الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!! الديمومخزانية

هشام الصميعي

2007 / 4 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المخزن ليس فقط تركيبة سوسيو/ سياسية تطورت ، وتشكلت عبر حقب من تاريخ السلطة في المغرب كما يقول السوسيولوجيون . المخزن وكما يبدو لي (والله أعلم بالصواب) كائن سياسي حي ، يتجدد باستمرار ويسلخ جلده من حين لآخر ليتطور مع المحيط ، و يتكيف مع الأوضاع ، كائن قراقوشي يتلون مع الأجواء ،ويشم معنا الهواء . و التنازل الوحيد الذي لن يقبل به المخزن هو أن يقبل بالتخلي عن طاحونة الإستبداد ، خلافا لما يظن اليوم دعاة الإستبلاد ، لن يتزحزح عنها حتى ولو نزع قرونه الناطحة للحقوق و الحريات ، وبدلها بـأكاليل من السمسم ، و الرياحين الفياحة .

في المثل الشعبي يقول المغاربة " الله ينجيك من( العافية) النار و المخزن" . المماثلة كما تلحظون في هدا المثل ليست من باب البديع ، أو الطباق . فالنار تلتهم كل ما يحاذيها و تطول بلهبها كل نطاق ، و المخزن يده طويلة تدرك الغث و السمين . و إدا ظلمك المخزن لن تجد لك نصيرا لأنه الجاني ، و الحكم في نفس الوقت(مشات على عينيك عجاجة) . و المخزن دائما على صواب حتى و إن كان على خطأ(نسخة طبق الأصل من بوعروف) . وهو الذي يعرف ما يجب الإهتمام به ،و ما يجب نبده حتى عندما يتعلق الأمر بمفهوم الشؤون المحلية . فالداخلية هي التي تعرف لوحدها ما تعنيه هده الشؤون المحلية وما لا يدخل في نطاقها ببساطة المخزن ضد المواطنة لأنه يرتكز على مفهوم الرعية ، و الراعي يسوق خرافه برفق إلى الكلأ و الماء ، وعند الولائم يذبح منها ما يشاء .

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

ضحكت حتى بدت نابي الإصطناعية عندما سمعت أن وكالة الأنباء المغربية حذفت مقتطفا من التصريح الذي أدلى به وزير الإعلام ، و الناطق الرسمي باسم الحكومة ،بخصوص العمليات الإرهابية التي عرفتها مدينة البيضاء مؤخرا .

تصوروا وزير إعلام تطاوله الرقابة الإعلامية ،ويتحول بجرة كمنجة من الوكالة إلى عيل أهبل لا يميز صيفا ، من شتاء ولا إرهابا ، من كباب . لن يحدث هدا في أي بلد إلا في المغرب فلا تستغرب . حقيقة كنت سأتضامن مع الوزير إذا ما ارتأى أن يقف و قفة احتجاجية أمام وزارته ، أو أن يلجئ إلى إضراب عن الكلام بدل الطعام صيانة لكرامته ، وهدا اضعف الإيمان. تصوروا أن يتحول وزير إعلام ،و ناطق رسمي باسم الحكومة إلى سفيه طياش ترد شهادته . ولعل هده المهزلة ستجعله يقتضي بما جاء في الزبور ،من القول المأثور ،" من سكت سلم "، ونسميه بدلك الساكت الرسمي بإسم الحكومة بدل الناطق بإسمها .

كان على الوكالة أن تذهب بعيدا في( كربعة) الوزير و ينوب عنها راديو كازا الذي يذاع بالدارجة في دلك الأمر المريب لتذيع في الأخبار( أسمعو الناس ، ما تسمعو غير خبار الخير سي نبيل ماتديوش عليه ،راه مكانش هو هداك ) . ولو وقع هدا في حكومة تحترم نفسها لأثيرت ضجة ، و لكان على الأقل أن يقدم الوزير استقالته احتجاجا على مؤسسات إعلامية خاضعة لنفوذه حجرت عليه ، وجعلته غير قادر على النطق حتى بإسمه .

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
السادة البرلمانيين بدورهم شعروا بغبن ، وإحراج شديدين ،عندما خذلتهم أم الوزارات وتركتهم نياما كما يحلوا لهم فوق مقاعدهم في القبة الميمونة ، تم طار ممثلوها في غفلة من الجميع لكل عواصم الدنيا، لتسويق مشروع الحكم الذاتي في الصحراء. دون أن يعلم ممتلوا الأمة بمضمون المشروع ، ولا حتى نسخة من الموضوع ، تركتهم لحالهم كالأطرش في دار العرس . تصوروا برلمان بما له ،و ما عليه يتحول أعضاؤه إلى مجرد محاجير في قضية وطنية ، و مصيرية .

هل هكذا تقتضي الديموقراطية ؟؟؟

أم هكذا تقتضي دولة المؤسسات؟؟
أحتار أنا في الجواب.

ليس هناك من خطر على الديموقراطية أكتر من إحتقار المؤسسات التشريعية ، وتحويلها إلى مجلس أعيان يتفرج على نفسه ، وربما مجلسا أعلى لإطلاق التصفيقات الحارة ، و الزغردات الطرية . لم يحدث هدا على مر الأحقاب ، و العصور في أعراف الديموقراطيات ، باستثناء دولة القناصلة ، و القياصرة الأفذاذ .

رحمك الله عبد الرحيم بوعبيد عندما آثرت سجن ميسور وزنازينه الباردة على أن تصمت . رحماك وصوتك لازال يردده الصدى : " ربي السجن أحب إلي من أن ألتزم الصمت، و أن لا أقول رأيي في قضية و طنية مصيرية " .

ولو كان هدا الزعيم حيا في زمن المهازل هدا، لردد على الأقل ما قاله الزعيم المصري سعد زغلول في لحظة يأس سياسي : "مفش فيدة غطيني يا بهية ".
الديموقراطية ، و المخزن خطان متوازيان لا يلتقيان إلا في الفضاء ، و إذا حدت أن التقيا فلا حول، و لا قوة إلا بالله
لأننا سنكون في هده الحالة الفريدة أمام كائنين سياميين، متصلين من الرأس و الحوض.
يلقبها الخبراء بالديمومخزانية، و اللهم ألطف بنا بما جرت به الأقدار .

آمييين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس