الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكائن الذي يحمل خرافته

ناصرعمران الموسوي

2007 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في البدء الاول وحين كانت الالهة تضطلع بتحديد مصير الخلائق، كان الكائن يعيش بوهيمياه، فهوحيواني بطبعه-حسب ابن خلدون-والية معاييره العقلية لما تزل عذراء لم تلجها عواصف التجربة والاختبار،وفوضى حواسه على اشدها، اما غرائزه فكانت تعيش لذة انطلاقها اللامحدود، ولانه مفعم باناه راح يجير ماحوله لمصلحة ذاتيته،وزادعنفوانه وانطلاقه الاستسلام الطبيعي لارادته وخضوع الماحول لمشيئة نزواته،فارتسمت امام ناظريه صور الكينونة الاول،فآمن بجدوى وجوده كانسان اول،فعاث ماوسعه ذلك فسادا، فالكل في خدمته وتحت تصرفه، حتى سامت الطبيعة تجبره وطغيانه،فاعلنت احتجاجها بوجهه فازبدت وارعدت وصب غمامها، وماوسع الكائن الا ان تقرفص على نفسه واضعا رأسه بين كفيه نازلا يقبل الارض متوسلا وجلا، فما الف الرفض والاستكانة حتى ارته الطبيعة عينها الحمراء،فصار الى العبودية اقرب،هيابا من كل حركة ساكنا حين يحل الظلام وعرف حينذلك معنى الحزن والوحشة، اصابه الهزال فرقت له الالهة،فذات صباح فوجىء بكائن جميل يشبهه،هذا الكائن تمنحه الطبيعة من حسنها فيميل دلالا ورقة،من خلاله شاهد جمال الازهار والطيور والماء الصافي،ولان مافيه راح يقترب تحمله نوازع لايعرف كنهها،هي مزيج من فرح غامر وحزن مستحكم،فاعلن ابتهالاته الاولى ساجدا في محراب نشوته متوسما انتحل قوى يعرفها ولا يعرفها لتخلصه مما هو فيه، فرق قلب الالهة، اذ مدت له يد قدريتها فتسامى،منحته الكائن الاخر انيسا له ولان الالهة لاشريك لها، قررت ان تغادر الى الاعالي بعد ان منحته خلافتها على وجه البسيطة،فراح هو يمنحها جزءاً من وقته ويردد اقانيم وأورد عرفانه وجميله لصنائع الالهة التي ابت الا ان يكون نوعه مستمرا،فراح يتناسل ويصنع ذاتيته ووجوده،....

ولأن الحيواني كامن في ذاته يخرج كلما غادر تدجينه وحرفنته الحياتية، اشرأب يرتكب جريمته الاولى، ليمنح حياته حدود نهاياتها ويشرعن الفناء،ورغم المحاولات الكثيرة للعودة الى محطات الخلود الا انها ذهبت هباء منثورا، فقد خط الموت على ابن ادم، كما خطت القلادة على جيد الفتاة، ومنذ ذلك التاريخ شهدت المحاولات البشرية فشلها الدائم فايقنت ان خلودها باعمالها المقدمة في خدمة البشرية حين تكون بمنأى عن حيوانيتها الطاغية التي ظلت تحمل وزر خطيئتها الازلية،.....

واذاكان المشهدالعراقي بيئة الوجود الاولى فانه يأبى الا ان يكون ابدا تعبيرا عن وجود حيثيات الوجود فمن ارضه انطلقت تباشير حملات المعرفة الاولى وفي ارضه استسلم الحيواني من الانسان لمصلحة انسنته. ولانه البداية التي لابداية لها والنهاية التي لاتكون الاّ منها، قدر طالعه ان يعتل بمرض لكنه لايموت هو يتعافى كلما احاطته ملائكة الموت انه عصي على مكنونات الفناء،ومنه وجدت الثقافة ارتسامات تعبيرها، هي ثقافة الادهاش تتمحورتختزل تجيرلمصلحة الفرد هنا والسلطة هناك وفي غمرة خضوعها تبرز عنقائيتها، هي كلكامش الذي رأى كل شيء فتغنت بحبه البلاد والعباد،هي انكيدوبداوة مطلقة وترويض لايكون الا مع المراة حسا وجمالا وعذوبة، لقد اعيت هذه الارض حتى المقدوني الاسكندر فاعلن فيها استسلام الحيواني في ذاته لمصلحة الانسان في ارضها فقرر ان يكون جزءا من ارضها وآل معسكره للشتات،ان ثقافة الترويض لم تتأت الاعبر مخاض للبحث عن وليد الانسان، الانسان الذي يقف مشكلا لذاتيته متناغما مع عالمه الجديد رؤياه مستقبلية، ليس لديه الوقت لاجترار ماضويته فقط هو يجعلها محطات تجربته، ان الرؤية المعاصرة للانسان تتعبأ من خلال اكتشافه لذاته هو جرم صغير لكن فيه ينطوي هذا العالم المتسع ولا حدود لاتساعه الضيق وكأنه اصغر من خرم ابرة،ليست الحياة سوى منظومة تجمعت فيها رؤى وافكار وتواريخ وعقائد، مسلمات ونوازع كلها ستختفي حين تكون هناك احادية واحدة هذه الاحادية هي التي تزرع الموت الان وبابشع صوره هي ليست قريبة الى الله ان الله بعيد جدا عنها، انها الحيواني المنفلت من عقاله الذي يريد ان يحرق كل شيء وفاته ان الحياة قد قدرتها الالهة حين اضطلعت في تحديد مصيرها انها للانسان والانسان فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوسا وفهد سال.. في تحدي اللهجة السودانية والسعودية.. من سيرب


.. كارثة بيئية في إندونيسيا.. إزالة الغابات للحصول على وقود الد




.. اليونان: تبرئة المصريين التسعة المتهمين في غرق قارب -أدريانا


.. صحف كاليدونيا الجديدة : شتّان بين ماكرون وميتران إزاء الأزمة




.. الجيش الإسرائيلي يكثف عملياته في رفح ومخيم جباليا وبيت حانون