الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف الطائفي واستراتيجية الاحتواء

زياد طارق
كاتب وباحث عراقي

(Ziyad Tariq)

2007 / 5 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


يمثل العنف الطائفي حالة متطرفة للانتماء الفكري ومما يدفع بصاحبه الى التعبير غير المنضبط والعدواني ازاء الاخرين الذين يحملون نمطاً فكرياً او عقائدياً مختلفاً عن الاول . فهي معادلة ذات علاقة صفرية لطرفين على شقي نقيض يمثل بقاء احدهما سبباً في فناء الآخر .
ولعل المعادلة الاخيرة – ومما يؤسف عليه – ليست الوحيدة الفاعلة في هذا الاطار ، اذ ان القاعدة الفيزيائية القائلة بأن ( لكل فعل رد فعل يعادله بالقوة ويعاكسه بالاتجاه ) تكاد تكون الحاكمة في معظم حالات الانسياق التلقائي (او غير العقلاني) وراء منطق ضرورة رد فعل بذات جنسه .
ووفق تراتيبية الفعل ورد الفعل السابقة سرعان ما يجد اطراف العلاقة انفسهم بعيدين عن مصدر الفعل الخاطيء الاول او التوظيف او الفهم او التفسير المخطوء للفكرة او المعتقد .
لتكون هناك سلسلة من الاخطاء المتراكمة التي كلما ازدادت تعقيداً ضاق طريق العودة الى الخطوة الاولى شيئاً فشيئاً حتى يكون ذلك ضرباً من ضروب المستحيل في النهاية .
لذا فان العنف الطائفي لا ينطوي على أي جانب ايجابي يمكن التطرق اليه ولو على سبيل الجدل والحوار مع الظاهرة التي اينما حلت آتت على الاخضر واليابس .
الا اذا كنا نعتقد سلباً بما جاء به ( مالثوس ) في نظريته السكانية ، فنجد ضرورة في افناء الاخر من اجل ان يتسع مجال للعيش وسط ندرة الموارد ؟!.
وهذه شوفينية بغيضة ما بعدها شوفينية ، كما انها تتعارض مع احكام السماء وقوله تعالى " نحن نرزقهم واياكم " ، لذا فان المفردة الاجدر بالتحليل ، بعيداً عن الترف الفكري ، وفي صلب موضوعة العنف الطائفي هي استراتيجية او آلية العودة الى المربع الاول ، او الاصل ، وتجاوز الفروع او الاخطاء المتراكمة .
وهذا الاعتقاد ، الذي هو في حقيقته (مصلحة) ، يقود الى التمييز بين العنف الطائفي والعنف السياسي . فالعنف السياسي ، قد يترتب عن حالة متطرفة لانتماء (عقائدي – سياسي) وتعبير سلبي عن كل ذلك ، الا ان الدافع والمحرك الرئيس غالباً ما يكون المصلحة والسلطة(السلطان) على عكس العنف الطائفي الذي يراد منه نصرة (المعتقد او العقيدة).
ومن هنا يغدو الاجماع واضحاً في الشارع العراقي ، على ان العنف السائد انما هو عنف سياسي لايمت بصلة لتعاليم الاسلام الحنيف وخلقه السمحاء، ولعل ابرز ملامح الاستراتيجية المقترحة للعودة الى الحوار واللاعنف السياسي او الطائفي هي :
1. اتفاق الاتجاهات المختلفة والفاعلة في الساحة العراقية على ان العنف الذي عصف ولازالت بعض بقاياه تعصف بالشارع العراقي ، انما هو من قبيل العنف السياسي وليس الطائفي .
2. تجفيف منابع العنف الطائفي ، او اسقاط الذرائع التي تدعو البعض الى اعتبار ما يحدث من هذا القبيل ..وفي هذا الاطار لابد من الاتي :
2-1:النأي بالعقيدة او المعتقد (اياً كان شكلها او شكله) عن حالات العنف اللانسانية .
2-2:اتفاق الاتجاهات انفة الذكر على ثوابت ومباديء تمثل خط الشروع نحو بلوغ الاهداف الاستراتيجية التي من شأنها ان تخلص العراق من دوامة عنف تتلحف وتتجمل بأطر مختلفة .ومن هذا القبيل ، اتفاق مكة ، الذي مثل خطوة مهمة نحو تحقيق التوافق الوطني وقطع الطريق امام المغرضين .
2-3: تعطيل المعادلات السابقة والمؤدية الى العنف الطائفي ، حيث :
2-3-1: الاتفاق على ان الخسارة ، انما هي خسارة وطنية وليست طائفية او قومية والامر ذاته مع المكاسب ، ومما يغلق الباب امام الحدود الطائفية المفتوحة نحو الامتدادات الاقليمية بمختلف اشكالها.
2-3-2: رفض واستهجان ردود الافعال غي المنضبطة والتي من شأنها ان تمس وجود وطبيعة العلاقات الوطيدة بين الطوائف المختلفة.
3- تبني الساسة الوطنيون لرؤية ناضجة وبعيدة عن اشغال الشارع العراقي بكل صغيرة وكبيرة في الشأن السياسي ، وذلك لجملة من الاسباب منها :
3-1: عدم قدرة الشارع في جل البلاد المعروفة ، وبمختلف مستويات رقيها الحضاري ، ان يكون طرفاً مباشراً في العملية السياسية .
3-2: واستناداً لعدم القدرة السياسية تلك ، برزت الحاجة الى وجود زعامات وقيادات سياسية معرفة بطبيعة العملية السياسية وموجهة للشارع السياسي ، فاضحى الرجوع الى الشعوب عندما تواجه هذه الدولة او تلك مفترقات طرق مصيرية ، وهو ما حصل في الاستفتاء على الدستور والانتخابات النيابية .
4- تبني القيم الانسانية ومعايير احترام حقوق الانسان في مجمل العلاقات
البينية للاطراف السياسية من جهة واتجاه الفرد والشعب العراقي من جهة اخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا الأميركية تهدّد ب«طرد» الطلاب الذين يحتلّون أ


.. دونالد ترامب يحمل نتنياهو مسؤولية هجمات 7 أكتوبر 2023| #مراس




.. ما تداعيات ومآلات تدخل شرطة نيويورك لفض اعتصام الطلاب داخل ج


.. مظاهرة لأهالي المحتجزين أمام مقر وزارة الدفاع بتل أبيب للمطا




.. الرئيس الأمريكي جو بايدن: سنعمل مع مصر وقطر لضمان التنفيذ ال