الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النساء يبحثن عن كوي للضوء ما بين قاسم أمين والطاهر حداد

هويدا صالح

2007 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



بدأت مصر دعوتها النهضوية بتعليم الفتاة وتحرير المرأة منذ أواخر القرن التاسع عشر ، أصبحت النساء ينشرن أعمالهن في مجلات يرأس تحريرها رجال :
نشرت زينب فواز مقالات عن التعليم في مجلة ( النيل ) عام 1892 ، وفيها دعت البريطانيين إلي منح المصريين فرصة للدراسة ومنح الوظائف لخريجي المدارس .
وفي عام 1888 نشرت مريم ماكريوس زوجة رئيس تحرير مجلة ( اللطائف ) مقالا في صحيفة زوجها حول تربية الأبناء وأكدت علي أهمية تعليم الفتاة .
وفي عام 1891 نشرت سلمي قساطلي مقالات عن تعليم المرأة في مجلة ( اللطائف ) ونلاحظ أن المرأتين مريم وسلمي ذواتا أصول سورية ولكنهن وجدن فرص النشر والتعليم والتحرر في مصر وليس في سورية .
وفي عام 1891 ألقت أدمة شقرا وهي الأولي علي خريجات الكلية الأمريكية للبنات في القاهرة ألقت خطبة تبين فيها ما حصلت عليه النساء في الشرق من منجزات وكان عنوان الخطبة : ” دور المرأة في المجتمع ” .
وفي عام 1896 نشرت الأميرة نازلي هانم مقالا في مجلة المقتطف عن حقوق المرأة .
فقد سبق دعوة قاسم أمين إلي تعليم الفتاة دعوة رفاعة الطهطاوي ربما في عام 1870 ، ثم تلتها المقالات التي نشرت في مجلتي " الفتاة " و " المقتطف " عام 1890 ، ثم دعا قاسم أمين إلي اتخاذ التربية وسيلة للنهضة القومية، وفي سنة 1898م أخرج كتابه (تحرير المرأة) وفي سنة 1900م كتابه في (المرأة الجديدة) وأكد قاسم أمين في كتابه الأول علي أهمية تقييد فكرة تعدد الزوجات والطلاق ، وأثبت أن العزلة بين المرأة والرجل لم تكن أساساً من أسس الشريعة ، وان لهذا التعدد حدوداً يجب أن يتقيد الرجل بها، ثم دعا إلى تحرير المرأة لتخرج إلى المجتمع وتلمّ بشؤون الحياة، ولقيت هذه الآراء عاصفة من الاحتجاج والنقد، وقام الكتاب والقراء يردون على كتابه الأول الذي أثار جدلا، ومع ذلك لم يتزعزع أمام هؤلاء الذين انتقدوه ، ثم طالب في كتابه الثاني (المرأة الجديدة) الذي أهداه إلى صديقه الزعيم سعد زغلول باشا بإقامة تشريع يكفل للمرأة حقوقها، السياسية والاجتماعية ، ثم جاءت بعده هدي شعراوي التي دعت إلي تنفيذ آرائه ، ثم جاءت باحثة البادية ملك حفني ناصف لتكمل مسيرة إصلاح المرأة التي بدأت منذ نهاية القرن التاسع عشر ، و لملك حفني ناصف مقالات نشرتها في( الجريدة) ثم جمعتها في كتاب أسمته ( النسائيات) يقع في جزأين، وقد طبع الجزء الأول منه وظل الثاني مخطوطا. ولها كتاب آخر بعنوان ( حقوق النساء ) حالت وفاتها دون إنجازه ، كما أسست اتحاد النساء التهذيبي .
لو نظرنا لتلك النهضة الليبرالية التي بدأت مبكرا علي يد هؤلاء الرواد ونظرنا إلي تجربة المرأة في بلد صغير مثل تونس لأصابتنا الدهشة والعجب .
فلقد نالت مصر استقلالها قبل تونس بسنوات ، وبدأت فكرة تحرير المرأة وتعليمها قبل تونس بعشرات السنين ومع ذلك نجد أن تونس بمجرد تحررها بدأت المسيرة النهضوية للمرأة بإنشاء مجلة الأحوال الشخصية وهي صدرت عن الاتحاد القومي النسائي التونسي سابقا وهو أول منظمة وطنية للمرأة تأسست بعد استقلال تونس في مارس 1956. وقد قام هذا الاتحاد على بقايا المنظمة النسائية الإسلامية التي اجتهدت مدة طويلة على إقامة الدليل على أن الإسلام لا يتعارض مع النهوض بالمرأة وسعى إلى توعية النسوة وتعليم الفتاة ومساعدة الطلبة المهاجرين على مواصلة دراستهم.
ونتذكر في هذا السياق جهود المفكرين محمد السنوسي الذي طرح في مؤلفه الرحلة الحجازية 1886 مسالة الإجهاض و ذهب فيها مذهبا تقدميا برأي أبي حنيفة
وكذلك دعا الشيخ سالم بن حميدة إلى تعليم البنت و إعطائها حقها في اختيار زوجها و دعا إلى منع تعدد الزوجات و تقنين الطلاق
و كذلك الطاهر الحداد الذي ألف كتاب " امرأتنا في الشريعة والمجتمع” و نشر أول مرة عام 1930
ويعتبره بعض المفكرين ثورة اجتماعية منطلقا من الشريعة الإسلامية و أهم وأكثر الكتب شجاعة التي عالجت وضعية المرأة في المجتمع الإسلامي في الثلث الأول من القرن العشرين . مستقطبا كل الأدلة والبراهين الشرعية للتدليل على أهمية تحرير المرأة لتؤدي دورها في بناء المجتمع والنهوض فيه .. وتميز بفضح ممارسات المجتمع الإسلامي وتخلفه الاجتماعي وهيمنته على الفقهي وتغلغله في ثناياه، الذي قضى على طاقات المرأة الخلاقة وعلى كينونتها الإنسانية ، مؤكدا أن الإسلام منح المرأة ولكن المسلمين من داسوا حقوقها .
ثم جاء تكوين الاتحاد القومي النسائي ممهدا لما سيقع من إجراءات جريئة لفائدة المرأة بإصدار مجلة الأحوال الشخصية في 13 مارس 1956 وبداية العمل بها في عام 1957 .
وتكونت الهيئات النسائية الأولى من نساء قمن بعمل نضالي ضمن الاتحاد الإسلامي وكذلك داخل الهيئات النسائية التابعة للحزب الحر الدستوري
وقد ركز الاتحاد عمله في البداية على تنظيم حملات توعية في مختلف أنحاء الجمهورية لتبصير المرأة بدورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية كما تولى الاتحاد توعية المرأة سياسيا وحثها على القيام بواجباتها الوطنية فأصبحت تساهم في جميع الأنشطة وتحرص على أداء واجبها الانتخابي بصفتها ناخبة ومرشحة. وتطورت هيكلة الاتحاد وانتشرت فروعه في كافة أنحاء البلاد وشارك في تعبئة كل القوى النسائية لفائدة البناء الوطني الشامل وحماية المكاسب التقدمية. الاتحاد يناضل من أجل تحسين وضع المرأة التونسية فعمل على تعزيز الأرضية القانونية التي شهدت بدفع من الرئيس زين العابدين بن علي تطورا حاسما بفضل التعديلات التي أدخلت على المجلة في 1992 والإجراءات الرئاسية المتخذة في أبر يل 1996.
النهوض بالمرأة في كافة المجالات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة.
وضع إستراتيجية تنموية لإدماج المرأة كعنصر فعال في الحياة الاقتصادية.
تشجيع المرأة لبعث مشاريع ومساعدتها للحصول على القروض.
تشجيع المرأة على التواجد في فضاءات صنع القرار ضمانا لتنمية حقيقية.
مواصلة دعم تعليم المرأة بالقضاء على الأمية والانقطاع المدرسي المبكر.
تكوين الفتيات المنقطعات عن الدراسة في مراكز التكوين المهني التابعة للاتحاد الوطني للمرأة التونسية.
تشجيع المرأة على دخول مجتمع المعلومات والتكنولوجيات الحديثة.
خلق وتمتين الروابط بين الاتحاد والهياكل الوطنية والعالمية التي لها نفس الأهداف.
العمل من أجل السلم في العالم من خلال أنشطة تضامنية.
تأطير المجموعات النسائية في مختلف الميادين والعمل من أجل إدماجها في عملية التنمية الشاملة.

وبعد هذا التوصيف التاريخي دعونا نتساءل ما الذي جعل بلدا صغيرا بدأ تجربته الليبرالية منذ خمسين عاما فقط ، يحرص علي ما حققته المرأة من مكاسب ، ويقيم المؤتمرات النسوية ، ويدرس وضعيات المرأة الاجتماعية والنهضوية والثقافية ، ويجعل بلدا كمصر بكل هذا التاريخ الممتد ، والثقل الثقافي تنحدر فيه وضعيات النساء وتتراجع ، وتظهر دعاوي التخلف والجاهلية ، وتعطيل قوي المجتمع التنموية هكذا ؟
ربما ما عطل قوي مصر التنموية النهضوية أمرين :
الفكر الشمولي الدكتاتوري الذي لا يؤمن بالتعدد الحزبي الليبرالي ، مما أدي إلي انحدار التنمية المجتمعية والسياسية ، فتراجعت الأفكار الليبرالية التي ظهرت في الأربعينيات ، وتمّ القضاء علي فكرة المجتمع المدني ودوره ، بينما انشغلت تونس البلد الذي تحرر حديثا بالتنمية الداخلية ، ودراسة وضعيات النساء والنمو بها
والسبب الثاني هو تبني الحكومات المتعاقبة علي مصر للفكر الوهابي الأصولي ، بينما حسم بورقيبة أمره منذ البداية حين تبني العلمانية وصادر علي الفكر الوهابي الأصولي ، ومنع تعدد الزوجات وسن قوانين تعمل من أجل نهضة المرأة ، فحتما نهضتها تمثل نهضة المجتمع كافة لسبب وحيد وبديهي أن المرأة تضع اللبنة الأولي لبناء المجتمع حين تبني شخصية المواطن ، وتغرس فيه فكرة المواطنة ، وبهذه النظرة السريعة علي وضعيات النساء في بلدين عربيين تري إلي أيهما يميل أي مجتمع يرغب في القضاء علي سلبياته ، وتنمية قدراته البشرية ، وطاقاته الخلاقة ، ؟ أي التجربتين يجب أن نتبني ليس من منظور تمييز نسوي ضد هيمنة ذكورية بقدر ما هي فكرة أن ليس هناك أنا وآخر ، وذكورة في مقابل أنوثة ، بل هو مجتمع يحرص كل من فيه علي بنائه وتحريره من الأفكار الهدامة التي تعمل معاولها في هدم بنيته التحتية الاجتماعية . ؟
القاهرة

26 أبريل 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية