الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح العابر للقارات !!

أمياي عبد المجيد

2007 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بعد انتهاء الحرب الباردة وقف المحافظون الجدد وقفة الرجل القلق بشأن مستقبل عائلته . وبدؤوا يتساءلون عن الدور الأمريكي كقوة عظمى بعد القرن العشرين ، وكيف للسياسة الأمريكية التي تعيش نوعا من " التفكك" ( فترة كلينتون بالخصوص ) أن تثبت هذه القوة ؟
خرج المحافظون الجدد بعد هذه التساؤلات باستنتاج مفاده أن الولايات المتحدة معرضة لضياع فرصتها، والفشل في مواجهة التحدي، ما يعني بالضرورة إيجاد أساليب تحقق التفوق الأمريكي بكل الوسائل المتاحة ، وأفرز هذا التصور الجديد للصورة التي يجب أن تكون عليها السياسة الخارجية الأمريكية عن تنظير أهداف إستراتيجية معبرة على ضمان الدفاع المشروع على "مشروع القرن الأمريكي " في نقطتين :
-1- تسويق مفهوم الحرية على أسس القيم الأمريكية وتخليص الشعوب من الديكتاتوريات والأنظمة القمعية .المعادية للسلام وأمريكا .
-2- العمل على جذب الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة ديمقراطية وإقامة معها ما تسميه بنظم " الإصلاح الديمقراطي " .
هذان المبدآن سيتحولان بعد مرحلة التنظيم وطرح الأسئلة، إلى مرحلة التفعيل وإيجاد سبل ممكنة وسهلة في نفس الوقت تمكن من تحقيق هذه الأهداف .
استعارة الإصلاح
ـــــــــ
يعتقد البعض أن برنامج الإصلاح الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو مشروع نابع من التصورات والأبعاد الاقتصادية والجيو- سياسية للمنطقة ، لكن هؤلاء بالتأكيد يجهلون الأبعاد الأكثر فاعلية والأكثر بداهة في نفس الوقت ، وهي في الحقيقة ما يمكن أن نسميه " باستعارة الرغبة في السيطرة بالحاجة الشعبية "، أي أن الولايات المتحدة ليست مسئولة على امن الأمريكيين فقط، بل حتى على ضمان امن البلدان الأخرى أو ما تسميها الصديقة والمهددة بالأخطار، وبالتالي ننتقل من الفهم التقليدي لأغراض الإصلاح إلى الفهم الدقيق لسيطرة المنظور الإصلاحي على التصور الشعبي الذي يفضي إلى فرض الإصلاح .
ويمكن أيضا تدقيق الرغبة على السيطرة قدر الامكان على هذه المنطقة الجغرافية بالذات فيما تقوده الولايات المتحدة الأمريكية من حرب على الإرهاب ، وكما أشرت في مقالة سابقة عن استعارة المفاهيم ، نلاحظ أن الولايات المتحدة تتخذ من هذا المنظور العالمي درجة مجمعة لتطويق السيطرة على البؤرة المحدودة ونحن نعلم أن الإرهاب لا يقتصر على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن تتعمد توجيه الثقل العالمي لفهم الظاهرة الإرهابية إلى هذه المنطقة لتبرير عمليات تقول عنها إصلاحية ، تماما كما يفعل طلاب الفيزياء عندما يتناولون عدسات مجمعة لأشعة الشمس في بؤرة معية قصد تسخينها وإيقاد النار فيها ، بمعنى أخر فالولايات المتحدة ترى في المنطقة نافذة لتنفيذ " مشروع القرن الأمريكي " عن طريق :
- إخضاع المنطقة لحاكمة القرار الأمريكي في ضبط التحرك الاقتصادي واتجاه رؤوس الأموال لسد منافذ التغلغل الصيني في المنطقة .
- فرض سياسة القلق في نفوس الأنظمة ما يبيح للولايات المتحدة القيام بدور الحارس الشخصي لهذه الأنظمة التي تروج اعتباطا الولايات المتحدة بأنها معرضة للقوى الإرهابية، وفي طليعة هذه القوى إيران وبرنامجها النووي .
- في هذه النقطة سأعود إلى ما قلته في البداية بخصوص نشر قيم الحرية وهذا المنفذ الذي يقود بشكل أو بأخر إلى التكيف مع طبيعة المجتمع المدني، فهي تسعى إلى إقناع هذا المجتمع بان تواجدها هو لغرض نبيل وليس كما يروج أعداؤها ، وهي تعرف أن مجرد إقناع هذا المجتمع هو نهاية لمرحلة إحكام القبضة وهذه هي الخطوة الأولى من برنامج الشرق الأوسط الكبير و الإصلاحي طبعا .
قد يلاحظ البعض أني لم أتطرق إلى دور دولة إسرائيل في استمرارية التوغل الأمريكي في المنطقة ، وهذا لسبب واحد. في اعتقادي أن إرجاع كل هذه التحركات الأمريكية إلى ما يسمى "حماية أمن إسرائيل " هو أمر مبالغ فيه كثيرا، قد يكون الأمر كذلك ، ولكن لا يجب أن ننسى في المقابل أن إسرائيل هي دولة ومن مصلحتها الجنوح إلى السلم يوما ما ، وبالتالي إذا بنيت السياسة الأمريكية على هذا الأفق المحدود ، فلربنا لن تضمن الاستمرارية التي هي جزء من نجاحها ، ونحن قلنا بان مشروعها الإصلاحي في المنطقة ينسجم وروح " مشروع القرن الأمريكي ".
نصيب المغرب من الإصلاح
ــــــــــــــ
اخترت في هذه الزاوية المغرب لتقريب توجه الإصلاح، لان المغرب هو أيضا يسير في نهج الإصلاح حسب الخطاب الرسمي للدولة، ويهمني كمغربي أن استنبط تجليات الإصلاح الذي تزعم الولايات المتحدة أنها تدعمه، وفي اعتقادي أن بلدا كالمغرب يجهر بتوجهاته الإصلاحية هو نموذج إن لم نقل" فريسة " سهلة لتحكيم أسلوب الدعم الذي تقول به الولايات المتحدة الأمريكية ، بحيث أنها ستحاول أن تخلق نوعا من التوافقية وينظر إلى مساعيها من قبل الآخرين كنموذج لمشروع دعم الإصلاح المقبول والقادر على النسخ .
يمكن الإيجاز وتحديد صور الدعم الأمريكي للإصلاح في جانبين أساسيين :
-1- الجانب السياسي: في هذا الجانب يجب أولا الإشارة أو تحديد اكبر مشكل يعيشه المغرب على المستوى السياسي ، وتكون الولايات المتحدة لها إمكانية التأثير، ولا اعتقد أن أحدا يختلف معي إذا قلت بان مشكل الصحراء هو المشكل الذي يتصدر الانشغال المغربي، وبالتالي فمن الطبيعي مدام المغرب شريك في الإصلاح للولايات المتحدة أن تبادر هذه الأخيرة إلى دعم مسلسله الإصلاحي، وتتبعنا مؤخرا موقف الإدارة الأمريكية على لسان مساعد وزيرة الخارجية عندما صرح بان المشروع المغربي لتمتيع أقاليم الصحراء بالحكم الذاتي انه مشروع بناء وواقعي .
-2- الجانب الاقتصادي : لا شك أن الفقر يشكل عقبة كبيرة للتنمية المستديمة في المغرب بل حسب ما يفهم من التوجهات الرسمية للخطط والبرامج التنموية للدولة تهدف في مجملها للقضاء على الفقر ، وحسب تقرير البنك الولي في غشت 2003 فان 25 في المائة من سكان البوادي و 13 في المائة من سكان الحواضر يعيشون تحت عتبة الفقر أي ما يعادل 6 ملايين مغربي يعيشون بمعدل دولار واحد في اليوم . أمام هذا الوضع الصعب الذي تبين أن الدولة لا تستطيع مواجهته بوسائلها التقليدية المعتادة و فتحت الباب للولايات المتحدة وبعض القوى تحت عباءة الإصلاح والدعم ونحن نعرف جيدا أن دخول بعض الشركات التي نفذت مشاريع ضخمة في المغرب لم تقم بانجاز هذه الصفقات إلا بدفع الرشاوى لبعض المسئولين في الحكومة وذوي النفوذ والسلطة بمعنى أن الإصلاح الذي تنادي به الولايات المتحدة تحول إلى نقمة عند المغاربة واغرق الدولة في بلوى الفساد .
إن النموذج المغربي يسري على كل دول المنطقة وأنا شخصيا لا افهم مشاريع الإصلاح الأمريكية في براءتها ووداعتها، ولكنني افهمها في سياق واحد ووحيد واعتقد انه هو الصحيح يهدف هذا السياق العام إلى خلق جبهات ممانعة تستجيب لتطورات مستقبلية على نطاق العالم لحصر خصومها التقليديين وكبح توسعاتهم التي باتت تقلق الدور الريادي للولايات المتحدة الأمريكية .
* كاتب مغربي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة أكسفورد البريطانية يواصلون الضغط على جامعتهم لمقا


.. خفر السواحل الجيبوتي يكثف دورياته بمضيق باب المندب




.. وصفته بـ-التطور الشائن-.. وكالة -أونروا- تغلق مجمّع مكاتبها


.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم




.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في