الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة والأمة

صاحب الربيعي

2007 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يستند مفهوم الدولة على الأرض، الأمة، والتاريخ. فالأرض حاضنة للأمة، والتاريخ ذاكرة لمسيرة أبناء الأمة على الأرض الذي يشخص سماتها الأساس عبر الأجيال وبالتالي معالم شخصيتها في الحاضر والمستقبل.
إن نجاح أو إخفاق الدولة مرتبط بالسلطة القابضة على مؤسسات الدولة والمجتمع التي يقودها السياسيون، فإن كانوا رجال من نخب المجتمع عظم شأن الدولة وكان لها حضور على المستوى الأممي، وإن كانوا رجال السلطة من سفلة المجتمع تداعت الدولة وتلاشى حضورها الأممي.
إن مقياس نجاح أوفشل الدولة، يستند لقوة وفعالية مؤسساتها في إدارة شؤون المجتمع، ولايقتصر هذا الأمر على فترة زمنية من عمرها وإنما يمتد على كافة محطاتها الزمنية التي من المفترض أن تخضع للأطر القانوينة التي تحدد آليات عمل مؤسساتها.
والصلاحيات الممنوحة للقائمين عليها لتجنب الوقوع في شراك تداخل الصلاحيات، وبالتالي تجاوز السلطة لمهامها في إدارة شؤون مؤسسات الدولة.
فالسلطة، سلطة تنفيذية (سياسية) لإدارة شؤون المؤسسات القائمة، تتغير، بتغير النظام السياسي. لكن مؤسسات الدولة تبقى أطر تخصصية-قانوينة تمثل الأمة (المجتمع، الدولة) مهمها الأساس النهوض بمقومات المجتمع والسعي لرفاهيته تبعاً للنظام السياسي المعتمد في الدولة.
النظام الديمقراطي، نظام مؤسسي يحتكم لفصل السلطات الثلاثة في الدولة (التشريعية، القضائية، والتنفيذية) ويفرض أحكامه على حراك السياسيين في تشكيل مؤسسات سياسية تعمل على استقطاب نخب المجتمع، وتأهلهم للعمل كرجال دولة قادرين على إدارة مؤسسات الدولة عند استلام السلطة.
وبالمقابل فإن أحزاب المعارضة تشكل حكومة ظل من نخبها من جميع التخصصات لمراقبة أداء الحكومة وتتصيد أخطائها لوضع البرامج البديلة، لإقناع الناخببن ببرامجها الانتخابية للفوز بالسلطة.
إن الأحزاب السياسية في الأنظمة الديمقراطية تسعى إلى السلطة لخدمة المجتمع، والأخير له كلمة الفصل باستمرارها أو إخراجها من السلطة وتحكمه المصالح، وليست المبادئ والعواطف والقومية والطائفية.
في المجتمعات المتخلفة تختزل الدولة ومؤسساتها في السلطة والسلطان لفرض التوجهات القسرية، والكيانات الحزبية (القومية والطائفية) هي نتاج الواقع الاجتماعي.
تحتكم في منافستها على السلطة لمبدأ إلغاء الآخر (المنافس) للفوز بالسلطة، فتصبح السلطة بديلاً عن الدولة والمجتمع. ويُرتهن دور الدولة والأمة بيد السلطة والسلطان.... ويُغيب دور المجتمع ويصبح شأن الدولة من شأن السلطة والسلطان وتحجب الأدوار ليصبح التاريخ قواداً يؤرخ دعارة السلطة والسلطان.
يتساءل ((الياس مرقص)) عن ماهية الدولة قائلاً:"ما هي الدولة؟ سطح سياسي، الدولة هي السلطة والسلطان. الدولة ليست (الشيء العام) وليست (الحالة). ولايرون إن هذه الدولة (الدول) تُدول في وعيهم. التاريخ يكف عن كونه تاريخ إنتاج البشر لوجودهم. تاريخ المجتمع والناس، التاريخ يصبح تاريخ الأبطال، الأبطال-الملائكة، والأبطال-الشياطين. وهم لايعون أن (المفهوم) المتسلطن (البطل-الملاك) متناقض ومتهافت، فالأبطال ليسوا ملائكة، التاريخ شاهد دوماً على أن الأبطال الحقيقين ليسوا ملائكة بتاتاً. والملائكة ليسوا أبطالاً. الملائكة، ملائكة، ليسوا بشراً".
إن تغيب دور الأمة في حياة الدولة واختزالهما بالسلطة، مؤشراً على صناعة الديكتاتورية التي تتخذ من الآليات (الديمقراطية المزيفة) اساساً لإضفاء الشرعية على سلطة غير شرعية. فالجتمعات المُغيبة المتحكمة لعواطفها القومية والطائفية غير قادرة على وعي مصالحها، فتحقيق المصالح يحتاج لتفكير في آليات الوصول إليها.
وبما أن المجتمعات المُغيبة، معطلة التفكير، ومُرتهنة لعواطفها يسهل على السياسيين خداعها بالوعود الانتخابية المزيفة التي تفعل فعلها في الذات المُغيبة وتجييرها لخدمة مصالح السياسيين.
ولاتتعض هذه المجتمعات من تجاربها السابقة طالما تحكمها العواطف، فلو تم إعادة الانتخابات لعشرات المرات فإنها ستصوت لعواطفها المؤسورة للقومية والطائفية والعائلية والعشائرية. وهذا ما يسعى لترسيخه القابضين على الكيانات الحزبية من السياسيين الأشرار.
إن الوعي بالمصالح الذاتية لتحقيق المكاسب يدفع للتفكير، فتتعطل العاطفة عن الأشتغال. وهذه الآلية تحتاج لتفعيل من المثقفيين لفضح التوجهات السائدة، وحث فئات المجتمع على التفكير بمصالحهم وليس بمصالح السياسيين الأشرار.
إن السياسيين الأشرار في حكومة المحاصصة (القومية والطائفية) جعلوا من بعض مواد الدستور الذي صوت عليه الشعب ورق تواليت يمسحون به قذاراتهم، ومن مبادئ أخرى دعاية في المحافل الدولية يرددونها كتراتيل دينية للتعبير عن ديمقراطيتهم الممسوخة. ومبادئ أخرى يتراشقون بها لضم أراضي جديدة لدويلاتهم المستحدثة.
إن المحاصصة القومية والطائفية ليست على السلطة وحسب، وإنما على الدولة والأمة. لأن القابضين على زمام السلطة في هذا الزمن الرديء ليست أحزاباً سياسية وإنما مافيات وأشقياء سياسة ولصوص سرقوا الوطن والدولة والأمة وتنازعوا على تقاسم الحصص.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات إيران الرئاسية: خامنئي يحث الناخبين على التصويت في


.. الحكومة الجديدة في مصر تؤدي اليمين الدستورية • فرانس 24




.. الانتخابات النيابية الفرنسية: نتائج الجولة الأولى في ميزان ا


.. مقتل قيادي بارز في حزب الله بغارة إسرائيلية استهدفت سيارته ب




.. #مصر.. إغلاق مبكر للمحال التجارية عند العاشرة مساء #سوشال_سك