الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيشان من مناضلين في سبيل الحرية الى ارهابيين !

ميشيل الشركسي

2003 / 8 / 28
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


                                                                       " الشعوب الصغيرة بحاجة الى خناجر كبيرة "

                                                                         ــ شاعر الشعب الداغستاني: رسول حمزاتوف ــ

 

في العام 1995 رفض الشاعر الروسي الكبير " يفغيني يفتوشنكو " تسلم وسام الصداقة بين الشعوب الذي منحه اياه الرئيس " يلتسين " وقال: أية صداقة بين الشعوب والجيش الروسي يقتل السكان المدنيين ويشن حملة ابادة ضد الشعب الشيشاني . ان الشاعر هو من جيل مثقفي الستينيات في الاتحاد السوفييتي ، وهو جيل نشطاء حقوق الانسان والمطالبين بالديمقراطية الموصومين بكل ألقاب العار والخيانة من قبل الأحزاب الشيوعية ومنها الأحزاب الشيوعية العربية .

كانت تلك الحملة العسكرية التي بدأت في أواخر عام 1994 ضد الجمهورية المتمردة التي أعلنت استقلالها من طرف واحد بعد فرط الاتحاد السوفييتي عنيفة ووحشية لم توفر المدنيين ولاقت مقاومة شديدة جداْ من قبل الشيشان رغم زج أفضل القوات الروسية في المعركة من مشاة البحرية الى القوات الخاصة والمظليين ، فقد قاد الرئيس الشيشاني آنذاك

" جوهر دودايف " والذي كان من أفضل الجنرالات في الجيش السوفييتي سابقاْ الذي انتخبه الشيشان رئيساْ لهم بالاجماع تقريباْ المقاومة لجيش يلتسين وجرعه الغصص ، وأثبت أن الشعوب صاحبة الحق وان كانت صغيرة قادرة على الثبات وتلقين المعتدي المحتل خسائر كبيرة .

ان الجزء الصغير من الرأي العام الروسي الذي أدان تلك الحرب منذ البداية ونشطاء حركة حقوق الانسان في روسيا ومعهم أحرار العالم دفعهم الى الاحتجاج تشبعهم بالمبادئ الأخلاقية العليا للحضارة الانسانية الحديثة مما أدى الى تبلور حركة احتجاج عالمية كبيرة ساخطة على الخسائر البشرية الكبيرة وداعية الى ايجاد حل مشرف للمشكلة . وهذا الضغط الداخلي والخارجي اضطر السلطة في موسكو الى ابرام اتفاق مع الثوار الشيشان يقر بفترة انتقالية وسحبت روسيا كل قواتها آنذاك من الجمهورية في عام 1998 ، قام الشيشان بعدها وقد حصلوا عملياْ على استقلال ولو غير ناجز بانتخاب رئيس جديد بشكل تنافسي ديمقراطي هو الجنرال السابق أيضاْ في سلاح المدفعية السوفييتي " أصلان مسخادوف " .

ماحدث بعد ذلك وهو السبب في كتابتي هذا المقال كان مثيراْ ، فبدلاْ من أن يتجه الشيشان الى بناء مؤسسات مدنية ترسخ دولة القانون وتعيد اعمار الجمهورية الغنية بالنفط والغاز ، تحولوا الى الأصولية الدينية في أبشع صورها ، الى الوهابية كتيار سلفي متعصب ، وايديولوجية كليانية مضادة للعقل والانفتاح والتقدم بقدوم ممثلين لذلك التيار من السعودية والأردن وغيرها من البلدان الذين حاربوا في أفغانستان حاملين معهم لوثة التعصب والانغلاق وبذورالارهاب

ان شعوب شمال القفقاس بشكل عام وهي في غالبيتها تدين بالاسلام بعيدة ناريخياْ عن التعصب ، وبالنسبة للشعب الشيشاني فقد كان في غالبيته قبل دخول الوهابية من أنصار الطرق الصوفية القادرية والنقشبندية وهي طرق متوغلة في ضمير الشعب الشيشاني ومتأقلمة مع عاداته وتقاليده ، وأتى دخول الوهابية لينسف الأسس السابقة من القيم الأخلاقية للطرق الصوفية ومنظومة العادات الجبلية التي كان يدين لها الشيشان بالطاعة ، وكان أن جرّد الشيشان حملة عسكرية للاستيلاء على الجمهورية المجاورة داغستان ليحرروها كما قالوا ويأسسوا لخلافة اسلامية وهابية على كل أراضي شمال القفقاس مما أعطى مبرراْ للرئيس " بوتين " لتجريد حملة عسكرية جديدة على الشيشان ونسف الاتفاق السابق .

لقد فقد الشيشان القسم الكبير من التأييد الذي كان الرأي العام العالمي يدعمهم به في الحملة العسكرية الأولى عليهم من قبل روسيا بعد أن تحولوا من مناضلين في سبيل الحرية الى ارهابيين ، والمواجهة بينهم وبين روسيا تحولت الى حرب استنزاف طويلة الأمد يطحن فيها السكان المدنيون في رحى المصالح المتشابكة لأمراء المافيا السياسية والعسكرية الروسية والشيشانية ، خاصة ان أخذنا بعين الاعتبار الخلل في ميزان القوة بين الطرفين المتحاربين .

وبخصوص هذه المسألة الشائكة التي نعالجها يجب على الشيشان القطع مع الزوايا المظلمة من الارهاب الديني وتاريخهم البطولي الحافل من النضال في سبيل الحرية كفيل باعطائهم المصل الواقي ضد فيروس التعصب الديني والارهاب وحينذاك سيجدون أحرار العالم وروسيا في مقدمتهم الى جانبهم من جديد .

وأورد في النهاية كلمات المعلق في احدى المحطات الروسية التي قالها أثناء الحملة الروسية الأولى على الشيشان عام 1995 " كيف يمكن أن تحب وطنك وأنت تقتل أطفال الآخرين وتترك جثث قتلاك تتعفن في الشوارع ؟ !

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون