الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله مات، يا أطفال مصر!

أيمن رمزي نخلة

2007 / 5 / 6
حقوق الاطفال والشبيبة


"أنا اكره مصر والذين خلفوا مصر". قالها طفل من مئات آلاف الأطفال الذين يبيعون أشياء تافهة في كل مصر.وأضافت طفلة أخرى صغيرة كانت واقفة: " يلعن أبو مصر التي جعلتني أبيع المناديل الورقية ولا استطيع دخول المدرسة لأن أبي لا يجد عملاً"
طفل صغير يكره. وطفلة تلعن وتسب. كل ذلك بدلا من أن يكتبوا:"أنا أحب مدرستي"، أو "الزهور جميلة" أو يكذبوا قائلين: " الدنيا ربيع، والجو بديع، قفل لي على كل المواضيع"
أينما ذهبت في ـ حي راقي، أو الأحياء المتخلفة التي تملئ مصر، تجد أطفال يبيعون كل ما هو تافهة، ومنهم من يلح عليك في شراء ما يبيعه من منتجات أو مستلزمات، أغلبها لا تحتاجه، لكن حاجات الطفل الضرورية التي أجبرته هو وأسرته على خروجه إلى الشارع، أو في الأتوبيسات أو القطارات ويبيع منتجات رخيصة القيمة.
هؤلاء الأطفال ليسوا لقطاء، أو عملاء لتجار المخدرات ـ وما أكثرهم ـ لكنهم قد يتعاطون أنواع رخيصة من المواد الكيمائية مثل: الكولة، أو السبرتو،أو البنزين المغشوش، أو الغراء، وغيرها من مواد الإدمان الرخيصة.
قامت الهيئات العالمية ( المحترمة) ـ في الخارج ـ المهتمة بأطفال الشوارع بتوجيه نظر البشرية نحو الأطفال المهملين و"المهمشين"، وبناء عليه تبعتها مصر بعمل حملة وهمية مؤقتة لرعاية أطفال الشوارع.
تحدثت الصحافة ووسائل الإعلام. وقامت السيدة سوزان "المباركة" الراعية الأولى والأخيرة بقيادة حملات الدعاية والإعلان وإلقاء الخطابات الرنانة وتنسيق الكلمات "الطنانة" ـ الكل يجيد الكلام، والأفعال ما أقلها. ما أجمل سيدة مصر الأولى حين تقود مجموعة من الوزراء والمحافظين وكبار رجال الدولة وعظماء المسئولين وتتحدث خطب معدة مسبقا وتهتم وسائل الإعلام، وينتهي الأمر على لا شيء. وعلي رأي المثل: "وكأنك يا سوزان ما عملت حاجة"
اكتشف (فجأة!!) مُدعى المسئولية: أن هناك مئات من الأطفال يعيشون فوق القطارات المتحركة، ويبيتون آخر اليوم داخل القطارات الثابتة. وهناك العشرات من الأطفال القتلى الذين اكتشفوهم، أو الذين لم يكتشفوهم. ناهيك عن حالات اغتصاب للبنات الصغيرات أو الحمل الغير مشروع.
مئات من حالات فقدان الأطفال لم تكتشف، غير مئات من حالات الأطفال الذين لم يسأل عنهم أهاليهم.
أسئلة عن الدور المفقود للمدارس:
ما هو الجهد الحقيقي الفاعل الذي تبذله المدارس المصرية الحكومية بالتعاون مع أولياء الأمور لمتابعة حالات الغياب والانقطاع عن المدرسة؟
إن الطرق المتبعة والإمكانات المتاحة ـ إن وجدت ـ من قوى بشرية ووسائل تواصل في المدارس لا يمكنها أن تتابع الأعداد المتزايدة من التلاميذ المنقطعين عن الدراسة.
هناك مئات من المشاكل والأسباب الفاعلة في المجتمع الفاسد التي تجعل التلاميذ ينقطعون عن المدارس وعن التعليم. كل هذا والمسئولين مهمومين بكتابة التقارير وإبراز "براز" الصورة أنه عسل مصفى وشهد. وشعارهم:"كله تمام يا ريس"
يبدأ اليوم الدراسي في المدارس الحكومية من السابعة صباحاً، وينتهي الثالثة عصراً. تتكدس داخل الفصول عشرات من التلاميذ الذين يعانون من الأنيميا وسوء التغذية، وعدم وجود الأنشطة التعليمية إلا على الورق وفقاً للتقارير التي يطلبها المسئولين ليقدموها إلي الأكابر، ليرضوا الأعلى ليقولوا بعد ذلك: كل شيء مبارك، ولا جمال بعد ذلك.
ماذا يأكل أطفال المدارس؟ ومتى يأكلون، وكيف؟
يخرج التلميذ من بيته السابعة صباحاً، ويعود بعد الرابعة عصراً. هل يعتمد على "كانتين" المدرسة بما فيه من معلبات محفوظة، أم "سندوتشات" أمه التي لا تسمن ولا تشبع؟
طوال اليوم الدراسي يقابل التلاميذ مجموعة من المعلمين المكتئبين المطحونين الذين يحشرون فيهم كم من المعلومات عديمة الجدوى والقيمة، والتي يغشونها آخر العام.
ليست هناك حرية في التعليم، حتى أماكن الأنشطة استغلوها المسئولين في بناء حجرات لحشر التلاميذ فيها ورصهم كالبنيان المرصوص.
حقاً إن أطفال مصر لن يأتي عليهم "يوم الحشر" لأن كل يوم في حياتهم "يوم حشر".
إنك إذا سألت طفل في أية مدرسة مصرية حكومية: ما هي "جهنم"؟ تكون الإجابة العفوية من أي تلميذ: إنها مدرستي!!! ويضيف من عنده بدون سؤاله: والمعلمون هم "الشياطين".
وما يزيد حالة الطين طين، أن تجد مسئولين يتابعون، وهناك متابعين يتابعوا المتابعين، والجميع يكتب: كله تمام،ومبارك عليكم حسن سير العملية التعليمية، يا جمال أطفال مصر.
أطفال مصر ثروة قومية، إذا استثمروا بالطريقة الصحيحة، لكن الغوغائية الإعلامية هي التي تسمي الثروة: انفجار سكاني، لأن الحاكم لا يعرف كيف يدير هذه الثروة، فتصبح هذه الثروة نقمة. ويلقي العبء على الشعب أنه موجود من أساسه في الوجود.
لا يستطيع مبارك "المبارك" ورجاله "المباركين" أن يفسروا لنا: لماذا دولة الصين الشعبية ويبلغ عدد سكانها 15 ضعف، والتي لا تدين مثلنا بالدين"الإسلامي الحنيف!!"، ولا تعرف مثلنا أنبياء مثل عيسى وموسى ولا حتى محمد.
لماذا تنتج الصين منتجات تغزو العالم وتحتل بلادنا، ونحن لا يشغل عقولنا إلا "النكاح العرفي" و"نكاح المسيار" وسائر أنواع "النكاحات"، وإنتاجنا من "علم الكلام" و"الفلسفة الفقهية" و"علم اللاهوت"، واهتمامنا بأطفال الآيس كريم، وأطفال كلينتون وأطفال السلاحف؟
حين يفتح الطفل عينيه، ولا يجد عمل محترم لأبيه، وأمه ليس لديها ما يسد أبسط الاحتياجات الضرورية، لابد أن يهرب بعدها الطفل المصري من المدرسة، ومن التعليم بأكمله لكي يجد طعام يومه الضروري.
حين لا يمارس أطفال مصر إنسانيتهم في مدارس الحكومة المصرية، فلابد أن ينحرفوا عن كونهم أطفال.
حين تصبح الأندية الرياضية(؟!) ومراكز الشباب أماكن لتعاطي المخدرات، فلابد أن تنتشر تجارة المخدرات أسهل من تجارة الخبز.
حين يعترف ويقر كل العالم المتقدم وغير المتقدم أننا رياضياً فاشلون ويعطوننا صفراً، وقتها يجب أن نحارب الفساد الحقيقي الموجود من رأس الدولة وحتى أصغر المسئولين فيها.
حين تنتشر الأمراض الخبيثة بين أطفال مصر، يجب أن لا نقول بعدها: مبارك شعبي مصر، ولا جمال في مصر.
حين تمتلئ شوارع مصر(المحروسة؟!) بأطفال باعة، وأطفال مشردين، وقتها يجب أن نحارب الإهمال ونلعن الرئاسة، ونرفع السلاح ضد الفاسدين، لأن الكلمات ليست لها قيمة. لابد من الصحوة العملية. كن إرهابي. كن قاتل. للمسئولين، لكن لا تكن تابع وخانع وخاضع لهم.
حين يهتم رئيس الدولة (مبارك) وكبار رجال الدولة ونسائها بأطفال الدول الأخرى، ويتركون أطفال مصر يبيتون في العراء وفي عشش الصفيح وبين المقابر وسط الموتى، وقتها يكون الله هو الذي مات، ولا عزاء للمصريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تدرج إسرائيل في القائمة السوداء للدول التي ترت


.. بايدن وترامب يتنافسان: من يحكم قبضته أكثر على المهاجرين؟- أخ




.. الأمم المتحدة تدرج الجيش الإسرائيلي بالقائمة السوداء للدول ا


.. الحوثيون يعتقلون 9 موظفين يمنيين يعملون مع وكالات الأمم المت




.. الانبعاثاتالأردن.. ماراثون للسيدات بمشاركة ذوي الاحتياجات ال