الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسار العربي الصعب - 23تموز1952-9نيسان2003

محمد سيد رصاص

2007 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


صعد الإتجاه القومي إلى السلطة ( مصر ، العراق ، سوريا ) على أساس برنامج مؤلف أساساً من ثلاثة بنود :
1 - فلسطين ، 2 - الوحدة العربية ، 3 - التنمية و التحديث .
على الصعيد الأخير ، حصل هناك اصلاح زراعي و تمدين للريف و تضييق للفوارق بينه و بين المدينة ، و زيادة فرص التعليم ، إلا أن ذلك قد حوى كل عيوب المفارقة التي حصلت في هذه البلدان عندما قاد الريف و البلدات الصغيرة عملية التحديث ، بعكس ما حصل في البلدان الأوربية عندما قادت العاصمة هذه العملية ( لندن 1688 ، باريس 1789 ، بتروغراد 1917 ). أتى ذلك على خلفية عدم قدرة الفئات التي تولت الحكم ، في الفترة السابقة لذلك ، على حل المسألة الزراعية ، مضافاً إليها مضاعفات هزيمة 1948 ، مما أنشأ كتلة اجتماعية واسعة ضمت الفلاحين بشرائحهم المختلفة ، و الفئات الوسطى المدينية ، رأت مصلحتها في قلب الوضع القائم ، مستخدمة المؤسسة العسكرية كوسيلة لذلك .

نزل العراق ، عبر حربين و حصار استمر عقداً من الزمن ، من بلد كان يعد من أغنى دول الشرق الأوسط ، , إلى عصر ما قبل الصناعة ، فيما لم تستطع مصر حل مشكلتها الغذائية الناتجة عن المشكلة السكانية و ضيق المساحة الزراعية ، و لا تضييق مشكلة التفاوت في الدخول بين الأغنياء و الفقراء ، ولا مشكلة التفاوت بين الريف و المدن ، ، بينما نزلت سوريا من مستوى يقارب مستوى ماليزيا في عام 1975 ، من حيث الدخل الفردي ( 676 / 716 دولاراً ) ، لتصبح بعد ربع قرن من ذلك ، وفقاً لتقرير التنمية البشرية الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 2002 ، في المرتبة ( 108 ) من أصل 173 دولة ، بينما ماليزيا في المرتبة ( 59 ) .
على صعيد الوحدة العربية ، لم تنجح ، في القرن العشرين ، سوى وحدة الجزيرة عبر ابن سعود ، و الإمارات العربية ، و الوحدة اليمنية ، فيما فشلت وحدة 1958 ، إلى أن وصلت الأمور إلى مستوى من التردي لم يُستطع فيه الحفاظ على ملامح التضامن العربي ، الذي ظهرت بوادر قصيرة الأمد له في عامي 1973 - 1974 ، بعد أن تحطم على مذبح الخلافات المصرية - السورية ( 1975 - 1977 ) ، ثم ليتناثر بعد دخول الخلافات العراقية - السورية في توترات غير مسبوقة ( 1979 - 1980 ) ، حتى وصلت الأوضاع إلى مستوى لم يُستطع فيه القول بأن الانتماء الوطني المحلي ( وليس القومي ) مُتَغلّب على الانتماءات الدينية ، أو الطائفية ، في البلدان التي رفع حاكموها الراية القومية في النصف الثاني من القرن العشرين .
في الموضوع الفلسطيني ، لم يستطع التيار القومي أن يكون أداؤه في حرب 1967أفضل من أداء أنظمة العرب التي خاضت حرب1948، فيما لم تؤدِ حرب 1973 إلى أكثر من تحريك ( التسوية ) ، و إلى انقسام مصر و سوريا عبر مساراتها وصولاً إلى زيارة السادات للقدس و معاهدة ( كامب ديفيد ) ، بينما فشلت محاولة التعويض عن غياب مصر ، عبر التقارب السوري - العراقي في عامي 1978 - 1979 .
كانت العلاقة بين ثالوث ( القاهرة ، دمشق ، بغداد ) محوراً للسياسة العربية الحديثة و محدِّدةً لمساراتها ، مثلما كانت كذلك عبرالتاريخ العربي القديم ، و كذلك في تاريخ ما قبل الإسلام عندما كانت أقاليم الرافدين و الشام و النيل تتناوب زعامة المنطقة ، أو تؤدي ، عبر انفراط عقدها ,و تناقضها مع بعض ، إلى فقدان المنطقة لمناعتها أمام الخارج,حيث كان انحلال أطراف هذا الثالوث العربي ، في صيف 1979 ، هو المدخل و الإطار العربي الذي سمح و ساعد على نشوب الحرب العراقية - الإيرانية ، كما أن عزلة مصر و انكفائها بعد كامب دايفيد ، و انشغال بغداد في حدودها الشرقية ، قد سمح لإسرائيل باجتياح لبنان من أجل محاولة إنهاء المقاومة الفلسطينية ، ومن أجل محاولة استخدام لبنان كمنصة للتحكم بآسيا العربية ، ومحاولة تقسيمها إلى دول إثنية و طائفية و دينية.

كما أن استمرار انحلال أطراف هذا الثالوث ، و خاصة بين دمشق و بغداد اللتين دخلتا في صراع ضار بالساحة اللبنانية في ربيع 1989 ، قد جعل العراق ، الخارج منهكاً اقتصادياً من حربه مع إيران و قوياً بجيشه ، يقع في " الحفرة الكويتية " بعد شهرين من مؤتمر القمة العربية المنعقد في بغداد أواخر شهر أيار 1990 ، من دون أن يجد حضناً عربياً في ذلك المؤتمر ، مما كان يمكن أن يقيه من تلك " الحفرة " ، و التي وقع فيها و أوقع العرب معه ، و ما جرَّ ذلك من هيمنة أمريكية مباشرة على المنطقة العربية .
أتت تسوية ( مؤتمر مدريد ) الأمريكية على خلفية هزيمة العراق ، و العرب معه بما فيهم " الذين دخلوا في التحالف مع واشنطن ضد العراق " ، على حد تعبير الوزير الأمريكي جيمس بيكر لأحد المسؤولين العرب ، و كانت هذه التسوية محاولة لإنشاء إطار سياسي" ملائم "في المنطقة ينظم عملية السيطرة الأمريكية ، التي يبدو أنها كانت آنذاك تريد الإمتداد إلى وضع منظومة أمنية إقليمية تابعة لواشنطن ، و إلى الهيمنة الاقتصادية ، و ربما إلى إنشاء إطار ثقافي يستتبع ذلك ,وهذا طبيعي ، لأن تسوية(مسارات مابعد مدريد1991) كانت تعبيراً عن مفاعلات هيمنة طرف خارجي على العرب ، أكثر من كونها بين طرفين إقليميين .

كان فشل مسار تسوية مدريد ,كما تجسد في مؤتمر كامب دافيد-تموز2000بين عرفات وباراك-,مؤدياً إلى مرحلة جديدة بالمنطقة,تميزت بمحاولة طرفي الصراع انشاء توازنات جديدة على الأرض من خلال(انتفاضة الأقصى)والسياسة المقابلة التي اتبعها شارون,فيما أدارت إدارة بوش الجديدة وجهها عن عملية التسوية لصالح التركيز على"إعادة صياغة المنطقة"(حسب تعبير وزير الخارجية الأميركي باول)عبر البوابة العراقية,حتى وصلت إلى حدود الإتجاه نحو غزو العراق واحتلاله(20آذار-9نيسان2003).
كان هذا الإحتلال حصيلة للوضع الأمريكي في المنطقة الذي حصل منذ حرب 1991 : ما يلفت النظر ، في هذا الحدث الضخم و في الأزمة السابقة له ، ضعف مناعة الجسم العراقي أمامه ، و ميل قسم من مكوناته إلى القبول به ، إضافة إلى فعاليات عراقية سياسية و ثقافية شجّعت أو رحبت بالغزو من أجل " إزاحة " الديكتاتور و نظامه ، و هو شيء قد ظهرت بوادر مشابهة له عند مثقفين عرب بارزين و عند أفراد عديدين في مجتمعات عربية معينة ..

هل يكفي لتبرير هذه الظاهرة ، القيام بعزو نشوئها إلى ما فعله الديكتاتور بالعراق فقط ؟ ……… أم : أن الأمر يعود ، أيضاً ، إلى فشل هذه الأنظمة في إنشاء مجتمع ، و مواطن ، لا يشعران بالغربة في الوطن ?......... أو : أن المسألة ، هذه ، تعود إلى عدم وجود وحدة وطنية قوية في العراق ، بين الشيعة ، الذين هُمشوا و استبعدوا من الحكم و خاصة بعد عام 1968 ، و بين السنة من جهة ، و من جهة أخرى بين العرب و الأكراد ؟ ……… ثم : ألا يؤدي ذلك إلى استقالة هذا المجتمع ، أو مكوناته التي أرادت الاستعانة بالخارج من أجل " التغيير الداخلي " ، من الفعل السياسي ، بعد أن أوكل أمره ، أو أمرها إلى الخارج ، و خاصة بعد أن حضر هذا الوكيل إلى الداخل ، و أصبح يريد أن يقرر و يحكم الأصيل ؟ … أخيراً : هل تؤدي المقاومة العراقية ، التي مازالت على ما يبدو محصورة أساساً ضمن أحد المكونات العراقية ، إلى تجاوز ذلك القطوع ، إذا تحولت إلى ظاهرة شاملة وطنياً ، أو شبه شاملة,وهو ماتظهر بوادر له,وخاصة عبر مظاهرة النجف المضادة للإحتلال في يوم الذكرى الرابعة لسقوط بغداد ؟ ………








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات