الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهرزاد جديدة .. بين قصيدة الأنثي .. وأنثي القصيدة

عبدالله عبداللطيف المحامي

2007 / 5 / 6
الادب والفن



قراءة في قصيدة صندوق أحلامي للشاعرة السعودية
حنان حمزة الهوساوي

منذ اللحظة الأولي أحسست بها شاعرة جريئة ، وحين تعمقت بقراءتها وجدتها تجمع بين الجرأة وبين الرقة ، فروح قصيدتها أنثي ، بل تعشق أنوثتها ، وتفخر بمعالمها ، وتنثر مفرداتها بذكاء وكبرياء ورقة تنساب في قلوبنا كنهر عذب يجري يعرف من أين ينبع ؟ وبأي إتجاه يسير ؟ وأين يصب ؟ .
وقبل أن ندخل في صندوق أحلامها علينا أن ندرك مناخات الشاعرة ، وطقوس كتاباتها ، وطقس قصائدها ، ونتعلم لغة مفرداتها ، هنا .. وهنا فقط سيفتح لنا الصندوق أبوابه ، ونتعرف علي روح قصيدتها الأنثوية عن قرب ، فنقرؤها بوعي أو حتي ونحن غائبين عن الوعي ، لنحس المعني عن قرب ، ونتعرف علي ملامحها بشكل أوضح .
حنان .. تذوب في قصيدتها .. وتمتزج بمفرداتها .. وتذوب فيها ذوبانا يصل إلي حد التوحد .. وصعب أن تفصل بين روح أنوثتها وبين روح قصيدتها .. فتحس أنها بذاتها .. ورحم إبداعها لم يلد غيرها قصيدة وحيدة .. وكلما قرأت قصيدة أخري .. توقن من جديد أنها إبنتها الوحيدة لا يشاركها في التوحد غيرها .. هكذا هي حنان تمثل حالة متفردة تستطيع أن تصفها بأنها قصيدة الأنثي .. وأنثي القصيدة .
حنان التي تكتب قصائدها وهي ثملة تماما بفعل إحساسها الأنثوي المرهف قبل أن تخط مفرداتها فهي في حالة عشق دائمة ، وتضع بين أيدينا أيضا حروفا ثملة ، نتلقي القصيدة منها كأسا بعد كأس ونصبح معها سكاري .
وفي صندوق أحلامها كل واحد منا يجد نفسه هناك .. داخل الصندوق .. فهي تكتبنا .. تكتب كل واحد منا .. ومن يقرأ قصيدتها يعتقد بما لا يدع مجالا للشك أنها مكتوبة له .. وله وحده .. دون الآخرين .. وأنه الحبيب الوحيد المعني بالكلمات

أرأيت يا حبيبي صندوق أحلامي؟
إنه كبير ..كبير يا حبيبي جدأ
وبه أشياء كثيرة وتخيلات شتى
كل الخرافات
حكايات العجائز..
ومدينة ألعاب
وأحلام ..أحلام
و به يا حبيبي حلمٌ كبيرٌ جداً

لاحظوا معي وصف الشاعرة لصندوق أحلامها وهي تخاطبك وتؤكد ( يا حبيبي جدا ) ، أنه كبير وبه أشياء كثيرة وتخيلات .. خرافات .. وحكايات العجائز .. ومدينة ألعاب .. وأحلام ..ومن بين الأحلام حلم كبير جدا .. مثل يا حبيبي جدا .. تجمع في صندوقها بين الخيالات والوقائع .. من بين الأحلام تميز وتفرز حلمها الخاص جدا .. تجمع فيه بين الطفولة ( الألعاب ) وبين العجائز ( الحكايات ) وحين تصل إلي وصف صندوقها لنتخيله تقول :
أرأيته! قصر يا حبيبي كبيرٌ جداً
يسكن فوق الغيمات
وللقصر فسيفساء
وعناقيدُ العِنب سلالم
وعلى الأسوار حُراس
وأحلام أخرى
وفي حجرتي ألماس وياقوت وجواهر كبرى
وعلى السرير ارتمى فستاني..فستاني الأحمر
أرأيت يا حبيبي ما بداخل الصندوق

وكأننا في خيالات إحدي قصص ألف ليلة وليلة .. فالصندوق قصرا كبيرا أيضا جدا ليس علي الأرض ولكنه فوق الغيمات وللقصر فسيفساء سلالمه من عناقيد العنب وله أسوار عليها حراس ولا تنتهي الأحلام ، وتنقلنا بسلاسة إلي حجرتها حيث الدر المكنون وهو ليس إلا أنوثتها وقلبها أعز جواهرها وفي إشارة ذكية تأخذ عينيك إلي سريرها الذي يرتمي عليه فستانها .. وتذكرك بأن فستانها الأحمر وكأنك تعرفه وتعشقه وهو ما يشير إلي مشهد عشق ساخن فالفستان الأحمر مدلوله لهيب الحب الذي يعشق الإرتماء في أحضان سريرها .

صندوق أحلامي..!!
فيه يا حبيبي قلبٌ مرسومٌ فيه أنت
وها أنت يا حبيبي قد عدت بعد انتظار
ومعك مفتاحي وخارطةً لفؤادي وأحلامي
فافتح صندوقي وبسرعة..
لأخرج من داخله الحُلم الأكبر
هاك هو أرأيته
إنه أنت!

وتنتهي الشاعرة إلي وضع النقاط فوق الحروف حيث قلبها هو الصندوق وليس فيه غيرك أنت أيها الحبيب عدت إليها وقد ملكت مفتاح وخارطة قلب الشاعرة .. فلتفتح الصندوق وليخرج حلمها الكبير الذي ليس هو غيرك أنت .
القصيدة ما هي إلا لوحة وحكاية .. سرد ونثر وموسيقي وألوان وظلال وملامح جمعت أكثر من لون أدبي وفني .. وهي بالفعل عمل فني متكامل مثل حكايات شهرزاد .. فصل من ألف ليلة وليلة .
-----
• محام وكاتب مصري ، عضو المكتب التنفيذي ومجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان – [email protected]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا