الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيادة الشيوعي العراقي تنكّرت لوطنية حزبها

باقر ابراهيم

2003 / 8 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


إنها كلمة حق أُريد بها عين الحق، ما كتبه حسين العودات، من سوريا، فيما قال: <<من المؤسف والمحزن، ان يتوّج الحزب الشيوعي العظيم نضاله المجيد وتاريخه المشرف وتضحياته التي عزّ مثيلها، ايام الحكم المنهار (فقد كان اكثر احزاب العراق تضحية وبذلاً)، بأن يكون موظفاً لدى الحاكم الاميركي للعراق بول بريمر، وبقرار من هذا الأخير..>>.
صوت طيّب دخل قلوب وأفكار المئات من العراقيين، من الشيوعيين اولاً، ومن الوطنيين الآخرين في بلدان عديدة، تلقّفوه باعتزاز، لانهم بحاجة ماسة اليه. كي اوضح حقي في الحديث عن مواقف الحزب الشيوعي العراقي، اود ان اذكر اني وجهت في تشرين الاول/2002، اي قبل الحرب الكارثية على العراق بخمسة أشهر، مذكرة الى الاحزاب الشيوعية والعمالية والتقدمية، وقابلت بعضا من قادتها وقلت في مطلع المذكرة ما يلي:
<<اني اكتب رسالتي هذه لبعض ممثلي الرأي العام التقدمي من احزاب وشخصيات تربطني بهم علاقات طيبة، قديمة او حالية، وأوضح لكم اني كنت قد انتميت للحزب الشيوعي العراقي منذ حزيران 1948 وصرت عضوا في لجنته المركزية عام 1959 وفي مكتبه السياسي عام 1962، ومسؤولا عن قسم التنظيم في اللجنة المركزية في اغلب الفترات بين اعوام 1961 1984>>.
ويهمني ايضا تعريفكم بأني كنت الشخصية الأولى، ضمن قيادة الحزب الشيوعي العراقي، ممن تولوا اعادة بنائه بعد ثلاث حملات قمع وتصفية قاصمة وجهت للحزب في اعوام 1963 و1971 و1978. هذا اضافة الى دوري المعروف في عملية اعادة البناء بعد المجزرة الدموية وحملة التصفية التي قادها ضد الشيوعيين حزب السيد جلال الطالباني في ايار 1983.
وقلت في مذكرتي هذه انه قد حدث انتقال في الحزب مؤخرا، من المبالغة في الأممية، الى التأثر بما هو نقيضها في العصر الراهن، وأقصد به ذهنية العولمة تحت السيادة الاميركية.
ان المسؤولية الاولى للسلطة العراقية وحزبها الحاكم، هي انها اغلقت الطرق وسدت المنافذ امام فرص وقف نزيف الدم الداخلي، وامام فرص الحل السلمي الداخلي، وامام فرص الحل الديموقراطي للأزمة الداخلية في العراق. وهذا ما يلقي الضوء على احد الاسباب المهمة لسعة قاعدة القوى والشخصيات، التي صارت تراهن على ارجحية الحل الاجنبي، كمنقذ للعراق، وكذلك لسعة نطاق الخيانة للوطن والعمالة المباشرة او المستورة للأجنبي.
ان نقاشات كثيرة جرت، وما تزال تجري بين الشيوعيين والوطنيين العراقيين، حول المعطيات والمسؤولية عن سرقة اموال الحزب الشيوعي العراقي، وهي تتعلق بمبالغ تقدر بملايين الدولارات، الى جانب الاستيلاء على بعض مؤسساته الثقافية والاقتصادية.
ورغم اهمية هذه القضية، الا ان ما يقدم عليها هو اهمية البحث في المسؤولية عن سرقة وطنية هذا الحزب المكافح، وسرقة تراثه النضالي وأمجاده الوطنية. وأخيرا ازاء النقاش حول اية جهة هي التي يمكن ان تحفظ للحزب، حاضرا ومستقبلا اصالته النضالية، الوطنية والقومية والانسانية، وازاء مهمات تجديده ليعود احدى القوى المهمة في النضال العراقي والعربي والعالمي من اجل التغيير والاشتراكية>>.
في ختام مذكرتي اقترحت على تلك الاحزاب: <<مطالبة الاطراف العراقية، التي سارت في الطريق الخاطئ، كما اوضحنا في مذكرتنا، العودة عن تلك المواقف وتصحيحها. ومن اجل تعزيز وحدة الوطنيين العراقيين ومن اجل قيادة وطننا العراق نحو شاطئ السلامة. ونعتبر ذلك احد اشكال التضامن الأممي والأخوي الفعالة والمجرّبة>>.
ومن المفيد أن يسمع الناس ايضا، صوت المئات ممن يعتزون بتراث الماضي الشيوعي في العراق ويسعون لإحيائه وتجديده ولكن من دون اختام ونجوم لامعة.
احد هؤلاء القائد الشيوعي والعمالي آراخاجا دور، الذي واكب نضال الحزب الشيوعي لمدة تقرب من ستين عاما.
ولمن احتجّوا على الرأي النافذ الذي كتبه في جريدة <<السفير>>، الاستاذ حسين العودات، فاني اسوق لهم وللرأي العام ما كتبه اراخاجا دور من شروحات لمعالم التدهور في سياسة قيادة الحزب الشيوعي. وفي رسالة له نشرت في ايلول/ 1998 قال اراخاجادور:
<<كشف مكتب الإرسال بعض جوانب زيارة حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الى اميركا. في البداية هو لم يتجرأ على اعلان طبيعة زيارته.. ان العقلية التي بدأت تتسرب الى اوساط المهيمنين الحاليين على قيادة الحزب..، بدأت منذ زمن طويل تطرح التساؤل المشبوه بصدد العلاقة مع القوى الامبريالية لماذا على الآخرين حلال وعلينا حرام؟ اي لماذا الآخرون يتصلون بأميركا ونحن لا؟! اذن هكذا تساوت رؤوس القوم.
اننا ندين الزيارة وطريقة التفكير التي أدت اليها، وندين الزيارات الاخرى المماثلة، وندين التعويل على اميركا ولا نرى في سياسة <<عدو عدوي صديقي>>، ما ينسجم مع طبيعة وتاريخ الشيوعيين العراقيين الذي يمتد عميقا في التاريخ الوطني لشعبنا..
لا نتحدث هنا عن القائدين الوطنيين فهد وسلام عادل اللذين حفظا وصانا الشرف الوطني لحزبنا تحت اقسى الظروف والمحن التي حلت بالشعب وبهما شخصيا، ان اميركا بحجة اسقاط النظام تريد في الواقع اسقاط المناضلين العراقيين وحسب. وقال آرا في رسالته: <<لا نتمنى ان نرى حميد مجيد في هذا الموقع>>. لكن امنياته الطيبة وأمنيات الالوف من المخلصين قد خابت للأسف.
تغطي قيادة الحزب الشيوعي، سياسة التواطؤ مع المحتلين، باستثارة العاطفة الشعبية وخصوصا التركيز على مخاطبة عواطف ضحايا القمع الدكتاتوري والمقابر الجماعية. وصارت صور شهداء الحزب تغطي جدران مكاتب مقراته، لهذا الغرض.
وأود ان اذكر ان احد كوادر الحزب الشيوعي فقد من اقربائه فقط، وفي مدينتي النجف الاشرف والسماوة (43) شهيدا في فترة الطغيان الدكتاتوري. ورغم هذه المأساة الشاملة، فقد ظل ذلك الشيوعي، كما كان قبلها وطنيا يرفض المتاجرة بضحاياه او تأييد السياسة التي تبيع الوطن لغزاته وناهبيه الاميركيين والانكليز.
اللافت للنظر، ان قيادة الحزب، تزجّ الآن، وفق حملة منظمة، بالكثير من اعضاء القيادة المتقاعدين، الذين اسهموا في صياغة منهج الردة.
وللحملة هذه اهداف عديدة. في مقدمتها الطعن بالعروبة والتنديد بالعرب شعوبا وحكومات، بدعوى انها ساندت الدكتاتورية التي سقطت في العراق، وبوصف ذلك، سقوطا لفكر القومي الذي لم يقدم للعرب منذ خمسين عاما، سوى الهزائم.
ان شعار هؤلاء، كما هو شعار كثرة من المرتدين: العراق اولا وهم لا يقصدون بذلك، في الجوهر، سوى: اميركا واسرائيل اولاً.
في ختام مقالة الاستاذ حسين العودات قال: <<نتمنى ان تكون هذه الزلة، مجرد ردّة فعل غير متأنية نتيجة مأساة الحزب ايام النظام السابق..>>
لكن حقائق الصراع الطويل الأمد داخل هذا الحزب، وفي وسط الحركة الوطنية العراقية كلها، تؤكد ان تلك الخطيئة، لم تكن مجرد زلّة يمكن النهوض منها. فهي نتاج سياسة طويلة الأمد كما أوضحنا.
ان قساوة الدكتاتورية وطول آماد القمع، كانت التربة الخصبة لسعة قاعدة الردة في العراق. لكن يوجد في العراق ايضا الشعب الوطني ونضاله الوطني الثابت. ولذلك فإن خيانة الوطن والتواطؤ مع محتليه وناهبيه، تبقى سوداء دائما ولا يمكن ان ترتدي أثواباً وردية.
وانا معه في تساؤله: <<ما هي مواقف الماركسيين، افرادا واحزابا شيوعية في البلدان العربية؟ الا يتوجب عليهم ان يقولوا كلمة ناقدة لمواقف الحزب الشقيق. وحسب التعابير الدينية أن يتبرأوا من هذه الهرطقة؟>> لا يكفي قول كلمة الحق. بل ان خلاص الماركسيين والشيوعيين، احزابا وشخصيات، من هذه <<الهرطقة>>، هو انقاذ لمبادئهم وانقاذ لمستقبلهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ”أنت رهن الاعتقال“.. توقيف صحفية أثناء توثيقها لعنف الشرطة م


.. أضرار جسيمة إثر إعصار قوي ضرب ولاية ميشيغان الأمريكية




.. نافذة إنسانية.. تداعيات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في رفح


.. مراسل الجزيرة: قوات كبيرة من جيش وشرطة الاحتلال تقتحم مخيم ش




.. شاحنة تسير عكس الاتجاه في سلطنة عُمان فتصدم 11 مركبة وتقتل 3