الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشلاء الانتحاريين تفتح الطريق أمام العدل و الإحسان نحو المصالحة

ليلى محمود

2007 / 4 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


خلال تصريحه لجريدة "الصحيفة" ع 136، حول التفجيرات الدموية التي تعرفها مدينة "البيضاء"، أعاد الناطق الرسمي لجماعة "العدل و الإحسان: فتح الله أرسلان إرسال نفس الإشارات التي سبق لابنة مرشد الجماعة نادية ياسين أن أرسلتها في تصريح لها لنفس الجريدة، مباشرة بعد تفجيرات 16 ماي 2003، و كانت هيئة التحرير قد اختارت كعنوان للتصريح "على النظام أن يدعم العدل و الإحسان"، و يمكن إجمال هذه الإشارات في ثلاث:

1. إعادة التأكيد على موقف الجماعة الرافض لاستعمال العنف، لكن المقصود هنا العنف الممارس ضد الدولة تحديدا، و لا يكاد يخلو أي تصريح لقيادات الجماعة من التأكيد على هذا الموقف سواء بمناسبة أو بدونها، بل و يبرز الموقف في بعض الحوارات و التصريحات على شاكلة "سقطت الطائرة". و المر لا يعدو كونه طمأنة للنظام السياسي القائم بأن الجماعة تخالف التيارين "الإخوانجي" و "الجهادي" الإسلاميين في مسألة إعداد "تنظيم خاص" أو "جناح عسكري" تحضيرا للاستيلاء على السلطة باستخدام العنف. و حتى لا يفهم استعمال العنف ضد التيارات اليسارية الذي اتخذته الجماعة نهجا ثابتا منذ نشأتها، موقفا عاما يمكن أن يسري على الدولة كذلك.

2. نزع الشرعية الدينية عن هذه التفجيرات و عن الجماعات المرتبطة بها، و هو ما تجلى في هجوم نادية ياسين على بن لادن و تنظيم القاعدة و الفكر الوهابي بشكل عام، و كذلك فيما أسماه أرسلان بعدم وضوح هدف هذه العمليات الانتحارية، لا دنوي و لا أخروي، بما يعنيه ذلك من أن لا سند شرعي ديني لها، و بالتالي للأفكار المؤطرة لها ـ الوهابية ـ، و قد يتجاوز الأمر ذلك إلى إصدار فتاوي تفكر هذه المجموعات السلفية الوهابية و تخرجها من الملة.

3. عرض الجماعة لخدمتها الفعالة في مجابهة الوهابية فكرا و ممارسة، فجماعة العدل و الإحسان حسب السيدة نادية تربي قواعدها و المتعاطفين معها على الصبر و عدم القنوط.. و تفتح الآمال أمامهم للتخلص من كوابيس الفقر و الجوع و انسداد الأفق، و التعبير للسيد أرسلان.

و يتم الأمر بنشر ثقافة غيبية ظلامية تربط تطلعات الجماهير الكادحة لتغيير واقع الاستغلال و التفقير و النهب الذي تتعرض له في ظل نظام الرأسمالية التبعية، بالأحلام و الهلوسات و الأوهام التي يروج لها ع السلام ياسين حول اقتراب أو ابتعاد موعد قومته، بعيدا كل البعد عن أية مساهمة في مختلف واجهات الصراع اليومي الذي يخوضه الكادحون تحصينا لمكتسباتهم و دفاعا عن حقوقهم، بدءا بالدفاع عن الحق في التعليم المجاني و غيره من مكتسبات الكادحين المحققة عبر نضال تاريخي دفعوا ثمنه غاليا عشرات الشهداء و آلاف المصابين و المعطوبين و مئات المعتقلين.. إلى النضالات العمالية ضد مدونة الشغل الرجعية، مرورا باحتجاجات ساكنة الأحياء الشعبية ضد الغلاء المهول لأسعار المواد الأساسية و الخدمات..إن الجماعة تراهن على الطير الأبابيل للتغيير بالمغرب، أكثر مما تراهن على النضال الطبقي الضروس الذي يخوضه الكادحون بقيادة الطبقة العاملة ضد الاستغلال الرأسمالي لهم، ففي الكلمة التي ألقاها رئيس الدائرة السياسية للجماعة في مجلسها القطري، و بعد أن أشهر سلاح التكفير و الاتهام بالردة في حق اليائسين و القانطين من أعضاء و قواعد الجماعة أمام انحسار أفقها، و انفضاح أساطيرها، لم يجد ما يطيب خاطرهم به غير قصة الطير الأبابيل (!) التي تقوم بالزحف المنشود لدى صاحب "المنهاج النبوي" بالنظر إلى عجز الجماعة الذي أثبته التاريخ.و في ختام التصريح يطالب السيد أرسلان، كما كان الحال مع السيدة نادية ياسين، بأن ترفع الدولة الحصار عن جماعته حتى تستطيع أن تساهم في هذا العمل الجليل (!)، و قد تجاوزت السيدة نادية في تصريحها مطلب رفع الحصار إلى الدعم المباشر الذي يجب أن تقوم به الدولة تجاه الجماعة، حتى تتمكن من أداء خدماتها على أحسن وجه إن رفع الحصار و الدعم المباشر هما المقابل الذي تريده الجماعة لقاء خدماتها الجليلة (!) للنظام الذي تدعي معارضته و مناهضة سياساته (!!)إن جماعة "العدل و الإحسان" تبحث عن مصالحة جديدة مع النظام، على أشلاء الانتحاريين السلفيين، كما يبدو أن الجماعة تحن إلى سابق علاقاتها بالنظام، فمقابل السماح للجماعة بالتغلغل في الأوساط الشعبية و بدعم مادي و لوجيستيكي، قدمت الجماعة للنظام خدمات يعتبرها السيد أرسلان بالتأكيد جليلة هي الأخرى، من خلال العمل على محاصرة التيارات اليسارية الجذرية المعارضة لنظام الحكم و لواقع الاستغلال و القمع الطبقيين، مستخدمة أحط الوسائل و أبشعها، بدءا بالدعاية الكاذبة و التشهير مرورا بالاعتداءات الجسدية وصولا إلى الاغتيال السياسي.إن جماعة "العدل و الإحسان" مستعدة لجعل أشلاء الانتحاريين السلفيين مطية لمصالحة جديدة مع نظام الحكم بالمغرب، كما كان الأمر مع أرواح الشهداء و المناضلين الذين استهدفتهم المجازر الظلامية مطلع التسعينات.

ليلى محمود

17/04/2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة