الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة اختبارت التنفيذ الأمريكية والأمن الأقليمي المفقود

يونس العموري

2007 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تأتي الخطة الإمريكية المطروحة بالظرف الراهن على شكل وثيقة اختبارات التنفيذ في سياق تقزيم القضية الفلسطينية والتعاطي معها من خلال الأجندات الأمنية من منظور السياسة الإمريكية للمنطقة فقط لا غير... وكأن هذه القضية قد اضحت ذات ابعاد امنية وفي احسن الأحوال انسانية لتُختصر بذلك حقيقة وجوهر مسألة الصراع وتحييد البعد السياسي لها وانهاءه وذلك على قاعدة التعامل مع وقائع القضية الفلسطينة من بوابة الفعل الأمني والنظر الى الساحة الإقليمية ككل من خلال إشكالاتها الأمنية في حين تتناسى الإدارة الإمريكية ان جملة من الأسباب تقف وراء التوترات الأمنية في المنطقة على رأسها سياسات الإحتلال وممارسته في المنطقة سواء أكان ذلك في الأراضي الفلسطينية او في العراق وحتى على الساحة اللبنانية الأمر الذي يعني ان ثمة اشكالات قد خلقتها السياسات الإحتلالية في المنطقة ومن الطبيعي ان ينجم عنها مثل هكذا توترات أمنية والطبيعي ايضا ان معالجة الملفات الأمنية لا يمكن ان يتأتى دون تناول المسألة السياسة برمتها حيث ان الإنهيار الأمني (اذا ما جاز التعبير) ردة فعل طبيعة في ظل الفعل الإحتلالي ذاته...
واذ تجيء ما يسمى بوثيقة اختبارات التنفيذ الإمريكية والتي تتضمن جدولا زمنيا مفصلاً لتنفيذ خطوات متبادلة، بهدف تسهيل حرية تنقل الفلسطينيين، مقابل اتخاذ خطوات لتعزيز الأمن في الضفة الغربية. فإنها تهمل الوقائع السياسية الفعلية والحقيقية وتهدف فيما تهدف اليه زيادة التوتر الداخلي فهي تتحدث عن تعزيز الأمن الداخلي الفلسطيني من خلال دعم الأمن الرئاسي بالعتاد والسلاح والإمكانيات اللوجستية... ويشتم من وراء هكذا دعم محاولة اعادة تأجيج الخلافات الفلسطينية الداخلية ما بين ممالك الأجهزة الأمنية وتوابعها وبذات الوقت فإنها توكل مهمة انهاء الفعل المقاوم للطرف الفلسطيني ممثلا بأمن الرئاسة بمعنى محاولة اعادة التوتر الفلسطيني بشكل او بأخر على الساحة الداخلية وهو ما راهنت وما زالت تراهن عليه الإدارة الإمريكية على المستوى الإقليمي ككل.. وهو ما يبدو واضحا وجليا في المشهد العراقي حيث فعل القتل والتدمير على الهوية المذهبية والطائفية بتشجيع ودعم امريكي وممارسة لفعل القتل العبثي لتكون المحصلة فعل العزل للمذاهب وللطوائف في العراق بذريعة الحد من (الفعل الإرهابي ) وبالتالي جاء سور الأعظمية كخطوة أولى على طريق تقسيم وتفتيت العراق... وهو الهدف الإستراتيجي لسياسات الإحتلال الأمريكي....
ان مجمل بنود وثيقة (اختيارات التنفيذ الأمريكية) تنطوي على استهتار واستخفاف بحقوق الشعب الفلسطيني ونضاله العادل والمشروع، وتدخلاً سافراً في شؤونه الداخلية ووسيلة لزرع بذور الفتنة والحرب الاهلية بين أبناء وقوى الشعب الواحد، وتمثل الرد الأمريكي على القمة العربية ومبادرتها العتيدة. وهي بذات الوقت أسلوباً ومدخلاً أمنياً للتعامل مع القضية الفلسطينية، في إطار المفهوم الأمريكي الإسرائيلي لمحاربة ما يسمى بالإرهاب، وتعكس تنكر الإدارة الأمريكية لحقوق الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع لتصفية الاحتلال والاستيطان ونيل حقوقه في العودة والاستقلال الوطني وتقرير المصير.كما انها تأتي في سياق الخداع والتضليل التي تتبعها الإدارة الأمريكية للتغطية على عدوانها واحتلالها للأرض العربية، ودعمها لعدوان وإرهاب وعنصرية دولة الاحتلال الإسرائيلي، ونشاطها المحموم لتوظيف الدول العربية في إطار إستراتيجيتها لضرب المقاومة العراقية والعدوان على إيران تحت شتى الذرائع والمبررات وتقويض مراكز الصمود والممانعة العربية ، لبناء ما يسمى بالشرق الاوسط الأمريكي–الإسرائيلي الجديد .
واذا ما تناولنا الموقف الإسرائيلي من هكذا خطة فمن الطبيعي ان تسارع اسرائيل الى رفض المبادرة وفي احسن الأحوال التحفظ على الكثير من بنودها ولا شك ان هكذا سيناريو من الممكن ان تتم مناقشته مع ادارة البيت الأبيض في سبيل محاولة ابتزاز الطرف الفلسطيني الرسمي الذي يطوق للإمساك بأي شيء من الممكن ان يتخيل انه قد يشكل انجازا على الأرض يتم تقديمه للشعب الفلسطيني على انه نجاحا في تخفيف القيود في الأراضي الفلسطينية وهو الأمر البعيد عن حقيقة الواقع الفلسطيني المعاش... وبذات الوقت فإن حكومة اولمرت الضعيفة والتي تعاني من انهيارات في مداميكها البنيوية الداخلية لا تستطيع ان تتمظهر بالقدرة على تسويق المبادرات بالظرف الراهن مع العلم ان الإدارة الإمريكية ذاتها كانت ولا زالت بحاجة لهذه المبادرة من باب خدما سياساتها المتعثرة اصلا في المنطقة وكما هي عادة ساسة البيت الأبيض يحاولون في كل مرة تتعثر فيها مشاريعهم وتواجه الإخفاقات او الأزمات ان يهربوا بإتحاه القضية الفلسطينية وتقديم شيء من الفتات الكلامي والتصريحات التنظيرية الهادفة الى كسب الوقت وتسويق الفعل الإمريكي في المنطقة وتدعيم عروش الأنظمة الدائرة في الفلك الإعتدالي.... وبإعتقادي فإن مبادرة اختبارات التنفيذ الأمريكية تحاول ايضا تسويق الفعل العربي الإعتدالي في المنطقة من خلال منح هوامش للتحرك العربي الرسمي بالإتجاه الفلسطيني... وهو الأمر التي باتت الكثير من الأنظمة العربية بحاجة اليه في الوقت التي اخفقت فيها سياساتها بتحقيق اي شكل من اشكال الإختراق في السياسة الإقليمية المؤثرة بعد صمود المحور العربي الممانع والمقاوم على الساحة العربية وبعد ان منيت المبادرة العربية للسلام بالكثير من الإنتكسات جراء المواقف الإسرائيلية وحتى الأمريكية وبالتحديد بعد فشل عدوان تموز على لبنان...
مسألة اخرى لابد من ايرادها في هذا السياق وهي حقيقة وطبيعة التوجهات التي باتت الأدارة الأمريكية التعاطي من خلالها مع المنطقة وقضاياها حيث اصبحت رؤيتها للقضايا السياسية الإقليمية مختزلة فقط بالمسألة الأمنية ضاربة بعرض الحائط كل اشكال الأصول واللياقة السياسية واحترم الشعوب واحقيتها في تقرير مصائرها وليس أدل على ذلك سوى اجتماع رايس مع مدراء الأجهزة المخابراتية العربية الإعتدالية واليوم تجيء هكذا مبادرة لتثبت طبيعة الرؤية الأمريكية للمنطقة.... وهي تعلم تماما ان احد اسباب التداعيات الأمنية وانهيار منظومة الأمن والسلم الأهلي المجتمعي في الكثير من دول المنطقة عائد بالأساس لطبيعة السياسات الأمريكية بشكل او بأخر ولطبيعة توجهات انظمة الحكم المدعومة امريكيا بذات الوقت ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و