الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ديمقراطية علمانية

عزيز الحاج

2003 / 8 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



تواجه الدول العربية والإسلامية منذ حوالي ثلاثين سنة أو اكثر، مدا أصوليا تتفرع منه تيارات ومدارس للتطرف بجانب المعتدلين، وبعضها يتحول إلى إرهاب دموي يبشر بفقه الموت كما يصف بعض كتاب إيلاف التنويريين. وأما المدارس الإسلامية المعتدلة فتدعو، وكقاعدة عامة، لقيام أنظمة دينية، سواء باسم "الجمهورية الإسلامية، أو باسم " الخلافة الثانية"، أو "دولة ولاية الفقيه". وهذه الدعوات والنماذج تستند لفكرة أن الإسلام دين ودولة، وهي الفكرة التي فضح زيفها منذ العشرينات المفكر الإسلامي المتنور  الشيخ علي عبد الرازق.

إن أكثر الدعاة الإسلاميين في أيامنا يدعون لإقحام الدين ومؤسساته، بشكل أو آخر في شؤون الدولة ومؤسساتها. ولذلك فإن مبدأ الفصل بين السلطتين، أي مبدأ العلمانية، هو أكثر ما تعمد الأصوليون تشويهه في فرضياتهم وكتاباتهم وفتاواهم، واعتبروه، ولا يزالون يعتبرونه، "تآمرا على الإسلام وحربا عليه". وفي الرقعة العربية تعرض مفهوم العلمانية إلى أبشع عمليات التحريف والتشويه، بدعوى أنها قضاء على الدين. ولا داعي لتبيان الكوارث التي جلبتها على شعوب بلدانها وخارجها تلك الدول التي تصف نفسها "إسلامية"، ومنها تجارب أفغانستان والسودان وإيران وغيرها. فإقحام الدين، وبأية درجة وشكل، في شؤون الدولة يؤدي لضرب حقوق الشعوب في إدارة المجتمع، ويشجع على التمييز الديني والطائفي والعرقي، ويخرس المخالف بالقوة تحت تهديد الاتهام بالإلحاد والزندقة وما شابه. والخلط بين السلطتين ومؤسساتهما يسيء لكلتيهما. فالمعتقدات الدينية أمور روحية خاصة بالمواطن الذي يجب أن يمارس حريته الدينية بلا تمييز وبلا قيود. وواجب رجال الدين ومؤسساتهم هو التوجيه الروحي والأخلاقي، والأخذ بقاعدة " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" و"خلاف أمتي رحمة."

 ولكن تشويه مبدأ العلمانية يتخذ صيغا أخرى في التطبيق عندما تستخدم دول غير ديمقراطية شعار العلمانية ولكنها في الوقت نفسه تمارس استبدادا سياسيا وقهرا للحريات وحقوق الإنسان، وتزيف الانتخابات وتعدل الدساتير على هوى الحاكم، مع أنها تفصل حقا بين السلطتين الدينية  والسياسية ـ  المدنية، كبعض الأنظمة العربية، وكان منها نظام صدام الفاشي الذي كان في بداية أمره يعلن أن الدولة غير الدين، بل وحارب واضطهد الكثيرين من رجال الدين. وفي التسعينات راح يزايد على الأنظمة والحركات الإسلامية تحت شعار"الحملة الإيمانية"، وأطلق العديد من المجرمين بحجة حفظهم للقرآن، وشجع الحجاب،  وتغاضى عن نمو الفرع المتطرف من المذهب الوهابي في مناطق كالفلوجة والرمادي مثلا.

 ومع ذلك لم يكن نظامه إسلاميا، كما لم يكن لمجرد فصل المؤسستين نظاما ديمقراطيا. و الكمالية نفسها، و كما أورد الأستاذ شاكر النابلسي، التي جاءت بالنموذج الأول والأهم للعلمانية في العالم الإسلامي. وتأخذ بالكثير من مستلزمات الديمقراطية، لا تزال تقمع الشعب الكردي وتنكر حقوقه الثقافية والقومية. فالديمقراطية هنا ناقصة ومشوهة بفعل سيطرة العقلية والممارسة العنصريتين  الشوفينيتين، وبواقع أن السلطة السياسية الحقيقية هي بيد العسكر.

إن الأستاذ شاكر النابلسي على حق عندما يكتب أن العلمانية لوحدها لا تعني الديمقراطية بالضرورة. والمعادلة الصحيحة في رأيي هي أن لا ديمقراطية حقيقية دون فصل الدولة عن الدين، أي العلمانية. فالعلمانية والديمقراطية [البرلمانية اللبرالية التعددية] يجب اعتبارهما جناحين لا ينبغي التفريق بينهما، وقد تحاول بعض القوى الإسلامية أن تراوغ وتحتوي العلمانية بطريقة أو أخرى، كوجوب جعل الإسلام أساس ثقافة المجتمع، أو إعطاء المؤسسات الدينية دورا رئيسيا في وضع الدساتير،الخ.. ومن هنا يجب الإصرار على شعار الدولة الديمقراطية العلمانية، أو العلمانية الديمقراطية.  

إيلاف خاص

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟