الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!! ومن السر ... ما قتل

أوزجان يشار

2007 / 5 / 6
الادب والفن



تبحر السفن في المجهول.. تبحث عن اللامتناهي.. تغيب.. تضيع..تفقد الرؤيا , ويطوقها الرعب , وكوابيس التاريخ تستيقظ من سباتها الغائر وتكبح جماح الفرد , تأسره بالصمت تلقنه دروس الوحدة , وتنقله إلى عالم أخر و لا تنبت فيه الأعشاب , صحراء مجدبة يطوقها الماء , ولا تصله أو تقترب منه , تشيخ العواطف الإنسانية ويجف رحيقها , ويموت الصبار . ويؤسس الفرد مملكته المنزوعة من السلاح و المهجورة من الجيران , وتنفصم عرى الأنا والآخر و تكبر الأنا وتينع ثمار دفلى مرة المذاق , و عسيرة الهضم , ملونة براقة , يفوح عبقها في فضاءات المجتمعات البشرية الجديدة .. تطوقها.. تحدد حدودها .. ترسم مستقبلها .. فالفرد كائن خلق للإنتاج , كأي آلة احتياطية في عجلة الإنتاج معزول حتى اللعنة , منبوذ كمصاب بمرض الايدز . لا أحد يقترب منه, ولا يقترب هو من أحد, فتبدو تحيات القطارات المظلمة ودهاليز المعامل الكئيبة كبيرة من الكبائر ينبغي أن يعد لها مسبقا.... فتصبح العلاقات الإنسانية خطيرة وتعيق نمو حضارة الاسمنت وتقهرها. فالحذر من السقوط في الشرك المنصوب , لتخريب الساعة الدقيقة , فكل شيء محسوب بحساب الكمبيوتر , و الزمن االبشري الجديد يسير نحو حتفه , ولابد من اليقظة لقطع أواصر العلاقات الإنسانية وتفتيت القنبلة التي اسمها العائلة , شكل من أشكال النظم الإقطاعية القديمة , لابد أن تتلاشى وتختفي في المجتمعات الصناعية لتنسج أخلاقيات المجتمع الجديد , المجتمع الأنا ........
وتنطق مراكز البحوث و الدراسات الاجتماعية, لتنظر لعلاقات الفرد وحقوقه بالاتصال و التواصل, وتسيطر اللوائح الطويلة العريضة..... وتتنافس وسائل الأعلام بالتطبيل و التزمير للاكتشافات الجديدة , ولكن الزوبعة سرعان ما تختفي وتحتفظ اللوائح في دوائر الأرشيف ..... وكأن شيئا لم يكن , فالفرد قد أدمن حياة الوحدة , ولم يعد قادرا على الخروج من الشرنقة التي تربى عليها ونشأ داخلها .... فالاتصال يعني بالنسبة له التواصل مع الأجهزة الالكترونية, وما تفرزه من متاعب ومعاناة فهو متلقي لا يستطيع أن يبوح بالسر المكبوت بداخله .....
تطير الطيور في الفضاء , تحلق بعيدا عن الأنا لكنها تعود إلى أقفاصها مقطوعة الأجنحة , منتوفة الريش , عارية من كل شيء .... إلا السر......
يطوقها السجن, بجدرانه الخريفية الكالحة .. تردد السر .. مرة, ومرات تعيش لحظات الحرية بعطش بعيد قريب .... تقترب من الذات وتهرب وتواجه مصيرها المبهم , مصير الحضارات البشرية , تهتز .. ترتفع .. تسقط ..... و السر يبحث عن منفذ أو زاوية أو ثقب إبرة, يتنفس منها أريج الحياة..... ولكن النداء يتلاشى في ظلام حضارة الأسمنت يصطدم بناطحات السحاب يسقط في براثن الخوف وينتحر ويولد السر من جديد, يدق الأبواب يبحث عن جزيرة آمنة , ينام في أحضانها يغمض عينيه بسلام ..... يدندن المطرب الجامايكي بوب مارلي ..
لن تشرق شمس في يومي هذا
القمر الاصفر العالي لن يخرج للعب
اقول ..اقول .. أن الظلام قد اعتم ضوئي
نعم أنها مرحلة تحول النهار إلى ليل
أين يوجد الحب؟
هلا اخبرني أحدكم؟!
لأن حياتي الجميلة قد تكون في مكان ما
لابد أن تكون في مكان لي أنا ..
بدلاً من غابة أسمنتية ..
حيث الحياة قاسية ..
غابة أسمنتية ..
لابد لي أن أعمل بنمط افضل
لا سلاسل حول اقدامي ..
ولكني لست حراً ..
أعرف بأني هنا رهن الأسر
و تستمر الأغنية .. ولكن المسيرة الإبدية تعيد نفسها ولا تعيد ذاكرتها, والسر يركبه .. يحتويه ..يؤنبه..يصفعه , يقول له كلام لا يفقه منه شيئاً .. فلغة الأسرار الحميمة قد ذهب زمانها ولم تعد لغتها مفهومة في عالم الأنترنت .. و الكاميرات الخفية في الأزقة المظلمة و محطات القطار و غرف النوم و في الفضاء الذي هجرتة الطيور لتسكنة الأقمار الصناعية.
أي مصير ينتظر الإنسان في هذا العالم ....؟ وكيف يعيش لحظات العمر القصير....؟
أسئلة لا تجد الإجابة الشافية لدى السواد الأعظم من البشر......

أوزجان يشار
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل