الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجواهر فيما ينطقهُ عدنان الظاهر !

سامي العامري

2007 / 5 / 6
الادب والفن




في العام 2004 عندما صدرتْ عن دار سنابل في القاهرة مجموعتي الشعرية الأولى ( السكسفون المُجَنَّح ) فرحتُ بهذه الباكورة ! لسبب بسيط هو أنني كتبتها بهدوءٍ وصمتٍ خلال عشر سنوات من التشرُّد بين برلين وبايرن وهامبورغ وفرانكفورت وهانوفر من عام 1986 حتى عام 1996 بعيداً كثيراً عن الصحف والمجلات وقرقعة المطابع ! أي أنني أحسستُ ولو وهماً بأنَّ سنوات التشرد لم تذهب هباءاً او لم تكن عابثة , وفي ثقافتنا كما في بقية الثقافات الأخرى تتردَّد مقولة أشبه بالحكمة : اذا كانت النهاية حسنة فكلُّ شيءٍ حسن . الآن أتذكّر أفراح تلك السنوات وأتراحها حيث كنت حاملاً حقيبتي وكأسي وكوابيس الحرب التي أبتْ إلاّ أن تكون نديمي المُخلِص الوحيد وهنا أعيد مقولة كفافيس الشهيرة التي طالما كرّرتُها وآمنت بصدقها ( اذا انت تدمّرتَ في هذه البقعة الصغيرة من العالم { أرض الولادة } فستجدها خراباً أينما حللتَ ) وكتبتُ كذلك ديواناً ثانياً في تلك الفترة ( العالَم يحتفل بافتتاح جروحي ) غير أني فضّلتُ أن أنشر أولاً مجموعة ( السكسفون ... ) لأسباب نفسية وكان العائق المادي هو ما يمنعني من نشر كتاباتي وانعدام المُعين فمن يُساعد سكّيراً غير معروف !؟ ولكن لا يُهمّ فانا لا أبالي وكنت على تواصل معيّن مع الوسط الثقافي من خلال الصحف وبعض المجلات ونشرتُ عدة مرات في صحف ومجلات مختلفة كالإغتراب الأدبي والثقافة الجديدة والناقد وألواح ولا أنسى صحيفة الوفاق وغيرها ولكني لم أكن جادّاً في مسألة النشر في تلك الأثناء ( معظمها كانت تمارين ) ومن أصدقاء تلك المرحلة كان الشاعر حميد العقابي والشاعر جمال مصطفى ولهما يعود الفضل في تقويم قصائدي ونصوصي من خلال تواصلي معهما عِبْرَ البريد حيث يقيمان في الدانمارك .
كانت هذه سطوراً توضّح بعض ملابسات هذا الديوان قبل صدوره .
وهناك فيما بعد إذا بي أعثر على قراءة نقدية لمجموعتي منشورة في موقع الكاتب العراقي اضطلع بها الناقد الدكتور عدنان الظاهر وكنت في تلك الفترة قد استطعتُ شراء جهاز كومبيوتر ودخول الإنترنيت بِحُرِّية أخيراً !
في الحقيقة فرحتُ بهذه القراءة المسؤولة والتي تنمّ عن تذوّق راقٍ للشعر ورؤية نقدية متقدّمة , والطريف أنني تركتُ الأستاذ الظاهر يمارس طرح كافة وجهات نظره حول مجموعتي بحرية ولكنه ما إن وصل الى قضية البحور العربية حتى ثارت ثائرتي ! أمّا لماذا ؟ فهنا الجواب : أتذكّرُ وأنا طالبٌ في المرحلة المتوسطة ببغداد أني ( عارضتُ ) مدرِّس اللغة العربية بشأن أحد الأبيات في مادة المطالعة والنصوص فقد كان يُعلِّمُنا أن ننقر على الرَّحلات ( المقاعد ) نقراً خفيفاً كما كان يفعل هو كي تترسّخ الأوزان في ذاكرتنا ففعلنا وبعدها استشهدَ ببيتٍ ثمّ قال : هذا البحر يسمونه الكامل . فقلتُ له مُقاطِعاً : العفو استاذ , هذا الوافر وليس الكامل ! فالتفتَ نحوي جميعُ الطلاب بخوفٍ وكان المدرِّس لطيفاً معي ومشفقاً ومشجِّعاً وأتذكّر أنه كان من جنوب العراق وحين بيَّنتُ له الفارق بتلعثمٍ صاح بي ضاحكاً : ما أراكَ إلاّ خريج حوزات !
علماً أنني شيعيٌّ من حيث المَولد ولكن ليست لي علاقة بالحوزة لا من قريب ولا من بعيد وإنما هو شغفي المُبَكِّر بالشعر .
أقول : ما إن قرأتُ رأي الدكتور الظاهر حول ما اعتقَدَهُ أوزاناً مرتبكة في بعض قصائد مجموعتي حتى كتبتُ رَدَّاً منفعلاً من ثلاث صفحات وأردتُ نشرهُ ولكني في النهاية أحسستُ بأنَّ فيه ما قد يجرح فعدتُ فأهملتهُ او قلْ مزّقتُهُ ! قائلاً لنفسي : ربّما لن يتناولَ أحدٌ ديوانك بمثل هذا الحرص فلماذا تتغافل عن ذلك وتهتمُّ بأمور غير جوهرية سيّما وأن الصراحة عملة نادرة في عالم المحسوبية والمجاملات والعلاقات ؟
ولا بأس هنا أن أذكر طُرفةً , فقد أرسل لي أحد الأصدقاء إحدى مجاميعه الشعرية فشكرتهُ في رسالة قائلاً له : سأكتب حول مجموعتك متابعةً وأبعثها الى الصحيفة الفلانية , فَرَدَّ على اقتراحي بنبلهِ المعهود قائلاً : شكراً ولكن أرجوك لا تفعل ذلك لأنهم سيقولون : شلّة يمدحون بعضهم بعضاً .
فقلتُ ضاحكاً وانا أقرأ عبارته تلك : مَن قال لك أني سأمدحك ؟!
وأخيراً حول عملية تصُّرفي بالتفعيلة أقول للناقد والكاتب عدنان الظاهر : إنها كانت قليلة ومقصودة وتدخل في نطاق التجريب النغمي إن جاز التعبير .
أمّا بصدد ما أسماهُ لوحة عزاء وندب ولطم خدود , أقول له : شكراً وهو كذلك فانا لم أكنْ جندياً سجيناً تارة وهارباً ومُطارَداً في الداخل تارة أخرى فحسب وإنما عابراً خطوطَ النار الى ايران كذلك بعدما تساوت عندي الحياة والموت . وأمّا عن ألف الفعل الثلاثي الممدودة من قبيل نما ورنا وصبا وجعلها مقصورة : نمى رنى صبى , كما قال فأجيب : أولاً تمكُّني من اللغة العربية أمرٌ لا غبارَ عليه وأُرجِعُهُ على سبيل المثال الى قصيدة ( الألوية ) ليرى كم عمدتُ فيها الى استخدام الجزالة والبلاغة والبيان كلغةٍ أمّا كشعرٍ فهي حافلة بالصورالشعرية الجديدة وقد نشرتها في مواقع عديدة , ثانياً لا توجد في اللغة العربية قاعدة بشأن الألف الممدودة والمقصورة في أحيان كثيرة حسب علمي وإلاّ فوفقَ أية قاعدة نُجيز القول : سعى بالألف المقصورة وكبا بالألف الممدودة مثلاً ؟ وثانياً أظنَّ أنّ مسألة الألف هذه حصلت في مجموعتي مرتين , واحدة منها كانت إملائية والنقطة الثالثة هي أني دخلتُ المانيا وانا أتحدّث الإنجليزية بشكل حسن ثمّ توجّبَ عليَّ أن أتعلّم الألمانية ولأنّ الأنجليزية هي اللغة الأولى في العالم ولغة العلم لذلك لم أُردْ هجرها وهذا يعني أني أتعلّم لغتين أجنبيتين في وقتٍ واحدٍ وهذا كما هو معروف إرهاقٌ لا أعرف كيف أسميه ثم بصدد الأخطاء الإملائية وقد زال أغلبها الآن كما أحسب , لا ننسى طول فترة اغترابي : ربع قرن !
وفي آخر مقال لي قبل اسبوعين والذي يحمل عنوان ( الأحلام بوصفها هاوية ! ) قلت : بدى , والأصح طبعاً : بدا بالألف الممدودة ولكني لم أنتبه الى هذه الملاحظة إلاّ بعد أن أرسلتُ المقال للنشر في موقع صوت العراق فلجأتُ الى نشر المقال في مواقع أخرى مصحَّحاً وقسْ على ذلك .
أمّا عن سؤالهِ حول اسم : سانت باولي الذي ذكرته في الديوان فأقول : نعم إنّ تخمين السيد عدنان الظاهر صحيح تقريباً فسانت باولي حيٌّ في مدينة هامبورغ معروف بعاهراته ومخدِّراته قريب الشبه بحي سوهو في لندن الذي ذكره
وعلى أية حالٍ سوف تصدر مجموعتي السكسفون المجنّح منقّحةً مرةً أخرى من خلال شبكة الإنترنيت في العام القادم وأقول في العام القادم لأنني أنوي هذا العام إصدار مجموعتيَّ الجديدتين ( العالَم يحتفل بافتتاح جروحي ) و ( ما زال الشاعر على قيد الجنون ) بعد أن أصدرتهما إصداراً خاصّاً قبل عدة أعوامٍ وبنُسَخٍ محدودة جداً وستكونان بالتأكيد مصحوبتَين بإضافات عديدة .
جزيلَ الشكر للناقد والكاتب الدكتور عدنان الظاهر على الآراء القيمة والأفكار السديدة ولا أنسى شفافيتَهُ وهو يتناول قصائد المجموعة .
************************
كولونيا – نيسان - 2007
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر


.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية




.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال