الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة أُقَلِّبُ الإسكندرية على أجنابها

مهدي بندق

2007 / 5 / 1
الادب والفن



الكوابيسُ تعرفني
وتزاملني من قِماطِ الرضاعِ
إلي سنوات الترمُّلِ والثُكْلِ
حين أهُبُّ لجُرعة ِ ماءٍ أرى توأمي آتياً
بالسلاسلِ ( ميراثِنا ) مُطلِقاً في دمائيَ ُرخَّ الجليدِ
الذي ُيمطر الدِ بْـقََ ،
يُلصقُ أسماكي َالأرجوانيةَ المستجيرة َ
بالموج ِ ، والموجُ يعدو إلي أرخبيل ِ الفرار

**

الكوابيسُ تعرفني
وُتعرّفني في النسيءِ بجَرذِ الفصولِ ، يَدُقُّ
دفوفَ الإهانةِ سبعاً ، أري حبةَ الرملِ تُُضْرَبُ
سبعاً علي إليَتيها ، أرى في مرايا السكوت ِ
جبيني : خزائنَ موتَى قُدَامى وذقني فطيرةَ حزنٍٍ كثيف ٍ
فيلعَقُها الجَرََذُ
والشمسُ تدلُق ثعبانها
في شقوقِ الحشا , والنجومُ ذباب
**
أنا هذي المدينةُ في زجاجة
رسالتها التي لا ُتقرأُ ، انبقعتْ
بلحمِ غلافها الأختامُ ، ترحلُ في سفينة بعلها الأعمى
لذي رفعت له الدهماءُ عرشَ الغيم يمتدُ
له الديجورُ حاشيةٌ ، ومن شعرائه الإرغاءُ والزَبدُ
و إني بينهم ُحمّلتُ أطنانَ الخرائط ، لكنْ
لا أدِلُّ التائهين إلى ديارهمو
حذار الغدرَ منقوشاً علي سبابتي اليمني
ولا أحداً يخلّصُني من التخليط بين
براءة الأشياء في قلبي ، وبين ضراوة الأعضاءِ
أسراباً وأسرابا ً
ُتحلق في فضاء الَغيِّ
لا يصطادها رَشَدُ
**
غَرَرْتْ بي هذه الإسكندريةُ في الصبا
أوعزتْ أنْ سوف تأتي بالأحبة
ثم ولت
مثل وجهٍ ذاب في فنجان قهوته الصباحية
أتلف التذكارَ صحوٌ فاترٌ منه
فترجل
عن جواد الحلم يدعو مبغضيه إلي الفطور

**
حاولت مراراً وتكراراً
أن أحذف الإسكندرية من ذاكرتي
كما يحذف الشاعر الصَنَاعُ قصائده جميعا
تطبيقا لمبادئ اقتصاد اللغة
حاولت ، حاولت
فكانت تنشط في دمي كالأميبا
وتنشطر إلى دولتين
والدولتان نسختان من قطاط الليل يا زناة
تتبادلان النفط والمواء
والمواء والكبريت
وترفعان في وجوه الرهط مرةً
صوارمَ القهرِ
ومرةً بيارقَ الإذعان
وحينما تدعوهما لحضنها " سياتل "
أو تستحث الخطو منهما " ديربان "
تتبادلان الصمغ في الآذان
**
ترتدي الإسكندرية ُ
في عيد العلم وشاح " هيباشيا " الجميلة
وفي اليوم التالي
تعرضه في هيئة مِزَقٍ وخروق
وهي تقسم اللحمَ والعظمَ علي أوضام القصابين الورعين
وتكرر وتكرر وتكرر
أرضعتني َبْولها
ومشت بي في الحواري طفلةً ذات قضيب
أسحب النسوان ، أُلقي بالجماجم
تحت أضلاع الشتاء النخرة
كلما صحتُ استدارت
ورمتني باللهيب
**
في غرفة الإعدام
استطاعت جدتي الفاجرة هذه
ان تَبُخَ الرعب في قلوب المنَّفذين
حين قالت : نظرية تشومسكي خاطئةٌ يا سادة
ودليلي أنني قتلتُ هؤلاء المومسات
وكذلك الرب الحكيم فعل
**
للسنانير
وللجمال والحمير
أنديةٌ وجماعات
تَكَلَّمتْ فضج بالُسخام وجهُ هذه المدينة العليلة
فآن للقصيد أن يمد ساقه الخجولة
من قبل أن يغادر
إلى منافى التيه والشتات
*

ُكسِرَتْ زجاجة بندورا
فاندفعت الضفادعُ معلَقةً علي شظايا رأس التين
تتقافز إلى متحف الفنون الجميلة
حيث يَذبحُ تنتالوسُ أطفالَ الشوارع
لا الماءُ يغيض ولا الأغصانُ ترتفعُ
ثمة يفتح النقاد معلبات ما بعد الحداثة ، ويتجرعون
حيث الكواعبُ يصرن حيزبونات قبل أن
يرتد إليك طرْفُكَ
وحيث تُسْمَل عيونُ طروادة في تراتيل السَحَرْ
وتتآكل أنوفُ قرطاجةَ في الظهيرة
وُتدفن بغدادُ في القبر الممتد من المحيط إلى الخليج
حيث الحليبُ مصلوبٌ علي أسوار الرياح
والأشجار محشورةٌ بين أسنان أبي حامد ولثاه
**
من خلف سياج الليل المُعْوّج
تنقذفُ وتتكورُ في عيني كفٌ لا أعرف صاحبها
شبحٌ مستورٌ عريانٌ أعرج
يمشي للخلف ، وغايتُه
تأبيدُ الخوف علي أنفاسٍ تتحشرج
يمضي في مسح الأمخاخ استدراجاً
للألباب إلى الأفخاخ ، وما من
أحدٍ لا يُستدرج
... ... ...
قيل : فمن هذا الممسكُ بتلابيبِ الكونِ الُمْرتَجْ
قلت : هو الشعرُ الضدىُّ الأهوج
أطفأ أنجمَهُ
وأتي بذُبالِ الإلغاءِ وأ سرج
ثم استأجر قافلةً في صحراء اللغة اللخناء
أمطرها بعناجيجََ تحمحمُ
لكنْ
ليست ُتلجم للركبان الفرحين
أو للباكين علي طللٍ ُتسرج
**
قالت الإسكندرية ُ
نحن في الكهف لبثنا ألف عام
وأفقنا لحظةً في حُلمنا
ثم عدنا للمنام
فلماذا
قلّب الأجنابَ منا يا ُتري
هذا الغلام ؟!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خيارات صباح العربية للمشاهدة هذا الأسبوع في السينما والمنصات


.. الفنان ناصر نايف يتحدث عن جديده مع الملحن ياسر بوعلي وموعد ط




.. -أنا محظوظ-.. الفنان ناصر نايف يتحدث عن علاقته بالملحن ياسر


.. من عالم الشهرة إلى عالم الإنتاج السينمائي.. صباح العربية يلت




.. أغنية -سألوني الناس- بصوت الفنان الشاب ناصر نايف