميز بين المصلحة الوطنية , ومصلحة النظام الايراني . الذي أغرق أغلب هذه التنظيمات ب" بركات معوناته" , وبات البعض منها أسير هذه "البركات" . ولاشك أن الضغوطات التي تمارس على حزب "الفضيلة" بسبب هذا الخروج , تؤكد ان الأنعتاق من الطائفية الايرانية – وليس المذهبية الشيعية - صراع قد يصل الى عتبات دموية .
وهذا الشرخ لايعني " ضعضعة" المشروع الايراني في العراق , أو التراجع عن أعتبار العراق الساحة الرئيسية بالنسبة للنظام الايراني في صراعه مع الامريكان . الا أنه يشكل أنعطافة جريئة وحقيقية لنهوض العراقيين بمشروعهم الوطني .
أن الأقتراب من المواجهة المفتوحة بين المشروعين الرئيسيين الايراني والامريكي يكثف الضغوط على كل الاطراف , وزيارة وزير الدفاع الامريكي يوم 20070419للعراق , وتأكيده بأن الدعم الامريكي للحكومة العراقية له نهاية , والأهم الضغط بأتجاه الأسراع بالمصالحة الوطنية – وبغض النظر عن كون هذا " الأسراع" سيترك بعض الألغام التي قد تنفجر في سير أعادة البناء - فأن الادارة الامريكية أمام ضغط الديمقراطيين في الكونكرس , وتوجهها لحسم الأشكالات العالقة بسياساتها في الشرق الاوسط , وبالذات الأنتهاء من المشروع النووي الايراني , بأعتباره رأس الحربة المضادة , يجعلها في عجلة من أمرها , وتستعجل أستخدامها لكل أدواتها قبل ان يتمكن النظام الايراني من فرض ارادته .
أن غياب تأثير المشروع الوطني العراقي , جعل من أدارة الصراع بين المشروعين هو العنوان الطاغي في الساحة العراقية . ومن المؤلم أن لاتتمكن القوى الوطنية من النهوض بمشروع موحد يضع مصلحة العراقيين بمواجهة المشروعين , ويمنع – قدر الأمكان – من أن تكون الساحة العراقية حلبة مستمرة للصراع الدموي بين الطرفين , والمتوقع أستمراره الى نهايته الكارثية .
ان الأرادات التي كسرت دوائر القرار الطائفي مثل حزب " الفضيلة " , والبعض من السنة الذين يقفون اليوم بالضد من "القاعدة" وعصابات البعث , لم يظهر زخم أراداتهم في وحدة المشروع الوطني لحد الآن . وقد يكون أحد الأسباب الرئيسية عدم الوضوح في توجهات البعض من العلمانيين , والمتمثلة بالمبادرة التي طرحها الدكتور اياد علاوي , والضبابية التي أكتنفتها من تداخل الرغبة الشخصية في الهيمنة مع ضرورات قيام المشروع الوطني . والمشروع الوطني لايحتاج الى ذكاء , وتكتيكات , وطرق ملتوية . أنه يحتاج فقط ان توضع مصلحة العراق في الأولوية, قبل الذاتية , والطائفية , والقومية , والمصالح الايرانية والامريكية .
الطرق التي تتفرع من ساحة المواجهة التي تلوح في الأفق توصل جميعها الى العراق . الايرانيون والامريكان – بما يملكون – يتنافسون في تعبيد طرقهم , وجعلها أكثر أغراء لراكبي مشاريعهم بالحصول على العراق , ويبقى طريق المشروع الوطني هو الأقصر , ولكنه غير معبد , وفيه الكثير من المطبات والحفر . واللوم , كل اللوم ليس على اصحاب الطرق المعبدة , بل على أسطوات وعمال هذا الطريق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون