الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب على الإرهاب أو الانفراد المطلق بالقوة

أمياي عبد المجيد

2007 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


أعتقد أن إدارة بوش حان وقت تقديمها للحصيلة التي أنجزتها في الحرب التي دخلتها ضد الإرهاب ، وكأي حرب فلا بد من هذه الحصيلة والتي في الحقيقة نعلم جيدا أن إدارة بوش لا تملك الشجاعة الكافية للإفصاح عنها وقد ترفض هذه الإدارة تقديمها تحت ذريعة أن جبهات الصراع مع الإرهاب ما تزال مستمرة ( أفغانستان ، العراق..)
حسب التقدير الطبيعي يمكن أن نجيز بسبب التجربة تصورا معينا للحرب التي تقودها إدارة المحافظين الجدد على الإرهاب ، ويمكن لنا أيضا أن نتوصل بهذه التصورات الشخصية في الغالب إلى البداهة التي استنزفت بها مشاعر الأمريكيين الذين لحسن حظهم بدؤوا يدركون هذا الوهم الذي ساروا فيه حتى النفق الأخير .
إن بوش دخل هذه الحرب وهو غير مرتاح ويعلم جيدا أن توسيع التصور العام للإرهاب هو ترتيب لشيء أخر لا يمكن أن يكون في هذه اللحظة سوى ما توصلنا إليه عبر الانعطافات المفاجأة التي لمسناها في النوايا الأمريكية والاستراتيجية التي رسمت في الشرق الأوسط .، واقصد بالتحديد هذا الانفراد المطلق بهذا الملف الذي وقعت الإدارة الأمريكية في وهم كسبه .
عندما يحدثنا شخص ما على مشروع يريد إنجازه فنحن دائما نظهر له حسن النية ونقول له بأنه مشروع من حيث المبدأ ممتاز، لأننا ببساطة لم نطلع على تفاصيل هذا المشروع وإذا ما رفضناه قد يتهمنا هذا الشخص بالحق والحسد . هكذا فعل بوش جذر في نفوس الأمريكيين مشروعا مهما للقضاء على الإرهاب ، ولكن الأمريكيين لم يوافقوه مبدئيا فقط بل أعطوا له الضوء الأخضر والدعم ألا مشروط ليقود حربا ض كانت وبلا على من اكتو بنارها .
إن ما يحسب لإدارة المحافظين الجدد قدرتهم على جعل الشعب الأمريكي رهينة الخوف الدائم من الإرهاب وإيقاعه فيما بات يسمى بالشعب الضحية ، أي أن الولايات المتحدة وقعت ضحية هجمات شريرة ومن واجب الأمريكيين أن يساندوا إدارتهم لإعادة الاعتبار للدولة ، حتى إن من جراء هلع الأمريكيين من العنف وشبع الإرهاب لا يتطلعون إلى رؤية السلم بقدر ما يرون أن الإبقاء على حالة التفوق لبلادهم جزء من الدفاع عن النفس.
إن التجارب البشرية التي خلفتها الفئات المتعاقبة على كسب منظور شمولي ترهيبي للصورة الإيقاعية المتكاملة عن أوطانهم، وانتماءاتهم الجغرافية بينت أن في الغالب بل كلهم كانوا محكومين من طرف العقيدة ، وهذا لسبب بسيط أن العقيدة توفر لهم الشرعية وقد تكون مطلقة أحيانا وأحيانا أخرى جزئية ، ولكن بحكم الفضول وادعاء الاجتهاد تساق العقيدة كجزء من العملية العنيفة التي بالضرورة يجب أن تكون شرعية . إن مبدأ القوة الذي تحاول إدارة يوش أن تكرسه في سياستها الخارجية هو ذاته المبدأ الذي تم تكريسه منذ ألاف السنين عندما كانت الفئات البشرية لم تتحرر بعد من عقدة القوة الطبيعية ،والاستيلاء ، وربما ينم هذا التصور فيما إن كانت هناك إمكانية أن تكون الحرب على الإرهاب هو حصان تروادة الذي يعيد أمجاد تلك الحقبة ، إنما هذه المرة بصيغة البشاعة الرأسمالية والتكنولوجية المتطورة!
يمكن لي أن احدد حسب خطاب الإدارة الأمريكية ثلاثة عوامل أساسية تحكم حتمية إخضاع وتليين مفهوم الحرب على الإرهاب، وانطلاقا من هذه العوامل الثلاثة تتشكل التصورات المنطقية حسب الإدارة الأمريكية التي تبحث عن الشرعية بغض النظر عن القدرة العسكرية التي دائما تكون محسومة وتأتي في مرتبات متأخرة من التنظير " التكتيكي " . وأنا اكتب هذه السطور تذكرت احد رجال المخابرات المركزية عندما صرح بان الرئيس بوش طلب منهم إحضار ذرائع لغزو العراق لا الأدلة .
العامل الأول : الخطاب الأمريكي دائما يلتف حول ثنائية متعارضة ومغيظة تتجلى في تحجيم دور الرسالة السياسية في الشر والخير ، فالشر الذي يسري في العالم ويستهدف أمريكا يقابله الخير المطلق الموجود على أراضي أمريكا ( بلد الحريات ) فمعنى تهجين هذين المفهومين ، هو تكوين أو ترسيخ ثقافة الانتقام ، وتجذ ير روح التعصب في خدمة الخطاب السياسي الخارجي ما يعني بالضرورة الاحتكام إلى مبدأ التسلح في وجه هذا الشر الذي يهدد الوجود الأمريكي .
إن المحافظين الجدد يعمدون إلى إجهاض أي تدخل خارج نطاق قاموسهم ،لان ذلك يعتبر تدخل في إرادة الشعب وقد يوصف كل من شكك في نوايا هؤلاء المحافظون بعديمي الوطنية بل الكثيرون ممن عارضوا مشروع واشنطن الذي أسمته الحرب على الإرهاب اتهموا بالوقوف ضد المصالح الوطنية .
الثاني ، هذا عامل قل الاهتمام به ربما لأنه غير مكرس بشكل كبير في خطاب الإدارة الأمريكية ، وأعني بالضبط مبدأ السيادة الوطنية . يقول جورج بوش " إن لم نواجه الإرهاب خارج أرضنا فإنه سيلحق بنا إلى عقر ديارنا " إن هذا التصور الهجين للإرهاب يعكس الربط الوثيق بين مفهوم استخدام القوة العسكرية ، ومبدأ السيادة ، وعندما أصبحت السيادة مرادفا للأمن القومي أصبح من الطبيعي شرعنة المواجهات العسكرية ضد من تصفهم الولايات المتحدة بالإرهابيين. ألا يعكس هذا إلى حد ما التصور الذي كان قائم عند هتلر من خلال النظرية الآرية ؟! ألا تتصورون أن النزعة القومية وزرع الخوف في نفوس الأمريكيين، والقيام بضربات استباقية تعني أن مبدأ السيادة هو كبش الفداء الذي تعلق عليه إدارة بوش كل أمالها لتحقيق " مشروع القرن الأمريكي الجديد" ؟.
الثالث ، في هذا العامل تتحدد السياسة الأمريكية في الكيفية التي تتبلور بها المشاريع الأمريكية الطموحة كمشروع " الشرق الأوسط الجديد " الذي تشارك فيه الدول العربية الصديقة ، وقد أفصحت وزيرة الخارجية الأمريكية كندوليزا رايس الصيف الماضي عن هذا المشروع عندما كان حزب الله المتهم بالإرهاب يخوض حربا مع دولة إسرائيل المعتدلة !
فهل سال أحدكم ما معنى الإعلان عن مشروع الشرق الأوسط الجديد في تلك اللحظة بالذات ولم تعلن عليه الإدارة الأمريكية عندما قادت حربها ضد العراق ، بكل بساطة لان حزب الله له ارتباطات سياسية مع قوى داخلية لبنانية ، بمعنى قبل أن يكون فاعلا عسكريا فهو عامل استقرار سياسي داخلي ومحاولة الإيحاء بان حزب الله يعيق مسار السلام يعني استعداء قوى عربية ضده وهذا ما حصل للأسف، وبالتالي فالولايات المتحدة تمتلك الضوء الأخضر لتساعد الأصدقاء المعتدلين من العرب لتخليصهم من أغصان الإرهاب العالمي ، وهنا تكون أمريكا قد استعبدت القرار السياسي في هذه البلدان .
يبدو جليا أن نظام السيطرة الأمريكي له أكثر من تموقعات وتمظهرات، ولكن ربما كانت هذه التوسعة الهائلة للتنظير البعيد المدى المتسارع الخطى سبب من أسباب الدخول في مأزق المصير المجهول في العراق وأفغانستان ...
* كاتب مغربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اقتلعها من جذورها.. لحظة تساقط شجرة تلو الأخرى بفناء منزل في


.. مشاهد للتجنيد القسري في أوكرانيا تثير الجدل | #منصات




.. نتنياهو: الإسرائيليون سيقاتلون لوحدهم وبأظافرهم إذا اضطروا ل


.. موسكو تلوّح مجددا بالسلاح النووي وتحذر الغرب من -صراع عالمي-




.. تهديدات إسرائيلية وتحذيرات أميركية.. إلى أين تتجه الأمور في