الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هويتنا الاشورية وتهمة التعصب والعنصرية

اميرة بيت شموئيل

2003 / 8 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


تعتبر الكتابة بحق، منحة سماوية للبشر من حيث انها تعتبر حلقة وصل الاجيال بعضها بالبعض، والمفتاح للكثير من التساؤلات والاسرار والعبر التي يستند عليها الجيل الجديد في مسيرته. فلولا اللوائح والكتب التاريخية التي تصور احداث عالمنا الماضي، لما تسنى للحاضر معرفة خطواته اللاحقة. ونحن في هذا الجدل (التسمية والهوية الاشورية) نرى الكثير من المؤرخين، بلوائحهم وكتاباتهم، يضعون النقاط على الحروف وبوضوح.

ومع هذا نؤمن بحرية التعبير وحق الجميع في تغيير وتبديل واضافة ما يشاءوا على انفسهم. فمثلا لم نقف ضد طارق عزيز ومجموعته البعثية، عندما اختاروا التسمية العربية لانفسهم، ولكننا وقفنا ضد محاولات هذه الزمرة لفرض اية تسمية علينا، غير تسميتنا.

اتذكر عام 1977 واثناء عملية التعداد العام، رفض مسؤول التعداد التسمية الاشورية التي سجلناها في فقرة القومية، وطلب الينا تغييرها بالتسمية العربية. وقد حدثت بيننا وبينه مشادة كلامية، فعندما اصرينا على التسمية الاشورية، بادر المسؤول قائلا: "لماذا لا ترغبوا بتسجيل انفسكم كعرب، ما الخطأ في العرب؟" فاجابه رب العائلة:" ليس هنالك اي خطأ في العرب، ولكننا ببساطة لسنا عربا. نحن اشوريون... الجار حسين الذي يعيش في المقابل منا، عربي، والجار تحسين على يميننا تركي وعلى اليسار هنالك جارنا حمه الكردي، وجميعنا نتبادل المودة والاحترام لسنوات واولادنا ايضا تربوا منذ الصغر على الالفة والمحبة وعدم التفرقة وهم يلعبوا وحتى يناموا احيانا في دورنا دون خوف او حذر. لو كان هنالك خطأ في اي منهم، لما اقمنا علاقات الصداقة والجيرة الطيبة معهم."

اصر المسؤول ، ورغم اقتناعه، على موقفه قائلا:" العرب والاكراد يشكلان أعلى نسبة للسكان في العراق، والباقي يجب ان ينضووا تحت جناحيهما، لا نريد لوطننا التفكك اكثر من هذا" (على اعتبار ان وجود التسمية الكردية تفكك لابد منه).

بهذا التفسير الركيك والملتوي خلف الوطنية ، برر المسؤول البعثي سياسة حزب البعث في اغتصاب حقوق القضية الاشورية والالتفاف على امحاء التسمية الاشورية في العراق. طبعا لم نقبل بهذا المنطق واصرينا من جانبنا على عدم استبدال حرفا واحدا من اجاباتنا عن انفسنا في قسيمة التعداد، وعدم اعطاء اي حق لاحد بالتلاعب بهويتنا القومية واجوبتنا عن انفسنا، لاننا اعلم بها من غيرنا، بالرغم من تحذير المسؤول لموقفنا.

وقد كان موقفنا القديم هذا احد النقاط التي ابرزتها مديرية الامن والاستخبارات اثناء استجواباتها لنا عام 1984-1985 ، بالاضافة الى مواقف اخرى، منها عدم انتساب اي من افراد عائلتنا (11 نفر) الى حزب البعث واستضافتنا لشخصيات من الاحزاب الممنوعة والمقاتلين في كركوك والشمال وغيرها.

 كذلك، لم نقف ابدا ضد من اختار التسمية الكلدانية لنفسه وشرع مؤخرا بتنظيم مؤسسات واحزاب التف حولها مؤيديه، وهكذا مع التسمية السريانية وغيرها، ولكننا نقف دائما بوجه من يحاول جردنا من التسمية الاشورية واستأصالنا من تاريخ اباءنا المتوغل الجذور في ارضنا. فمن يريد تغيير اسمه ومن يريد ان يضيف او يطرح حروف على اسمه او يركبه او يعقده كيفما تشاء مصلحته الذاتية، او فهمه للتاريخ ، ليفعل، ولكن ان يفرضها علينا، هذا ما لا نقبل به اطلاقا. فلسنا نحن من فقد هويته في متاهات الخلافات الكنسية والسياسية الحزبية والمنافع الشخصية. نحن ولدنا بهوية اشورية ودافعنا عنها وعن وطننا العزيز في احلك المحن ووقفنا بوجه كل مؤامرات استأصالنا منهما او استأصالهما منا، دون المساس بارادة حاملي الهويات الاخرى في الوطن. حتى البعثيين المعتدين، لم نمس هويتهم بسوء. وما زلنا نحتفظ بهويتنا لحد اليوم، وما زالت علاقات المودة والاحترام سارية بيننا وبين جميع العراقيين الشرفاء واصحاب الحقوق الانسانية المشروعة في الوطن.

حملنا للهوية الاشورية، لم يمنعنا ابدا من فتح ابوابنا امام العلاقات والصداقات والعمل المشترك والمتبادل في سبيل خدمة وطننا، الذي نعتبر انفسنا جزءا لا يتجزأ منه. اتحدى اية شخصية عراقية استقبلت في منزلها وساعدت بامكانياتها المادية والمعنوية، الكم الاثني الهائل من العراقيين مثلما فعلنا نحن. فمن المطارنة والقسس من الكنيسة الكلدانية والسريانية والشرقية القديمة والحديثة، الى الشخصيات العربية والكردية والتركمانية (وطبعا من بينها السنة والشيعة) واليزيدية والصابئة، الى الشخصيات الحزبية (الشيعية والكردية والشيوعية وغيرها) والمستقلة المختلفة، الى المقاتلين في الشمال. هذا الكم الهائل من العراقيين، وجد دائما الترحيب والاحترام والملاذ الامن سواء في دارنا في كركوك او في دارنا في الشمال. فأين تكمن العنصرية والشوفينية في هذا الموقف؟؟؟

نعم، كنا وما زلنا نتصدى لمن تظهر لنا خيوط عمالته وتجاوزاته على حقوقنا الانسانية وقضيتنا الاشورية والعراقية على حد سواء، فاذا كان هذا ما يؤخذ علينا كتهمة وطبيعة عنصرية وشوفينية، فما اجملها من تهمة. 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عبداللهيان من العمل السياسي والأكاديمي إلى منصب وزير خارجية


.. فرق الإنقاذ تحدد موقع الرئيس الإيراني بدقة بعد التقاط إشارة




.. بعد تقارير متضاربة.. التلفزيون الإيراني الرسمي يؤكد أن مروحي


.. صور من المسيرة التركية التي تقوم بعمليات البحث في موقع سقوط




.. صور من المسيرة التركية التي تقوم بعمليات البحث في موقع سقوط