الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب

علي قاسم مهدي

2007 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



ما بعد الإمبراطورية
عوامل انهيار النظام الأمريكي

ربما تنوعت الآراء حول موضوع انهيار الولايات المتحدة الأمريكية ، ولم يأتي هذا التنوع اعتباطا بل جاء مرتكزا على مبان ورؤيا واليات مستنبطة من الواقع السياسي والاجتماعي لحياة الولايات المتحدة الأمريكية , لاحت كلها في الأفق المنظور . وعندما تتجه التصورات نحو قراءة الهبوط المستمر في السياسية الأمريكية، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، تظهر التحليلات الناتجة أكثر حدة واتساع . لقد تناول المحللين والكتاب عوامل الانهيار الأمريكي ، أمثال نعوم تشومسكي وهو من أكثر الأمريكيين الليبراليين نقدا للسياسة الأمريكية .أما الفرنسي من أصول أمريكية إيمانويل تود ،صاحب الكتاب اللاكثر ضجة بالعالم (ما بعد الإمبراطورية - عوامل انهيار النظام الأمريكي ) فقد جاءت قراءة تود ، معتمدة على النتائج التي افرزها الواقع وعلى افرازاتها المستقبلية ،التي تؤكد بما لا يقبل الشك انحراف وتزحزح قوة التماسك لنظام أمريكا السياسي، متناولا في هذا الجانب البعد الاقتصادي وتأثيراته على الداخل الأمريكي ، وصعود دول وتكتلات تنافس القطبية الأمريكية ، وقد استطاع الكاتب أن يشخص تلك العوامل الاقتصادية المساعدة على الانهيار من خلال ما يتمتع به من أفق وأفكار واسعة ، حيث يعد من الدارسين والباحثين المتخصصين في الدراسات السكانية والعلوم السياسية والتاريخ ، ومن الملفت للنظر أن تود أدهش العالم بكتابه ( السقوط الأخير ) عام 1976 الذي تنبأ بتضعضع الاتحاد السوفيتي السابق ، ليس بسبب الضغوط الأمريكية الأوربية ، بل اعتمادا على تحليل علمي تناول من خلاله اتجاهات السكان في روسيا ، ومعدلات وفيات الأطفال العالية آنذاك ، كمؤشر على تدني المستوى الصحي وعلى اتجاهات الاقتصاد المنخفضة في الإنتاج وغيره . وخلص إلى إن هذا التعفن الداخلي للاتحاد السوفيتي سوف يعصف به في النهاية وانه مهما بدا عملاقا في الظاهر إلا انه في حقيقته عار تماما من العملقة . أما من جانب تناوله لأسباب انهيار الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديا، فقد أسهب في تحليلاته متناولها بالتفصيل الدقيقة ، وما له من دور كبير في انهيارا أمريكا. أن عجز أمريكا التجاري المزمن الذي يربو على 500 مليار سنويا قد ادخل مؤخرا تنافسية متدنية في مجالات كانت للولايات المتحدة زعامة فيها مثل الصناعات ذات التقنية العالية وتراجع الدولار الواضح في قيمته لذا يلوح في افقها عجزها التجاري، ويذهب كثيرون إلى إن تفوقها الاقتصادي ينبغي أن يضُمن عبر وزنها السياسي حيث يبقى مظهر ملائم منه هو تسعير النفط بالدولار. إن أمريكا وما تفعل هو مسألة تتفق برمتها مع مطلب رأسمالها الذي يعيد تفوقه بوسيلة الحرب وبإثارة عدم الاستقرار على نطاق عالمي، لذا يُعبّر مجلس الأمن القومي الأمريكي (مواردنا القومية من الخارج) إشارة وبشكل واضح إلى نفط الشرق الأوسط. ورغم كل هذا الواقع الأمريكي على الصعيدين الداخلي والخارجي، يرى التآكل الذي بدأ للتو يمخر بطن إمبراطوريتها اقتصادياً، وبات واضحاً . تحولها من منتج إلى مستهلك نهم لا يشبع ، فقد كان نصيبها من الناتج العالمي بعيد الحرب العالمية الثانية 40%وصار ألان 22% وهو رقم يساوي ناتج الاتحاد الأوربي ولا يمنح الولايات المتحدة تفوقا كبيرا . مما أحدث اختلال في الميزان التجاري لصالح الدول المصدرة لأمريكا وهذا دليل لعجز ميزانيتها الواضح بين عام 1991- 2001 من خمسين بليون إلى 500 بليون دولار . أما من ناحية الجانب السياسي والعسكري فهو يرى وعلى الرغم من امتلاكها أعظم ترسانة للسلاح ،لكن فقدان الثقة في جنودها وقدرتهم القتالية أصبح أمرا واضح للعيان ، حيث أن الولايات المتحدة ليست حتى بقادر على إدارة حرب واحدة دع عنك إدارة حرب في مسارح متعددة، وان الانسحاب من غزة وكسر إيران القواعد النووية كل هذه علامات حيوية ومؤكدة بشكل لا يقبل التأويل ينبغي ملاحظتها ضمن شروط الهيمنة والصراع الذي بدأت تفقده الولايات المتحدة. ومن الأدلة التي تؤكد بالدليل فقدانها للسيطرة المركزية المطلقة،هو بقائها في العراق لأنها لا تملك من القوة في مواجهة أي واقع سياسي في مناطق أخرى من العالم ومن المتوقع أن تبقى إلى مدة أطول لكي لا تشعر بالحرج الذي بدأ يقلقها. وهذه ليست نظرة تطرف في زوال أمريكا حسب رأي الكاتب لأنها ستصبح غير قادرة على مواصلة دورها الخارجي بسبب نمو الدول الأخرى اقتصاديا مما يربك الداخل الأمريكي، وستظل مشغولة به ( أي الداخل ) وسوف يضعف دورها العالمي ، ويأخذ مثال على ذلك نمو كتلة ما يسمى ( اوراسيا ) التي تضم أوربا وروسيا واليابان والصين . وان الخمسين سنة الممتدة من الحرب العالمية الثانية إلى عام 1990امريكا هي الدولة العظمى دون منافس . ولكن خلال العقدين الماضيين دخلت مرحلة ما بعد الإمبراطورية . وأنها تسير نحو الهرم والضعف بخطى حثيثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم