الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التيار الصدري : انسحاب غير مؤثر

طارق الحارس

2007 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


نعتقد أن السؤال الأهم في قضية انسحاب التيار الصدري من حكومة المالكي هو : هل حقا أن هذا الانسحاب حصل بسبب نبذ التيار الصدري لاسلوب المحاصصة الذي تشكلت الحكومة على أساسه ؟
هذا هو السبب الذي ذكره التيار في اعلانه الذي سحب بموجبه وزراء التيار من الحكومة والذي أضاف عليه تفويض مقتدى الصدر زعيم التيار لنوري المالكي رئيس الوزراء مهمة اسناد الحقائب الوزارية التي كان يشغلها وزراء الكتلة الصدرية الى شخصيات تتمتع بالكفاءة بعيداً عن المحاصصة الطائفية . هل يعني هذا أن وزراء الكتلة الصدرية لم يكونوا من أصحاب الكفاءة ؟ ربما أن هذا السؤال لا يهمنا الآن ، إذ نحن بصدد الاجابة عن السؤال الأهم .
الاجابة عن السؤال الأهم تجرنا الى الأحداث التي رافقت انسحاب التيار الصدري من البرلمان العراقي الذي حصل في وقت سابق والذي كان بسبب عدم استجابة رئيس الوزراء لطلب التيار بعدم عقد الاجتماع الذي كان ينوي عقده رئيس وزراء الحكومة العراقية بالرئيس الأمريكي في الأردن ، فضلا عن مطالبة التيار الصدري بتحديد جدولة زمنية لانسحاب القوات المتعددة الجنسيات .
الغريب في الأمر أن التيار الصدري عاد الى مقاعده في البرلمان بالرغم من أن رئيس الوزراء لم يلب مطلبه الأول المتعلق بلقائه بالرئيس الأمريكي في عمان لعدم وجود أي مبرر سياسي حقيقي يمنع حصول هذا اللقاء ، بل اتضح فيما بعد أن هذا اللقاء قد حقق مكاسب عديدة لنوري المالكي وحكومته ، وكذلك فأنه لم يلب المطلب الثاني المتعلق بجدولة زمنية للقوات الأجنبية لأن الحكومة والأغلبية في البرلمان متفقة على أن المرحلة التي يعيشها العراق لا تتفق مع مطلب الجدولة الزمنية لخروج القوات الأجنبية .
نحن نعتقد أن التيار الصدري كان يريد من خلال مطلبيه السابقين اثارت ضجة سياسية للحصول على غايات معينة كان قد خطط للحصول عليها أهمها " دغدغة " مشاعر البسطاء من المواطنين ، إذ أنه على يقين تام أن مطلبيه لا يمكن تحقيقهما ، لاسيما في ما يتعلق بالاجتماع الذي كان مقررا عقده في عمان بين المالكي وبوش .
لهذا نعتقد أن سبب انسحاب التيار اليوم من الحكومة ليست له علاقة مطلقا بالسبب الذي ذكره التيار في اعلانه وهو الذي يتعلق بنبذه لنظام المحاصصة التي تشكلت على أساسه الحكومة العراقية ، إذ مضت مدة ليست قصيرة على تشكيل الحكومة بهذه الصيغة وكان التيار الصدري من الأطراف المهمة في تشكيلة الحكومة فأين كان من ذلك كله ؟
من المؤكد أن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي دفعت بالتيار الى الانسحاب من الحكومة يقف في مقدمتها الموقف الأخير للحكومة العراقية ، وهو ليس موقفا جديدا ، المتعلق بموافقة الحكومة العراقية على تجديد مدة بقاء القوات المتعددة الجنسيات بالعراق نتيجة حاجتها لهذه القوات في ظل الوضع الأمني المضطرب ، لاسيما في العاصمة بغداد ، فضلا عن عدم جاهزية القوات العسكرية العراقية لاستلام الملف الأمني كاملا من هذه القوات . من المعلوم أن هذا الأمر يتناقض مع موقف التيار الصدري بخصوص قضية القوات الأجنبية ، إذ أنه يطالب بخروجها بجدولة زمنية ، لكن الكارثة حصلت في داخل أروقة التيار ، إذ أن وزراء هذا التيار صوتوا لصالح قرار الحكومة بتمديد مدة بقاء هذه القوات دون تحديد شرط الجدولة الزمنية ويبدو أن ذلك أثار زعيم التيار مقتدى الصدر ، لذا أمرهم بمغادرة الحكومة فورا ، إذ أن موقف وزراء التيار في الحكومة والمتمثل بتصويتهم لصالح قرار التمديد تناقض مع تصريحات التيار تناقضا واضحا .
لقد أكد ذلك الأمر التصريح الذي أطلقه رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان نصار الربيعي ، إذ قال : " ان انسحاب التيار حصل بسبب عدم اقدام رئيس الوزراء على وضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال " .
نستطيع أن نصل الى أن هذا السبب كان من الأسباب المهمة التي أدت الى انسحاب التيار الصدري من الحكومة من خلال الاشارة التي جاءت في تصريح أطلقه المالكي بعد انسحاب التيار والذي يبدو أنه جاء ردا على تصريحات الربيعي وهو :
" ان التعاطي مع قضية انسحاب القوات المتعددة الجنسيات يرتبط بجاهزية قواتنا المسلحة للامساك بكامل الملف الامني في جميع المحافظات وحسبما ورد في البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية وما تم الاتفاق عليه في قائمة الائتلاف العراقي الموحد " .
تصريح الربيعي رئيس الكتلة الصدرية ، فضلا عن تصريح المالكي رئيس الوزراء يؤكدان ما لا يقبل الشك أن سبب المحاصصة في تشكيلة الحكومة ليس له علاقة بقضية انسحاب التيار الصدري من الحكومة .
السؤال الآن هو : لماذا يصر التيار الصدري على وضع جدولة زمنية لخروج القوات المتعددة الجنسيات في هذه المرحلة بالذات ، المرحلة التي تنفذ فيها الحكومة العراقية خطة فرض القانون ؟ .
من المؤكد أن الضغط الذي بدأته الحكومة العراقية بمساندة القوات الأجنبية منذ فرضها خطتها الأمنية الأخيرة والذي استهدفت فيه عناصر مهمة في جيش المهدي قد ساهم مساهمة فعالة في مطالبة التيار بخروج القوات الأجنبية ليتسنى لها ، حسب اعتقادها الخاطىء ، السيطرة عسكريا من خلال جيش المهدي على المدن التي يتواجد فيها هذا التيار بسبب ضعف القدرات العسكرية للقوات الحكومية .
الأحداث التي حصلت في بعض المدن الجنوبية مثل السماوة والبصرة والديوانية والنجف تؤكد هذا الاعتقاد ، تلك الأحداث التي أخمدتها القوات المتعددة الجنسيات بعد أن عجزت القوات الحكومية بالتصدي لها .
لابد لنا من الاشارة الى أن الصراعات الداخلية بين أحزاب الائتلاف الشيعي تعد من الأسباب المهمة التي دفعت بالتيار الصدري الى الانسحاب ، إذ يشعر التيار الصدري أن دوره غير مؤثر في قرارات الحكومة المهمة ، لاسيما ما يخص قرارات الجانب الأمني الذي تسيطر عليه أحزاب الائتلاف الأخرى ، تلك الأحزاب التي لم تقف ضد الاجراءات الأمنية التي استهدفت جيش المهدي في خطة فرض القانون ، بل أن التيار يتهمها بأنها من الأطراف التي تشارك في مواجهة جيشها .
أيضا نعتقد أن التيار الصدري بانسحابه من الحكومة قد وضع حدا للتناقض الواضح في مواقفه ، إذ أنه كان يضع رجلا في الحكومة من خلال الوزراء الذين يمثلون فيها ، وأخرى في المعارضة من خلال التصريحات التي يطلقها بين حين وآخر ضد الاجراءات التي تتخذها هذه الحكومة . يؤكد هذا الأمر التصريح الذي أطلقه النائب الصدري بهاء الأعرجي بعد انسحاب الكتلة الصدرية من الحكومة : " ان الكتلة الصدرية المؤلفة من 30 مقعدا ستبقى في صف المعارضة " .
من المؤكد أن انسحاب الكتلة الصدرية من الحكومة لن يعيقها على مواصلة جهودها في بناء العراق وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين ، لاسيما في الجانب الأمني ، لكن بشرط أن يستغل رئيس الوزراء هذه الخطوة استغلالا عمليا بالاعتماد على كفاءات مخلصة للعراق وشعبه تعمل وفق متطلبات معاناته في هذه المرحلة .
* مدير تحرير جريدة الفرات في استراليا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف