الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوافق والمصالحة الوطنية هما الجدار الآمن

جاسم الحلفي

2007 / 4 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نشرت احد الصحف البغدادية في بداية إعلان خطة فرض القانون، كاريكاتيرا يصور رجلا عراقيا تحيطه أربعة جدران كونكريتيه عالية، وهو ينظر لما حوله باندهاش، فيما كتب الفنان تحت الرسم تعليقا يقول فيه (منطقة خضراء لكل مواطن). تذكرت هذا الكاريكاتير حينما أعلن عن تنفيذ الجدار العازل بطول خمسة كيلومترات وارتفاع ثلاثة أمتار ونصف المتر حول منطقة الاعظمية.
وقتها سألت نفسي: لماذا ذهب فكر الفنان إلى الإجراءات الفنية في قراءتـه لذهنية من رسم الخطة الأمنية؟ وهل يمكن ان يفكر المسؤلون عن تحقيق الأمن بالإجراءات العسكرية والفنية وحسب؟ في وقت يؤكد فيه جميع المعنيين على ان الخطة الأمنية تنجح فقط عبر تضافر جميع الجهود المخلصة لإخراج العراق من محنته الدامية، ويأتي هذا عبر تنفيذ حزمة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والمعيشية والخدمية والعسكرية. إذ لا يمكن ان تنجح الخطة الأمنية عندما تهمل احد هذه الجوانب، وبالتأكيد سيصيبها الانتكاسة والفشل ان اعتمدت على الجانب العسكري والفني وحسب.
لا شك الجانب السياسي هو الأهم، وكذلك تفعيل مشروع المصالحة الوطنية واعتمادها كسياسة ملموسة لإنجاح العملية السياسية هو اول مفاتيح الحل.
ولا بد في هذ الأطار من الوقوف على التكتيك المتبع من قبل القوى المعادية، مهما تنوعت، لإفشال اي خطوة تتجه نحو تحقيق الاستقرار، عن طريق إشعال الصراع، وإشاعة الفرقة والانقسام الطائفي، تؤكد ذلك العميلة الإرهابية التي استهدفت المرقدين العسكريين في سامراء، مرورا بعمليات القتل على الهوية والتهجير الطائفي، ثم تفجير جسر الصرافية الذي يراد من خلاله تعزيز فكرة العزل والانقسام.
وهذ يتطلب من المسؤلين وعي الحقيقة، والعمل على اتخاذ جميع الخطوات التي تكفل الحفاظ على الوحدة الوطنية، عبر إجراءات مدروسة ومقنعة للجميع، تعزز اهمية المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية بشكل حقيقي، يكفل للجميع المساهمة فيها في صنع القرار، حكومة تتبع جميع الخطوات التي تعزز الوحدة الوطنية، وغني عن القول ان ذلك يملي إستبعاد أي أجراء يفهم منه، او يوحي بالعزل والتهميش والتقسيم.
لذا حين لم تتمكن الحكومة من رفع الحواجز الكونكريتية من الشوارع، كما وعدت الناس يوم اعلانها بدأ تنفيذ خطة فرض القانون، لا ينبغي لها بكل الأحوال اللجوء الى بناء جدران كونكريتيه عازله جديدة حول المدن، تعزز أهداف الإرهابيين والمليشيات بإثارة الصراع الطائفي والانقسام، مما يؤدي الى إثارة السخط والشجب والاستنكار بين اوساط الشعب.
ان تجارب البلدان الأخرى في إقامة الجدران والأسوار والخنادق أثبتت فشلها، ولم تصمد كثيرا أمام التحديات الفنية والسياسية، فالأنفاق التي اكتشفت في جدار برلين فاقت سنوات عمر الجدار ذاته، دع عنك انهياره أمام حلم الألمان بتحقيق الوحدة.
إن العراقيين يتطلعون الى وحدة وطنية حقيقية، دون حواجز تفصلهم، ولا كانتونات تقسمهم، ولا طوائف تفرقهم بل الى المواطنة العراقية التي تحفظ حقوق الجميع والى التواصل والعيش المشترك في وطن يتسع للجميع.
وبعد هذا وذاك فهل يصمد جدارا عازلا امام حق العراقيين في وحدتهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسط إقبال مكثف.. فرنسا تجري انتخابات تشريعية -مختلفة-، لماذا


.. بعد أدائه غير المقنع.. بايدن يجتمع مع عائلته لمناقشة مستقبل




.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف الانتخابات في إيران بـ-عملية


.. قراءة عسكرية.. القسام تبث مشاهد جديدة من تجهيز عبوات -العمل




.. -مش احنا الي نرفع الراية البيضاء -.. فلسطيني من غزة