الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباس الفَوري

عبدالرضا المادح

2007 / 5 / 1
الادب والفن


يتوسط شارع الجزائر حديث التبليط ، صفٌ من شجيرات الياس دائمة الخضرة، كجدار يفصل قسمي الشارع المتوازيين. تتراصف المحلات التجارية والمنازل حديثة البناء على جانبيه. اضواء مصابيح المتاجر واعمدة الكهرباء ترتسم على الوجوه بوضوح.
يظهر بشكل مفاجيء في وسط الشارع. لايعرف الناس من اين جاء. المتسوقون، الباعة، رواد المقهى والمتجولون انشدّوا اليه بنظراتهم المتفحصة الفضولية. تعالت بعض الصيحات الترحيبية والاخرى الاستفزازية، لزيادة الشحنات الانفعالية الكامنة في كيانه المضطرب. لوّح بيديه معبرا عن امتعاضه وزهوه في آن واحد. تنقل بنظره بشكل سريع على المتطفلين من حوله ليتأكد من حجم الحضور واهتمامهم. عظام جسده البارزة رسمت تجاعيد واضحة على ملابسه القديمة. تحرك في وسط الشارع بأتجاهات متناقضة. مدّ يده في جيب معطفه الصيفي ليخرج قطعة حجر كلسيّة ناصعة البياض.
إنحنى على الاسفلت الناعم في وسط الشارع، وبدأ برسم سرب من الطائرات الحربية يتبعه رتل من الدبابات ذات المدافع النافرة والجاهزة للهجوم.
الناس من حوله يطلقون تعليقات الاعجاب بخبث. الابتسامات والكركرات تمتزج مع هدير الطائرات والدبابات.
صاح به احد المتجمهرين متسائلاً:
ـ ماذا ستفعل بطائراتك ياعباس...؟
انتصب عباس بقامته القصيرة، نافخاً صدره، ليجيب بلغة الواثق المنتصر:
ـ ان هذه الطائرات ستقصف القصر الجمهوري فوري...فوري...! ( حالا...حالا...)
فتعالى الضحك والتصفيق من الجمهور، ليأتي صوت آخر:
ـ وماذا تفعل دباباتك ياعباس...؟
ـ الدبابات ستهاجم مديرية الامن فوري...فوري...!
فصرخ الجمهور:
ـ فوري...فوري...!
ازداد التوتر على الاسفلت بفعل حركة الجنازير. تدافع رتل الدبابات خلف القائد الذي تقدمه، ليختفي عن الانظار في زاوية الشارع، بأنتظار اخبار الفجر.
....................................
23 04 2007

* عباس الفوري..شخصية واقعية ظهرت لفترة قصيرة، في بداية السبعينات من القرن المنصرم في مدينة البصرة، لتختفي وبشكل غامض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي