الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشية المؤتمر

تقي الوزان

2007 / 5 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لاشك أن الحكومة العراقية تخضع لضغوطات كبيرة من كل الأطراف , لاتتناسب مع حجم أمكانياتها , وهي التي تعاني من سرطان المحاصصة الطائفية والقومية . وأهتمامها يجري بأستمرار لمراعات هذا المرض الذي يمنعها ويشل قدرتها من الألتفات الى بناء مشروعها السياسي المعلن في بداية تشكيلها . ذلك المشروع الوطني الذي أصبح ألعوبة بيد أطراف الصراع الطائفي , وفتح الباب على مصراعيه لمصادرة هذا المشروع الوطني , وأصبح الصراع لحسم توجه العراق بيد تكالب أطماع دول الأقليم , وتوجهات السياسة الدولية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية .
منذ بداية الثورة الأسلامية في ايران عام 1979 , عاد العراق ليكون في صلب آخر موجة صراع طائفي تستهدف وضع اليد عليه وأستمرت لحد الآن , بين ايران الشيعية ولها امتداد مذهبي كبير , وحقوق مرجعية تتمثل بالعتبات المقدسة ومراقد الأئمة الأطهار , ومستقر الحوزات العلمية . وبين الواجهة السنية التي تمثلت بوقوف أغلب الأنظمة العربية , وبالذات الأنظمة الخليجية خلف شن الحرب على ايران من قبل نظام المقبور صدام , وادامتها لثمان سنوات , حصدت فيها آلاف القتلى و أشد المآسي للشعبين الجارين .
ان دموية نظام صدام , والسيطرة البوليسية المطلقة التي فرضها على المجتمع العراقي , حالت دون وجود أختراقات ايرانية داخل العراق . وكان النظام العربي السني مكتفياً , ومطمئناً , لقساوة النظام الصدامي كمصد حقيقي يمنع تنامي نفوذ الثورة الأسلامية الايرانية بأتجاه العراق وباقي دول المنطقة . وجاء تناغم الدول الخليجية مع الامريكان بايقاف الدعم لنجاح انتفاضة العراقيين في آذار عام 1991 , واعادة الحياة لنظام صدام بهذا السبب ايضاً .
الا ان سقوط النظام الصدامي ,اسقط هذا المصد امام رغبة ومصلحة النظام الايراني الذي عجل في مد نفوذه , واستغل كل الوسائل الممكنة لتثبيت هذا النفوذ . والذي ساعده أكثر , عدم استيعاب الامريكان لطبيعة هذا التداخل المذهبي , وأمكانية تحويله الى أستحواذ طائفي لصالح ايران , وهذا ما حصل , أو لأعتقاد الامريكان بأمكانية اللعب على الورقة الطائفية لغرض احكام السيطرة أكثر على العراقيين . وفي الحالتين أكتفى النظام العربي السني بجبروت قوات الاحتلال للحفاظ على التوازن المطلوب . وقد فاته الفارق في معرفة مكونات الشعب العراقي لحفظ هذا التوازن بين نظام صدام العراقي , وبين قوات الاحتلال الغير عراقية . الى أن تبلورت مرجعية سنية – غير القاعدة وكبار مجرمي النظام الصدامي – ضمت بين أطرافها سنة وقوميين عرب وبعثيين متنفذين في حزب صدام . ووجدت هذه المرجعية في النظام العربي السني الجدار الجاهز الذي تستند عليه , وأنضم اليها بعض العلمانيين من الشيعة والسنة في مسعى لايقاف النفوذ الايراني , الذي جعل من النظام الايراني اللاعب الأقوى في الساحة العراقية . والطرف الآخر في هذه الخارطة العراقية هو أحزاب القائمة "الكردستانية" , والتي لاتزال تتريث , ولاتعطي دعمها الا للأقوى , وبشرط أن يمنحها الدعم الكامل في تحقيق تطلعاتها القومية .
بهذه اللوحة التي تفتقد لقوة المشروع الوطني تدخل الحكومة العراقية الى مؤتمر "العهد الدولي" في شرم الشيخ , وهي متوزعة بين ارادات مشاريع الامريكان والايرانيين والنظام العربي الرسمي , ورغبة كردية تنزع للأستقلال بين فجوات هذه المشاريع .
ان المؤتمرين في "العهد الدولي " ودول "جوار العراق" سيطالبون الحكومة العراقية بخطوات أكثر جدية , وأكثر وضوح , في المحافظة على وحدة العراق , والنهوض بأعادة بناء الدولة على اسس سليمة , وأنهاء المليشيات , وتحقيق الامن , واقتسام الثروات بالتساوي , واعادة النظر ببعض مواد الد ستور , والسير الاسرع بأتجاه المصالحة الوطنية . والخوف من عدم تمكن الحكومة مرتاً أخرى من انجاز هذه الخطوات رغم الدعم الذي ستحصل عليه من مؤتمر"العهد الدولي" بالذات , وهو الفعّالية التظامنية الدولية الأكبرحجماً في التاريخ , والتي أستطاعت اميركا بهيمنتها الدولية ان توظفها لصالح دعم المسيرة العراقية .
ان الرغبة الجادة للسيد رئيس الوزراء , وبعض الاطراف في الحكومة , لتحقيق شئ ملموس في طريق الوحدة الوطنية وأعادة بناء العراق , أصطدم بالأرادات المضادة التي عطلت حتى عمل اللجان المرافقة لدعم الخطة الامنية , والأحتيال لعدم الالتزام بحل المليشيات التابعة لها , والأصرار على الأستمرار في خلق أجواء عدم الثقة , وتنفيذ اجندة الدول الاخرى , مما جعل الحكومة تتخبط في عجزها رغم بعض الانجازات الامنية .
ان الاهتمام الدولي لايمكن ان يستمر بهذه الوتيرة الى ما لانهاية , وعلى العراقيين الاستفادة القصوى من هذا المؤتمر , وهذا الاهتمام . ومثلما تقول وزيرة الخارجية الامريكية "رايس" في رسالتها الاخيرة المبطنة بالتهديد الى الحكومة العراقية : " ان الزعماء العراقيين يعرفون أن ثوب الصبر الامريكي قد تمزق " وقالت " ان الولايات المتحدة تعطي دماً وكنوزاً في العراق , لكنها لاتستطيع ان تعطيهم عراقاً موحداً " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا