الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مام جلال والنخب الكردية العراقية، والفرصة التاريخية التي لن تعوض

سليم مطر

2007 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


منذ زمن طويل، كتبنا وراهنا على بروز تيار وطني عراقي بين النخب الكردية العراقية. لم يصدقنا احد، واعتبرونا من الحالمين، لأن الظاهر ان اكراد العراق، حتى الشيوعيين والاسلاميين منهم، منجرفين تماما في التيار القومي الانفصالي ومشروع كردستان الكبرى. لكننا كنا ننظر الى البعيد، ابعد من موجات الثمالة العابرة التي تمر بها كل المجتمعات، فتأخذها نشوة الاحلام البعيدة المناقضة للواقع الفعلي. كنا نعرف ان اكراد العراق، مثل عرب العراق، وتركمانييه وسريانيه، وجميع فئاته، مهما جرفتهم الآيدلوجيات القومية الفئوية العنصرية الانعزالية، الا ان واقع الانتماء العراقي الفعلي وتاريخ الاخوة بين العراقيين وعيشهم المشترك عبر آلاف السنين، اقوى بكثير من تلك الموجات العابرة والآيدلوجيات الطائرة..
نعم اننا كنا ولا زلنا نؤمن ان الضمير الكردي يبقا ضميرا عراقيا مهما غطاه غبار المعارك والدكتاتوريات وآثار الانفالات والحلبجات.. وانه لا بد ان يأتي اليوم الذي يتشكل فيه ببطئ ولكن بعمق وقوة ذالك التيار الكردي الذي يعتز بالانتماء العراقي قدرما يعتز بانتمائه الكردي، ويعتبر بغداد عاصمته اكثر من اربيل، وينظر الى كركوك كمدينة لكل العراقيين خارج الاحلام الامبراطورية العروبية والكردوية.
هذا التيار الوطني، بدأت معالمه تظهر اولا في الشارع الكردي، ومن ابرز مظاهره، عندما تحمس آلاف الاكراد في بيوت وشوارع ومقاهي المدن الكردية لصالح الشابة العراقية(شذى حسون) وصفقوا لانتصارها بكل فرح كأنها كردية مثلهم. وتجلى هذا الانتماء العراقي ايضا في مئات الحالات لمثقفين اكراد، يساريين وديمقراطيين، يكتبون ويبدعون عبر الانتماء العراقي دون أي شعور بالتناقض مع انتماءهم الكردي.
وحسب تقدير بعض المثقفين والسياسيين العراقيين القريبين من الاطراف الكردية، رغم اننا قد نختلف معهم في تفاؤلهم السريع، ان هذا الميل الوطني العراقي راح يتجلى بكل وضوح يوما بعد يوم، لدى السيد جلال الطلباني(مام جلال)، والعديد من قيادات ونخب (الاتحاد الوطني الكردستاني). عبر الكثير من التصريحات والطروحات والمبادرات والسلوكيات، وهذا ليس مستغرب، لان قيادة السلطة ليس مثل معارضتها. ولأنهم اكتشفوا ان الانتماء الى العراق ودولة العراق، فيه من المكاسب والمنافع المادية والانسانية يفوق الانتماء لكردستان جزءه الاصغر. رغم اختلافنا ومعارضتنا للكثير من سياسات السيد الطلباني وتلك النخب القومية الكردية، الا ان وطنيتنا العراقية تفرض علينا رصد واحترام وتشجيع أي ميل وطني عراقي يساعد بلادنا على التخلص من تشرذمها الطائفي والقومي.
ولهذا، تحملنا ولا زلنا نتحمل معانات تلك الحرب الشعواء التي تشنها ضدنا الاجهزة الاعلامية القومية الكردية المتعصبة. ونحن نفخر بأننا، رغم كل شيء بقينا مصرين على التفريق بين اخوتنا اكراد العراق وتلك الجماعات البوليسية التي تدعي القومية. منذ اواسط التسعينات، كتبنا ليكون الاكراد في قيادات الدولة العراقية، لأن هذا من حقهم، ولأن هذا هو الذين يشعرهم بالانتماء الحقيقي للعراق. وهذه حالة مشروعة وانسانية تنتبه لها جميع دول العالم العاقلة، باشراك مختلف فئات الامة بقيادات الدولة من اجل تعزيز شعور نخبها بالارتباط بهذه الدولة.
لهذا، ربما يحق للكثير من الوطنيين العراقيين ان يعولوا على (مام جلال)، وان لا تعتبر آمالهم هذه ساذجة وسطحية، بل هي ايمان فعلي عقلاني وحسابي وصريح ومبرر، يعتمد على الفكرة التالية:
أن القيادات الكردية، منذ قيام الدولة العراقية الاولى عام 1921، لعبت ادوارا تخريبية تقسيمية للدولة وللوطن العراقي، والتقصير لا يتحملوه هم وحدهم، بل خصوصا بسبب غباء وقومجية النخب الحاكمة العراقية، التي لم تهتم بأن تشعر وتضمن للاكراد عراقيتهم، بل عاملتهم دائما كقومية مشكوك بها، مثلما عاملت غالبية الفئات العراقية الاخرى، كفئات مشكوك بها..
اذا من المعقول ايضا، ان تتمكن هذه القيادات الكردية، مثلما لعبت ادورا سلبية تقسيمية، ان تلعب ايضا ادوارا ايجابية توحيدية في الدولة والوطن العراقي، في حالة انها اقتنعت بأن وحدة العراق وقوته وعزته، لا تؤدي الى قمع الاكراد وسلبهم حقوقهم، بل الى العكس، الى تعزيز مكاسب اكراد العراق، ماديا ومعنويا. وهذا يتطلب اتخاذ كل جانب من المعادلة موقفا ايجابيا ازاء الآخر:
ـ اولا، ان تقوم النخب العراقية، الحاكمة والفاعلة، السياسية والدينية والمثقفة، بنبذ كل الطروحات القومية والطائفية التي تعزل العراقيين عن بعضهم البعض، وان يتم التمسك بمفهوم الهوية العراقية والايمان الحقيقي والتفصيلي بانتماء جميع فئات وقوميات وطوائف العراق، الى خيمة عراقية واحدة، اسمها (الامة العراقية).. وان قيادات الدولة العراقية، يجب ان تكون مفتوحة يحق لابناء جميع الفئات المشاركة الفعالة بأدارتها.
ـ ثانيا، ان تبادر النخب الكردية العراقية، الى نبذ الطروحات القومية الانفصالية الانعزالية الامبراطورية، وتتحلى بالواقعية من خلال التمسك الحقيقي بالوطنية العراقية والانتماء الفعلي والضميري لمفهوم الامة العراقية الجامعة لكل طوائف وقوميات العراق. ويعول كثيرا في هذا السياق، على اليسار الكردي العراقي، ومعه الفرع الكردي للحزب الشيوعي العراقي.
خلاصة الكلام، ان هولاء الوطنيين العراقيين، اكراد وعرب وتركمان وسريان وغيرهم، يخاطبون مام جلال، واخوتهم في قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني، وجميع النخب الكردية، يسارية وقومية واسلامية:
(( آن الاوان يا اخوتنا، ان تستغلوا هذه الفرصة التاريخية وحاجة جميع العراقيين الى السلام والوحدة، ولكونكم الآن في موقع القوي المؤثر المباشر في الوضع العراقي، ان تبادروا، انتم ابناء جبال العراق، بلعب دوركم التاريخي الحقيقي، بقيادتنا نحن ابناء سهول العراق، نحو الوحدة الوطنية وبناء دولتنا العراقية القوية المستقرة.
نعم انتم اهل الجبال، يشهد لكم التاريخ، قدرتكم الطبيعية بقيادة اهل السهول، في حالة تخليكم عن عزلتكم الجبلية وانفتاحكم على باقي اخوتكم في الوطن.. فتعالوا، لننتمي معا الى هوية وطنية واحدة، ولنبني خيمتنا العراقية.
هذه هي فرصتكم التاريخية، يا مام جلال ويا اخوتنا في الاتحاد الوطني الكردستاني، ان تعلنوا تبنيكم للوطنية العراقية ورغبتكم بقيادة العراقيين، من خلال تحويل حزبكم(الاتحاد الوطني الكردستاني) الى(الاتحاد الوطني العراقي) ليكون حزبا وطنيا عراقيا مفتوحا لجميع العراقيين. وسوف تكونوا انتم شخصيا، كقيادات وكنخب، اول الرابحين، لا نكم ستربحون العراق كله، بسهوله وجباله واهواره وصحاريه.. بدلا من جزءه الجبلي المحدود..))..
ونرجو ان لا يعتبر هذا الكلام، لا نوعا من الخيال الساذج، ولا نوعا من المجاملة النفعية، بل كلاما عقلانيا واقعيا نابعا من ضمير وطني صادق باحث عن مصلحة جميع العراقيين، عرب واكراد وتركمان وسريان ويزيدية وصابئة وشبك..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن